تقرير الشال يحذر من اقتسام الثروة

الاقتصاد الآن

القرار السياسي وأَدَ قضية 'القبيضة' رغم ثبوت الرشوة وربما تورط أحد كبار السلطة

4050 مشاهدات 0


قال تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي أن هناك حملة نيابية لبدء اقتسام ثروة الوطن، في زمن فيه الكويت استثناء، حيث يقبع أكثر من نصف السكان في فئة عمرية صغيرة -أقل من 21 سنة- ممن لا يشاركون، انتخاباً أو ترشيحاً أو تعييناً، في سلطات اتخاذ القرار، بينما الاقتسام كله دين يقيد على حساب مستقبلهم.
 
فقد بدأ نواب حتى قبل قسمهم اليمين، بتقديم سيل من المقترحات الشعبوية حول إسقاط القروض أو فوائدها أو العلاوات والبدلات والهبات لمن لا يستفيد مما تقدم، بينما كانت حجج الحكومة، كلها، لدعم تغيير مكونات المجلس هي التنمية المعطلة، وتلك المقترحات مؤشرات على انتحار مؤكد لمشروع التنمية.
 
والواقع أن تلك البداية المقلقة ليست فقط تهديداً قاتلاً لمشروع التنمية، وإنما تهديد لاستمرار الدولة، إنها محاولة شراء سلطة أو تكفير عن ذنب بتهمة الارتشاء، على حساب بقاء الدولة، فمن دون استثمار عائدات النفط لخلق بدائل لدخله، بعد عمر قصير، لا مجال للاستقرار في دولة لا مصادر أخرى للدخل فيها. وتشير آخر الدراسات، لمؤسسات دولية، إلى ضعف محتمل في أداء الاقتصاد العالمي -3.3% في عام 2012 و3.6% في عام 2013- بانعكاساته السلبية على جانب الطلب في سوق النفط، كما تشير الدراسات إلى زيادة في مصادر الطاقة، غير التقليدية، بما يوفر المزيد من الطاقة في جانب العرض. ولهذا السبب، توقع صندوق النقد الدولي، في آخر تقاريره، ضعف أداء اقتصادات النفط، بدءاً من عام 2013، وبلوغ نقاط التعادل لموازناتها بحلول عام 2017، أي بدء تآكل المدخرات. ونصح بشكل صريح وواضح أن على دول النفط البدء بالسيطرة على نفقاتها العامة، إن أرادت أن تضمن الحد الأدنى من استقرارها، والمقترحات الشعبوية هجمة شديدة ومعاكسة لمثل هذا النصح.
 
وللتذكير، فقط، كان حجم النفقات العامة، الفعلية، كلها، في الكويت للسنة المالية 1999/2000 نحو 4 مليارات دينار كويتي، وهي في الموازنة الحالية 2012/2013 نحو 21.24 مليار دينار كويتي، أي زادت في 13 سنة بنحو 5.3 أضعاف. ولو استمرت معدلات نمو النفقات العامة بمعدلات سنوات الخطة، نفسها، أي 2010/2011-2012/2013 البالغة نحو 14.1%، فسوف تحتاج الكويت إلى نحو 61.1 مليار دينار كويتي، بحلول السنة المالية 2020/2021، وذلك مستحيل. ويعمل في الحكومة، ومن دون عمل حقيقي، لمعظمهم، نحو 300 ألف كويتي، وكانت تلك حصيلة نحو 65 سنة من عمر النفط، بينما سوف يدخل سوق العمل نحو 600 ألف كويتي، بحلول عام 2030، والمقترحات هي اقتسام حق هؤلاء القادمين، بالحد الأدنى من الحياة الكريمة، من قبل كبار الجيل الحالي.
 
وسوف ننتظر رد فعل الحكومة، لعل فيه ما يكفي من عقل لدرء هذا الضرر القاتل، كما كان رد فعل وزير المالية، ولعل أفضل خطوة تقوم بها الحكومة هي في عمل واحد رئيس وهو إصدار تشريع يحصن المالية العامة، بمعنى تحريم أية مشروعات لها كلفة مالية، بعد إصدار قانون الموازنة العامة، ومن الأفضل إصدار الموازنة العامة لأكثر من سنة مالية. ماعداه، سيكون مجرد جهد ضائع، إذا تمت مواجهة كل مقترح على حدة، فالبدايات توحي بأن شراء الود السياسي سيكون موضوعاً لا ينتهي لدى أعضاء مجلس الأمة، الحاليين.
 
وافاد تقرير الشال أن قانون الشركات الجديد قانون متطور، كثيراً، إذا ما قورن بالقديم، ففصل الملكية عن الإدارة وتأسيس شركات عامة، بقرار وزاري، والسماح بتأسيس الشركات، غير الهادفة للربحية، وتقنين الأسهم الممتازة ، كلها وغيرها الكثير، مزايا متقدمة، ولكن شرط الضرورة التي لا تحتمل الانتظار بضعة أسابيع لا ينطبق عليه.
 
وتبقى مشكلة الكويت، ليست، دائماً، في نقص القوانين، ولا حداثة أو جودة الموجود، وإنما في إجراءات التطبيق وإجراءات التقاضي، مثل عدم احترام القانون أو عدم احترام عنصر الوقت، عند تطبيقه، ما يلغي كثيراً من منافع القانون مهما بلغت جودته.
 
وفي دراسة للبنك الدولي، استعرضها في شهر نوفمبر الفائت، كانت حول مستويات مواجهة العسر المالي ونظم الإقراض والاقتراض، تشرح في أحد أجزائها أمثلة تشمل بطء نفاذ الإجراءات وبطء كلفة التقاضي في المحاكم الكويتية، وارتفاعها. فتذكر، مثلاً، أن إجراءات تسجيل الملكية للعقارات في الكويت تستغرق 88 يوماً، بينما راوحت في دول مجلس التعاون الخمس، الأخرى، بين يوم واحد في السعودية، وأعلاها 37 يوماً في قطر.
 
 وعند الادعاء بحق، يحتاج المضي بالمطالبة إلى نحو 50 إجراءاً إدارياً في المحاكم وإلى 566 يوم تقاضٍ، وتكلفة بقيمة 18.8% من قيمة الادعاء أو الدين حتى يتحصل. وحتى لادعاء مقابل رهن مضمون، يحتاج إلى 4.2 سنوات، وما تتم استعادته يعادل 37.9% من قيمة الدين، بينما يحتاج إلى 3 سنوات، في قطر، للحصول على 53% من قيمة الدين، ويحتاج إلى 2.5 سنة وتحصيل 64.2% من القيمة في البحرين.
 
ويضيف ضعفاً إلى حرمة القوانين، وحتى الجيد منها، الانتقائية في التطبيق، واستشراء الفساد، فقوة القانون في حياده وعدالته، والجميع أمام القانون سواء، وأي انحراف من قبل سلطات تطبيقه لابد أن يعاقب عليه القانون، وذلك لا يحدث. وأمام التراخي في تطبيق القانون، انتشرت ظاهرة الفساد، فبات أحد لا يستطيع إنجاز معاملة من دون واسطة أو رشوة، وأصبحت القوانين المتشددة فرصة للمرتشين، لأن ثمن خرقها أعلى.
 
 ولعلنا، الآن، نعرف أن هناك تهماً كبيرة بالرشوة طالت 26% من أعضاء مجلس الأمة الأسبق، وأن الراشي ربما يكون أحد كبار السلطة التنفيذية، ولكن القرار السياسي كان وأد القضية بدعوى قصور في نصوص القانون التي تم التقاضي على أساسه -غسيل الأموال- رغم ثبوت واقعة الرشى، وبعضهم مسؤول، الآن، عن التشريع ومراقبة التنفيذ.
 
ونود التأكيد أن قانون الشركات الجديد قانون جيد، ولكن صدوره ليس نهاية المطاف وإنما بداية الطريق، فالقوانين، كما الأحياء المائية، تموت إن حرمت من بيئتها المناسبة، وما يحتاج إلى إصلاح موازٍ هو البيئة العادلة والصلبة في تطبيق القوانين. فلا معنى كبير لكون الكيان القانوني لأي شركة على الورق سليماً، بينما تمارس البيروقراطية، كلها، المعطلة لاستصدار ترخيص لها، شاملاً رشي للبلدية والكهرباء، مثلاً، للحصول على ما هو حق بحكم القانون.
 
وأوضح تقرير الشال ان زمن الأزمات الكبرى يتطلب بعض الخروج على طرق المواجهة التقليدية لها، ولعلها المرة الأولى، في تاريخ الفكر الاقتصادي، التي يتم فيها ربط السياسة النقدية ليس بالنمو أو التضخم، وإنما بأحد مؤشرات النمو، أو رقم البطالة.

الآن : المحرر الاقتصادي

تعليقات

اكتب تعليقك