تحسين البنية القانونية للميزانية بقلم د. صالح السلطان

الاقتصاد الآن

792 مشاهدات 0



تخضع الميزانية في الدول المتقدمة تنظيميا وإداريا لقانون أساسي عبارة عن إطار هيكلي لكافة الأحكام التي تخضع لها عمليات الميزانية، بشقيها الإيرادات والنفقات. وتتبع القانون الأساسي مجموعة قوانين ولوائح وسياسات تفصيلية.

وتلك القوانين تتناول أحكام إجراءات الميزانية وصياغتها وضبطها وإجازتها ومراقبتها ومتابعة تنفيذها. وهناك قوانين أخرى تفصيلية لقضايا متفرعة خاصة بالميزانية. ويفرض القانون في تلك الدول على من يعد الميزانية أن يرسل مسودة الميزانية إلى برلمان الدولة، ثم يتولى مكتب فني في البرلمان دراسة ومراجعة مسودة الميزانية، وعادة تعمل تعديلات كبيرة عليها.

هناك حاجة ماسة لدينا في المملكة إلى تطوير أسلوب إعداد الميزانية، ويساعد على ذلك إصدار نظام متطور للميزانية. ذلك أنه من المهم جدا تقوية الإطار القانوني الذي يبنى عليه أسلوب عمل الميزانية وإدارة مالية الحكومة، بما في ذلك النظم المحاسبية والرقابية. ومن المصلحة العامة وجود قانون أساسي يتناول كافة جوانب الإدارة المالية الحكومية.

وفي إطار بناء هذا القانون، ينبغي التنبه إلى أربع قضايا أو نقاط أساسية لشفافية عمليات الميزانية. وقد كانت هذه القضايا موضع اهتمام كبير من صندوق النقد الدولي، في دليل صادر منه عنوانه ''دليل شفافية المالية العامة 2007''. وسبق هذا الدليل دليل آخر ''دليل إحصاءات مالية الحكومة 2001'' والمعروف باختصار GFSM 2001، وهو حصيلة فكر عشرات الأجهزة والخبراء في مجال المالية العامة.

أولى هذه النقاط وضوح الأدوار والمسؤوليات.

يجب التمييز بين القطاع الحكومي وباقي القطاع العام، وبينه وبين باقي قطاعات الاقتصاد. وينبغي أن تكون أدوار السياسات والإدارة داخل القطاع العام واضحة ومعلنة للجمهور. وفي نطاق توضيح الأدوار والمسؤوليات، من المهم جدا وجود إطار قانوني وتنظيمي وإداري واضح ومعلن لإدارة المالية العامة.

ثانية النقاط تتعلق بجدولة وعلانية عمليات الميزانية، وإتاحة المعلومات للاطلاع العام.

ينبغي أن تتقيد عمليات إعداد الميزانية بجدول زمني ثابت وأن تسترشد بالأهداف المحددة، سواء في مجال الاقتصاد الكلي وسياسة المالية العامة، أو في المجالات الجزئية. وينبغي أن يكون هناك وقت كاف لجهات (كمجلس الشورى ومجلس الوزراء) غير جهة الإعداد (وزارة المالية) للنظر في مشروع الميزانية ومراجعتها.

وفي إطار جدولة الميزانية، ينبغي أن تعد ضمن إطار شامل متوسط المدى (ثلاث إلى خمس سنوات مثلا)، شامل للسياسات الاقتصادية الكلية وسياسة المالية العامة. وينبغي الدقة والوضوح قدر الإمكان في تحديد وتفسير أهداف المالية العامة.

ثالثة النقاط العلانية.

وينبغي تزويد الجمهور بمعلومات شاملة عن أنشطة المالية العامة السابقة والحالية والمقبلة.

ورابعة النقاط متعلقة بالضمانات الموضوعية. ينبغي أن تستوفي بيانات المالية العامة معايير في جودة البيانات. والمعايير تعكس عدة قضايا، كالأساس المحاسبي المستخدم، وأسلوب التصنيف واتساق البيانات وانسجامها. وينبغي إعطاء استقلالية للجهاز الإحصائي للتحقق من جودة بيانات الميزانية.

من المهم أن تعطى أهمية في قانون الميزانية لأدوات ضبط أوضاع المالية العامة المتصلة بتحقيق نمو اقتصادي قوي. وفي هذا قد يرى أن من اللازم عمل إصلاحات في بنود إنفاق كثيرة، قد لا يرجى من ورائها نفع كبير للنمو الاقتصادي. بعض هذه البنود متصل بأوجه إعانات أو هبات أو ما شابههما. لكن الدخول في نفق هذه الإصلاحات حاجة إلى الحصول على مصداقية من الجمهور. وهذه المصداقية تتطلب درجة كبيرة من الوضوح والشفافية والإنصاف والعدل، حتى يقبل الإصلاح التنفيذ والاستمرارية وثقة الجمهور.

وينبغي أن ينص القانون على إصدار تقرير مفصل عن ميزانية كل عام مالي منصرم، وينبغي أن ينص على أنه يصدر بتعاون وزارتي المالية والاقتصاد، ويعرض على مجالس الوزراء والاقتصادي والشورى.

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك