رياح التغيير قوية في المنطقة.. هذا ما يراه نصار الخالدي

زاوية الكتاب

كتب 1196 مشاهدات 0


الكويتية

كرامة أمة  /  مروجو الوهم الأمني.. والدبلوماسية الخليجية المفقودة

نصار الخالدي

 

حسمت نتيجة الاستفتاء على الدستور المصري موقف الشعب هناك، إذ صوت 65 بالمئة منه بالموافقة على الدستور، الذي جندت قوى النظام السابق كل إمكانياتها وإمكانيات جيش إعلامي كبير لإسقاطه، ومن ورائه إسقاط الرئيس المصري د. محمد مرسي.
الشعب المصري حسم أمره، لكن فلول نظام العمالة والاستبداد السابق، والخاسرين في اللعبة الديمقراطية مازالوا يمنون أنفسهم بإسقاط شرعية الثورة المصرية، وحتى لو تم معها إسقاط مصر في مستنقع الفوضى، وهؤلاء يستمدون قوتهم من ماكينة إعلامية كبيرة داخل مصر وخارجها، ومن دعم خارجي- وخليجي تحديدا- وفق ما يتردد في الشارع السياسي المصري.
يذكر أن نائب رئيس حزب الحرية والعدالة في مصر الدكتور عصام العريان، قال في 21 يونيو الماضي: إن الإعلام المصري تسيطر عليه أموال الخليج بنسبة 80 %، وإن هذا الإعلام ينشر الأفكار والتوجيهات السياسية لمالكيه.
ما يهمنا هنا أن الموقف الخليجي غير مفهوم، والذي برأينا واقع تحت تأثير أوهام أمنية دأب على ترويجها كبار فلول نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك، والمقيم أغلبهم في دولة الإمارات، وعلى رأسهم الفريق أحمد شفيق ورفاقه الفارون والمطلوبون للقضاء المصري في قضايا فساد كبيرة.
ما إن انتهت الجولة الأولى من استفتاء الشعب المصري على الدستور وبدا واضحا اتجاه الموقف الشعبي، حتى خرج أحمد شفيق على إحدى الفضائيات الخليجية في 21 ديسمبر الجاري كمن فقد عقله ليقول: أياً كانت نتيجة الاستفتاء على الدستور نعم أو لا، في كل الأحوال الدستور مرفوض، لأنه أقيم بأسلوب غير شرعي! ولوح بحرب شوارع في مصر، وأن الرئيس مرسي سيفقد شرعيته قريبا.
في هذا المنعطف الخطير من تاريخ العالم العربي بدأت دولنا الخليجية، التي عرفت دائما بدبلوماسيتها الناعمة وبحكمتها وهدوئها، تفقد هذه الصفة، وظهرت الدبلوماسية الخليجية وكأنها تغيب عن التأثير في الأحداث العربية، وخصوصا بعد وقوعها تحت تأثير مروجي الأوهام الأمنية من بقايا النظام المصري السابق، والذين دأبوا على تخويف قيادات هذه الدول من رياح الربيع العربي، متناسين أن استقرار دولنا وبنية أنظمتها السياسية، تختلف كليا عن نظم الاستبداد العسكري الذي ثارت عليه الشعوب العربية، إضافة إلى المساحات الكبيرة من الحرية واحترام حقوق الإنسان في البلدان الخليجية، وقدرتها على الإصلاح الذاتي المستمر بفضل قرب حكامها من شعوبهم، وهو ما لم يكن متوفرا في بلدان الثورات العربية.
إن الخطر الحقيقي على نظمنا السياسية المستقرة لا يأتي من رياح الإصلاح التي تهب في المنطقة، بل من الانجرار وراء مروجي الوهم الأمني والساعين إلى استثمار إمكانيات دولنا الغنية في ضرب التجارب الديمقراطية التي بدأت تولد عقب ثورات الشعوب، وعلى رأسها التجربة المصرية.
رياح التغيير قوية في المنطقة، وتيار الإصلاح كالسيل الذي تغذيه أمطار الربيع العربي لا يمكن الوقوف أمامه بسدٍّ من الرمال، بل لا بد من مواجهته بالإصلاح الهادئ الذي طالما عرفت به دول الخليج، إضافة إلى توظيف الدبلوماسية الناعمة في إزالة المخاوف الناشئة، واستخدام فطرة أبناء الجزيرة وحكمتهم في فهم متطلبات الإصلاح، وبناء جسور الحوار والتفاهم مع الشعوب، وإلا خسرت هذه الأنظمة أكبر نقاط قوتها وهي توافقها الحقيقي مع شعوبها، وخصوصا أن محاولات الانجرار وراء بقايا أنظمة القمع المنهارة، وتوظيف الأموال لضرب التجارب الديمقراطية الوليدة، قد يخلق موجة مرتدة، وينعكس على دولنا في هذا المحيط المتلاطم.

* * *

بتاريخ 8 أكتوبر الماضي قال وزير خارجية الإمارات الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان خلال مؤتمر صحافي: «ليس غريبا أن يقوم الإخوان المسلمون بالعمل على اختراق هيبة الدول وسيادتها وقوانينها»، داعيا الدول الخليجية للتنسيق في مواجهة «خطرهم».
بتاريخ 17 ديسمبر قال الأمين العام للإخوان المسلمين في مصر الدكتور محمود حسين: لدينا تأكيدات على وجود مؤامرة كبرى للانقلاب على حكم الرئيس محمد مرسي، وكان عضو الجماعة محمد مسعد ياقوت قد قال: إن بعض قيادات جبهة الإنقاذ بالتنسيق مع أحمد شفيق، وخلية خليجية في دبي، يعدون لمؤامرة ضد حكم الرئيس مرسي.
إذا كان هذا أول الغيث في العلاقة مع شعوب الربيع العربي، فإلى أين نحن ذاهبون؟

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك