اقتصادنا الوطني.. والموازنات الضخمة!! بقلم أحمد بن عبدالرحمن الجبير
الاقتصاد الآنديسمبر 27, 2012, 3:21 م 422 مشاهدات 0
(ليس أمامنا من حل إستراتيجي إلا بالإنتاج الصناعي) تُذكِّرني هذه العبارة بنصيحة الرئيس الأمريكي (بيل كلينتون) لبلادنا بأن نقلِّص اعتمادنا على النفط، وأن نُنشئ صناعات جديدة وإستراتيجية، ذلك لأن أعداد المبتعثين والمتعلمين اليوم على مقاعد الجامعات والدراسات العليا، سيجدون أنفسهم بلا عمل، ومن ثم نصب جام غضبنا على العمالة الوافدة، وكأنها السبب..
.. وليس التخطيط الإستراتيجي الذي أخفق في جعل الدراسات أمراً تطبيقياً واقعاً.
على الجميع أن يعي بأن ميزانيات الخير التي ساقها الله لبلادنا يجب أن تعلمنا فلسفة إدارة وتوظيف الأموال، كي لا نجد أنفسنا أمام تحديات هي قادمة لا محالة، فعدد السعوديين اليوم يتجاوز 25 مليوناً، وهم في السنوات العشر القادمة 35 مليوناً، فكيف سيكون مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة، ماذا خططنا وأعددنا لهم، وهل يكفي التعليم دون تدريب وتأهيل، ولماذا يرى الخبراء أن جامعاتنا تخرِّج طلبة فاشلين من الناحية العملية؟
نحن اليوم نستهلك ثلث ما ننتج من نفط، ولكن ماذا عن السنوات العشر القادمة، وأين هم مسؤولو التخطيط والاقتصاد؟، مشكلتنا نحن السعوديين أننا نكذب على أنفسنا، وما إن نصبح مديرين حتى يكون الوطن والمواطن في أدنى سلم اهتماماتنا، فالمسؤولون في بلادنا يبحثون عن الإعلام فقط، ولدينا أكثر مؤسسات في العالم تتسلم دروعاً فضية ونحاسية وزجاجية، ونحن ندرك في داخلنا أننا نعيش الوهم، والخداع، وتظهر وسائل إعلامنا بأن هذه هي المؤسسات الوطنية، وفي الحقيقة هي دروع بلا معنى وبلا ثمن!!
عندما نقرأ تقارير عن التطرف والإرهاب، فإن جميع الخبراء يشيرون إلى العشوائيات، إلى ضعف العوامل التربوية، إلى ضعف الترابط الاجتماعي، وغياب وسائل الإنتاج، التي يندمج فيها الشباب ويحققون ذاتهم، وتتحول سلوكياتهم وثقافاتهم، أين هي خطط التنمية ليس في المدن الرئيسة، وإنما في القرى والهجر؟، لكن البيروقراطية في القرار الاقتصادي، جعلت ثمة حجاباً كبيراً بين المسؤول والمجتمع، رغم أن خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - قالها مراراً: أوصيكم بالمواطن خيراً، وللأسف بعض المسؤولين لا يعرفون بلادنا ويجهلونها أيضاً، لأن قصّ الأشرطة والخروج على الإعلام هدف إستراتيجي في ظل غياب المتابعة والمساءلة.
ليس لدينا قابلية على العمل، ولهذا نبحث عن الحلول السهلة، رغم أن (كبار السن) من أصحاب التجارات المرموقة تعلموا كل شيء بأيديهم، وجرّبوا كل شيء في ظروف اقتصادية غاية في الصعوبة، وتعلموا دروساً من الحياة جديرة بالاهتمام، لكن تعليمنا العام، وشركاتنا تجعل من أبنائنا مجرد ديكورات شكلية، بينما من يقوم بالأعمال آخرون.. ليست مشكلة هؤلاء أنهم يعملون، لكن مشكلتنا نحن في ثقافتنا غير العملية والعلمية التي تميل إلى (الترزز) على حساب مهارات وسلوكيات كثيرة.
هذه الظاهرة سوف تندثر وأصبح المواطن يطرح المزيد من الأسئلة المحرجة على المسؤولين والمعلومات لم تعد حكراً لأحد، بل تتكشف الأوراق، وتسقط كثيرٌ من الشخصيات في أخطاء ارتكبتها، ولعل ما نشهده في الإعلام الجديد من سخرية وتهكُّم على المسؤولين، ونقد لهم مؤشر على مساحات من الوعي لدى المواطن، فالدولة - أعزها الله - تقدم ميزانيات ضخمة وهائلة للوطن والمواطن، والسؤال دائماً كيف ينفذ المسؤولون ويطبقون ويترجمون هذه الموازنة العملاقة على أرض الواقع؟.. فالكل عليه أن يتحمَّل مسؤوليته وأمانته التي أقسم عليها أمام الله، وأمام خادم الحرمين الشريفين، فهل نتعظ من غيرنا؟!!..
تعليقات