المصالحة الوطنية الطريق الأمثل لحل الأزمة.. هذا ما يراه المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 612 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  المصالحة الوطنية

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

ليس مستغرباً أن يختلف الشعب بشأن قضية معينة سياسية، اقتصادية، دستورية أم اجتماعية، فذلك دليل عافية في المجتمعات المتحضرة، بل ليس غريباً أن يكون هذا الاختلاف موضعاً للحوارات والمناقشات الساخنة وللمظاهر المتعددة في التعبير عن الرأي، مثل المقالات والتغريدات والتجمعات السلمية، فكل ذلك مظهر طبيعي للاختلاف بالرأي، ويعبر عن حيوية المجتمع وسلامة الحالة السياسية فيه.

لكن من المستغرب حتماً هو أن يكون التعاون مع هذا الاختلاف بوسائل وأساليب تعمّقه وربما تحوّله إلى انقسام مزمن ومضر بالمجتمع، فلابد من إفساح المجال إلى أقصى الحدود لحريات التعبير عن الرأي، باعتبارها العمود الفقري للنظام الديموقراطي، كما تعبر عن ذلك المذكرة التفسيرية للدستور، وهذا لا يعني التساهل مع مظاهر الفوضى والإثارة والتحريض التي قد يندفع إليها البعض بقصد أو دون قصد، ذلك أن حماية المجتمع وأمنه واستقراره مسألة في المقابل لا يجوز التهاون بشأنها.

غير أنه من المستغرب حقاً أن يفتح ملف الملاحقات الأمنية والتهويش بأدوات قمع الرأي من خلال تشديد المراقبة أو تزايد مظاهر القمع والإيقاف أو كثرة الإحالات إلى النيابة، بل الأسوأ من ذلك كله التعامل بانتقائية مع مؤسسات الرأي من صحف وقنوات بهدف التضييق على الرأي المعارض وعدم المحاسبة القانونية مع تجاوزات الرأي الموالي، فتلك، لعمري، حالة صارخة في الانحراف في استعمال السلطة وقمع الحريات، وهو أمر يتناقض مع بديهيات أحكام الدستور وأساسيات النظام الديموقراطي وحكم المحكمة الدستورية رقم 1 لسنة 2005.

كما أنه من المستغرب، أيضاً، أن نترك مظاهر الانقسام بالمجتمع تأخذ مجراها، فالسلطة والحكومة من جهة تتعامل مع الوضع الراهن بمنطق أن الواقع هو ما ينبغي أن يسود على الناس، وهو منطق مقبول في الأحوال الطبيعية، لكنه سلبي وربما خطر في الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها البلاد اليوم بسبب الانقسام، خصوصاً أن منطلقاته في حقيقتها فقدان الثقة في الحكومة على إحداث الإصلاح أو انتهاج برنامج تنموي متكامل، منطلقاته الشفافية والعدالة والحياد في تطبيق القانون ومحاربة الفساد ومظاهر التسيب السياسي والإداري من جهة، ومواجهة التمرد على القانون دون تمييز أو محاباة أو مراعاة من جهة أخرى، وهو ما يحمل الحكومة مسؤولية وعبئاً في تبديد حالة عدم الثقة فيها.

في المقابل، على المعارضة أن تعي أن بناء البلد لا يتوقف على مرحلة تغيير نظام انتخابي، بل ولا حتى على حضور أو غياب سياسي لأي طرف أو فئة من البرلمان، بل على التواجد الفاعل والإيجابي من قوى المعارضة بفتح القنوات التي تعيد الحكومة بل والسلطة إلى مسار التعامل المتعدد والطبيعي مع كافة شرائح المجتمع.

خلاصة لما سبق، فإن المصالحة الوطنية، التي تجد في الحوار سبيلاً لها، واحترام الرأي والرأي الآخر منهجاً، هي الطريق لإخراج البلد من الوضع السياسي الراهن.

وألفت أخيراً إلى استغرابنا من عدم نشر الاتفاقية الأمنية والتكتم عليها، وهي التي لا قيمة دستورية لها إذا خالفت المادة 70 من الدستور، أو إذا لم يصادق مجلس الأمة عليها.

اللهم إني بلغت،

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك