صناديق الاحتياط تراهن بنجاح على إعادة شراء السندات اليونانية بقلم سام جونز
الاقتصاد الآنديسمبر 24, 2012, 2:27 م 666 مشاهدات 0
في فيلم كلاب المخزن لكوينتن تارنتينو, يهرب بينك بالألماس، بينما يترك شركاءه ينزفون ويموتون.
عندما بدأ دانيال سيث لوب عمله كمدير لصندوق احتياط في التسعينيات, كان قد اعتاد الدخول خلسة إلى غرف الدردشة الاستثمارية ويراسل مجالس الإدارة، وذلك بشخصية مستعارة تدعى بينك.
وكان لوب يتهرب دوما من السؤال عن هويته الحقيقية, فكان يتمسك بشخصيته المستعارة, ويبدو أنه كان ملتزما بذلك.
ففي هذا الأسبوع أصبح لوب ''51 عاما'' من أنجح المستثمرين في وول ستريت, حيث قام برفع 500 مليون دولار غير متوقعة عن كاهل عملائه في صفقة إعادة شراء سندات مع الحكومة اليونانية.
لقد استنزفت العديد من صناديق الاحتياط لمحاولتها لعب دور في أزمة منطقة اليورو, إلا أن صندوق ''ثيرد بوينت'' للوب لم يكن من بينهم.
التجارة في سندات الحكومة اليونانية التي شهدت قلة من المستثمرين الأذكياء الذين قاموا بمضاعفة أموالهم, تعتبر واحدة من أنجح رهانات صناديق الاحتياط منذ عامين, وهي الفترة التي كان يكافح خلالها مديرو صناديق الاحتياط لاستكشاف الأسواق الصاعدة محققين عائدات هزيلة.
مع معاناتها من عملاء قلقين, تخلت صناديق الاحتياط عن المخاطر الكبيرة, وهو اتجاه في المراهنة كان قد حقق لتلك الصناعة شهرتها, ففي هذه الأيام لن يكون جورج سورس قادرا على إقناع مدير المخاطر بوضع رهان بقيمة مليار دولار أمام الجنية الاسترليني, الذي شهده يفلس بنك إنجلترا في الأربعاء الأسود عام 1992.
يُصدم المديرون عندما تتوافر فيهم الإرادة ليكونوا ذوي جرأة, فجون بولسون الذي ربح المليارات من إعادة الشراء بأقل من ثمن البيع في سوق العقارات الأمريكية عام 2007 خسر مئات الملايين هذا العام عندما أعاد شراء سندات ألمانية.
إلا أن الرهان على اليونان يعتبر من الاستثناءات النادرة, فهؤلاء الذين راهنوا على أثينا تبين أنهم رابحين.
يقول هانز هومس مؤسس ''جريلوك كابيتال'' وهو من أول صناديق الاحتياط التي استثمرت في السندات اليونانية: ''عندما تفكر الآن في الماضي, فإن كل شيء يبدو واضحا, ولكنهم سخروا منا في ذلك الوقت, فلقد تعرضت لانتقاد شديد في شهر حزيران (يونيو) عندما أخبرت عن مناسبة الوقت لشراء السندات اليونانية, وأن الأمر يُدرك بسهولة ويسهل فعله ولكن الناس كانوا متشككين وخائفين.
ولقد ربح عملاء ''جريلوك كابيتال'' 30 في المائة عائدات على رؤوس أموالهم, وهو أكثر بست مرات مما ربحه صندوق احتياط عادي.
ثم جاء صندوق ''ثيرد بوينت'' لاحقا رغم أن أعماله التجارية كانت أكبر.
لقد كان أسلوب لوب بمثابة مفاجأة صغيرة لهؤلاء الذي يعرفون أسلوبه, فلقد خسر لوب معظم أمواله عام 2008 مثل معظم مديري صناديق الاحتياط, إلا أن اليونان أعادت له سمعته كمراهن كبير وجريء التي اكتسبها على مدار عقدين.
لقد انطلق لوب إلى الصدارة لأول مرة عبر تقارير نقدية لاذعة من قبل مجالس إدارة الشركات والتنفيذيين وذلك في خطابات منشورة علنا, فكان من ضمن ناقديه مديرون تنفيذيون كمديرين رئيسيين للقيمة وحاملي أسهم بالوراثة كأعضاء في نادي الموني المحظوظ وأعضاء مجالس إدارة ضعفاء كاشتراكيين يترددون دوما على ناد شعبي. ولقد زادت سمعته سوءاً هذا العام عندما نظم انقلابا ضد الرئيس التنفيذي لشركة ياهو متهما إياه بتجميل سيرته الذاتية.
وعلى الرغم من تصدر لوب لمعظم العناوين الرئيسية, إلا أن ''ثيرد بوينت'' لم يكن الصندوق الوحيد الذي كان له اهتمام باليونان, فلقد زارت مجموعة من محللي 15 صندوقا احتياطيا أثينا في العشرين من شهر أيلول (سبتمبر) كجزء من عرض سريع لمدة يومين نظمت الزيارة شركة الوساطة اللندنية، ''اكسوتيكس''.
إلا أنهم لم يلاقوا ترحيبا مبشرا بنجاح, فكان هناك إضراب لمدة 24 ساعة أوقف المواصلات العامة والسيارات في شوارع أثينا, وفي ميدان سينتاجما تظاهر موظفو المترو ضد تخفيضات الإنفاق، حيث حملوا مشنقة تتدلى منها دمية تتأرجح من حبل المشنقة.
فكان جدول الزيارة يتضمن مقابلة مع بعض كبرى الشركات اليونانية ووكالة إدارة الديون والقيادين في الحكومة، ومنهم اثنان من أقوى شخصيات الوزارة وهم وزير التنمية كوستيس هاتزيداكسي ونائب وزير المالية، كريستوس ستاكوراس.
وبعد هذه الاجتماعات عاد العديد من المحللين للطوابق التجارية في لندن ونيويورك باستنتاج متضارب يفيد باعتبار اليونان فرصة كبيرة للاستثمار رغم كونها دولة منبوذة وضحية للاستنزاف المستمر والضخم لرأس المال العالمي. وفي الحقيقة كان الوزراء اليونانيون والمصارف اليونانية سعداء بذهاب وقدوم مديري صناديق الاحتياط. فلقد سمحت سياسة حكومة الائتلاف اليميني لأول مرة بولوج جميع المستثمرين وصناديق الاحتياط الى أعلى المستويات, وذلك على عكس الحكومة السابقة، حيث شيطنة التجار واعتبارهم مضاربين أشرارا.
وكان صندوق ''ثيرد بوينت'' من أوائل صناديق الاحتياط التي زارت أثينا, حيث بدأ في قنص السندات اليونانية في شهري تموز (يوليو) وآب (أغسطس).
كان الصندوق يراقب اليونان عن كثب لبعض الوقت, إلا أن المحللين كانوا مهتمين جدا بمدى انخفاض قيمة تجارة السندات بعد إعادة هيكلتها في شهر آذار (مارس).
ووسط مخاوف من خروج أثينا من منطقة اليورو, استمر هبوط أسعار مجموعة جديدة من السندات وهي عبارة عن سلة من الأوراق المالية ذات فترات استحقاق متباينة لمستثمرين تلقوها بدلا من سنداتهم القديمة في إعادة الهيكلة.
وبدا هذا سخيفا, يقول جوليان آدامز وهو المدير التنفيذي لصندوق احتياط سوق صاعدة يدعى ''ادلانتا است مانجمنت'' الذي حقق أرباحا كبيرة من خلال السندات: ''لم أر أبدا عملية إعادة هيكلة لديون تكون فيها قيمة الديون الجديدة أقل من القديمة, وستسجل تلك الهيكلة في التاريخ على أنها غاية في التطرف''. أما بالنسبة لـ''ثيرد بوينت'' فكان الولوج للحكومة ذا أهمية, فالانطباع الذي اتخذه الصندوق يفيد بإعداد رئيس الوزراء لخطة مشابهة تماما لخطة البرتغال, ولا يوجد من يتحدث عن الانفصال عن منطقة اليورو. يقول جورج زويس رئيس الأسهم اليونانية وأسواق رأس المال لدى شركة ايكسوتكس للوساطة المالية: ''إن جزءا من المشكلة يكمن في كونك خارج البلاد، حيث ستجد وجهة نظر متحيزة بعض الشيء, أما على أرض الواقع فستجد وجهة نظر مغايرة تماما, وستتفهم تفاصيل الموقف''.
ويضيف قائلا: ''إن هناك الكثير من حسن النية, ولقد أدرك المستثمرون أن الحكومة أكثر تفاعلا''. وتتفق الحكومة مع ذلك, حيث يقول أحد المسؤولين: ''إنه من المهم أن ننشر رسالة تفيد دعمنا''. وعندما بدأ ''ثيرد بوينت'' باقتناص السندات اليونانية في الصيف, كان هناك نقص في البائعين, فالمصارف الأوروبية وخاصة الفرنسية منها كانت في أشد الحاجة إلى التخلص من أسهمها بأرخص الأسعار, وفي نهاية المطاف حاز الصندوق على مجموعة من السندات بمتوسط سعر 17 سنتا لليورو. وبدأت أسعار السندات اليونانية بالارتفاع ببطء وثبات مع ارتفاع فوائد صناديق الاحتياط الأخرى.
ولقد واكبت الحكومة الأمر, وذلك بتلميحات عديدة وواضحة باحتمال إعادة شراء الديون, وهو حل غير مجرب تضغط به صناديق الاحتياط بشدة على وزراء الحكومة أثناء مناقشتهم.
وبينما يتزايد الزخم لإعادة شراء الديون كحل, تنضم صناديق احتياط أكبر عن ثقة, ومن ضمنها مور كابيتال وهو من أكثر صناديق الاحتياط رسوخا ولكنه يتميز بالسرية والضخامة, ولقد اشترى ''مور دينا'' بقيمة 300 مليون دولار في الخريف وذلك وفقا للتجار.
في الخامس من شهر كانون الأول (ديسمبر) تلقت صناديق الاحتياط ما أرادته, فعلى هامش مؤتمر استثماري لغرفة التجارة الأمريكية اليونانية, قابل سامارس مجموعة قليلة منهم.
كشفت الحكومة النقاب عن خطط لشراء الدين, حيث ستنفق الحكومة عشرة مليارات دولار لشراء دينها بخصم كبير ولكن السؤال هو بكم.
ولقد شعرت صناديق الاحتياط بالقلق في البداية, حيث يمكن أن تكون الأسعار متدنية جدا, لذا أوضحوا لسامرس عدم مشاركتهم إن كان الأمر كذلك, ولقد تمت طمأنتهم بأنه سيكون هناك حد أدنى في المناقصة وهو 30 سنتا على كل يورو.
وعندما عقدت الصفقة, أعادت الحكومة شراء ديونها بمتوسط أقل بقليل من 34 سنتا لكل يورو, وهو كاف لـ''ثيرد بوينت'' ليضاعف أمواله.
قدم الصندوق معظم وليس كامل دينه, لذا تكمن ثقة ''ثيرد بوينت'' بالتعافي اليوناني، حيث إنه قد حافظ على جزء كبير من السندات.
يقول المقربون من صناديق الاحتياط إن رحلات مسؤولي الصناديق إلى اليونان لم توفر لهم نظرة فاحصة وحسب وإنما أكسبتهم تفاصيل جوهرية عن كيفية تقييم مناخ الاستثمار.
ويعتقد المحللون لدى ''ثيرد بوينت'' أنه كان من الممكن أن يكون هناك تحسن بنسبة 40 في المائة إذا أجلت الحكومة خططها للعام المقبل.
يقول اخيليس ريسفاس وهو الرئيس التنفيذي لدى ''دروميوس كابيتال''، وهو صندوق احتياط مقره سويسرا يهدف إلى الانتفاع من التعافي اليوناني: ''بشتى الطرق تعتبر اليونان من أفضل الصفقات''. إن السؤال الأهم ربما يكون عن سبب تفويت الصناديق الأخرى للفرصة, يقول هيومز من صندوق جريلوك كابيتال: ''إن العاملين بهذه الصناعة يقضون وقتا طويلا في التظاهر بالذكاء بدلا من تحقيق الأرباح''. ويضيف قائلا: ''ان الأمور تنجز عندما تكون شجاعا ولديك الجراءة لتقوم بها''.
تعليقات