التحدي سيؤدي لتحدٍ أعنف والنصر دائماً للشعوب - برأي د.أحمد الخطيب

زاوية الكتاب

كتب 2618 مشاهدات 0

د.أحمد الخطيب

كأننا نعيش في حلم مرعب لا نصدِّق ما نراه من تصرُّفات شاذة، على جميع المستويات، لم نعهدها قط في بلدنا الكويت، ولم نسمع عمَّا يماثلها في تاريخنا الطويل.

فبعد أن تحوَّلنا إلى دولة فاشلة في كل المجالات، ووفقاً للمقاييس الدولية المهمة، عمَّ فيها الفساد، حتى أصبح أمراً طبيعياً ومعترفاً به، ويتحتم التعايش معه. بعد كل هذا فوجئنا بما لم نحلم به، من تدهور لقيمنا ولتقاليد كنا نفتخر بها عقوداً طويلة، عندما كنا ملاذاً لدعاة الإصلاح في المنطقة، للمضطهدين في بلدناهم ينعمون بكرم الضيافة من أهلنا، على الرغم من كوننا تحت الحماية الأجنبية.

الآن، أصبحنا وكلاء للأنظمة المستبدة في معاقبة المصلحين في بلادهم، حتى الذين لا يُلاحقون في بلدهم ويتحرَّكون فيها بحرية، نجدهم يتعرَّضون عندنا للتوقيف والتحقيق والإهانة وعدم السماح لهم بدخول الكويت. والمخجل أن كُتباً لبعضهم تباع في بلادهم، وتُمنع في الكويت، من دون أن تكون للمادة التي فيها أي تعرُّض لأوضاعنا!
لقد أصبحنا «البوليس» الرسمي لهذه الدول، نقوم بمعاقبة كل من يدعو إلى الإصلاح، بعد أن كنا حماة للإصلاحيين، ونتحوَّل إلى ما يشبه «ممشة زفر» لهذه الأنظمة.

فلا نستغرب إذن ما نشاهده الآن على الساحة الكويتية من التضييق الشديد على الحريات ومطاردة ومعاقبة الشباب المسالم المطالب بالإصلاح، كما يجب ألا نستغرب التعذيب الذي يلحق بهم على أيدي بعض رجال الأمن، ممن لا إنسانية لديهم، على الرغم من التصريحات المتكررة للمسؤولين بالاهتمام بالشباب والاستعداد للاستماع لهم وتلبية مطالبهم المشروعة، فحرموا من حقهم الدستوري الواضح في التجمُّع والتظاهر أو الاعتصام أو ما شابه ذلك، مادام هذا الحراك يجوز سلمياً، ولا للسلطات أن تقول إن ذلك يجب أن يتم وفق قوانينهم غير الدستورية أو أوامرهم «الهيمايونية».

لماذا يتم استفزازهم ويُواجهون بوحشية مُفرطة؟

لماذا تُعطى الصلاحيات لعناصر متوحشة لتتحدَّى رؤساءها وتلقى التأييد والمكافأة، لا، بل تُنتقى لتُرسل للخارج، للتدريب على الطرق الحديثة في التعذيب؟

وقوائم الشباب من المرشحين للتعذيب والتحقير والتوقيف طويلة وتمدد من دون مبرر، وكل ذلك لإشاعة الرعب بينهم.
اسألوا بشار الأسد عن نتيجة هذه السياسة التي تم التعامل بها مع حراك طلاب درعا، وما أدَّت إليه.

الظاهر أن الزيارات المتبادلة بين بعض مسؤولي المنطقة وأميركا وأوروبا أسفرت عن تفاهم معيَّن، يقضي بأن يسمح للمسؤولين في المنطقة أن يلتزموا بـ«كوتا» محددة في التعذيب والقتل، كل وفق حجم سكانه، من دون التعرُّض للمساءلة، وذلك مقابل المساعدة على تخفيض المعاناة المالية التي تعانيها هذه الدول، فيُستفاد من تضخيم إيرادات النفط المتوافرة حالياً، وضمان أسعاره، بما لا يشكِّل عبئاً على هذه الدول، في حين تتحمَّل شعوب هذه المنطقة الثمن الذي نراه حالياً.

ألا يرى كل ذي عقل أن ما يحصل هو محاولة بائسة لوقف مسيرة التاريخ، وأن النصر الأكيد للشعوب، وأن هذا التحدي سوف يؤدي إلى تحدٍ أكبر وأعنف مما هو حاصل؟!

ألا يُدرك بعض المسؤولين ممن يملكون الحكمة أن رعونة بعضهم لن تؤدي إلا إلى الدمار والخراب؟

ولا نقول إلا «حسبي الله ونعم الوكيل».

الله يستر!

ما ذكره أوباما في خطابه الأخير حول تطوُّر قدرات الولايات المتحدة في مجال إنتاج النفط والغاز، واستغنائها عن دول الخليج النفطية، أثار قلقاً وهاجساً لدى «الربع» في المنطقة.

د.أحمد الخطيب

الطليعة

تعليقات

اكتب تعليقك