ملاحظات دستورية لأول جلسة لمجلس الأمة

زاوية الكتاب

كتب 1713 مشاهدات 0


قررت المادة 71 من الدستور 'إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، ما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون، على أن لا تكون مخالفة للدستور أو للتقديرات المالية الواردة في قانون الميزانية. ويجب عرض هذه المراسيم على مجلس الأمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدورها، إذا كان المجلس قائماً، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون، وإلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها في الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب من آثارها بوجه آخر.'
فالمادة بشكل واضح اشترطت :1- العرض على المجلس في أول اجتماع، 2- وجوب اتخاذ قرار من قبل البرلمان بخصوص هذه المراسيم وفي هذا الشأن له ثلاث خيارات فقط: أ- أن يرفضها بأثر رجعي، ب- أن يرفضها مع تسوية ما ترتب من أثار، ج- أن يقبلها كما هي دون إضافة أو تعديل.

ما حصل في جلسة 16/12 أن المجلس قد دخل في مناقشة مرسوم تعديل قانون الدوائر الانتخابية بخصوص إقرار الصوت الواحد وذلك في المقترح الذي تقدم به يعقوب الصانع بإحالة الصوت الواحد للمحكمة الدستورية وصدر قرار من المجلس برفض المقترح، وتم من بعد ذلك إحالة المراسيم للجان المختصة على أن يتم التصويت عليها في الجلسة القادمة.
ويلاحظ التباين الواضح بين النص الدستوري وبين ما قررته اللائحة الداخلية في مادتها 112 التي تقرر حق الرئيس بإحالة المراسيم للجان ويظهر الخلل في هذا النص بشكل واضح حسب ما قررته المادة 133 من اللائحة الداخلية 'لا تقبل في اللجنة أو المجلس اقتراحات التعديل في نصوص المراسيم بقوانين' لذلك طالما أن هذه اللجان لا تملك تعديل المراسيم لماذا إذاً قررت اللائحة الداخلية إضافة حكم جديد للدستور دون أن يكون للمجلس ولا اللجان حق تعديل مراسيم الضرورة؟ كما أن فتح باب الإحالة للجان ولو بصفة مستعجلة أن يفتح باب التسويف والتأخير في مراقبة أعمال السلطة التنفيذية الاستثنائية والتي قرر الدستور أن مراقبتها تكون حالاً ودون تأخير وإلا سقطت المراسيم وما ترتب علها من أثار.
فوفق هذا المنطق التي أتت به اللائحة الداخلية بالمخالفة لصراحة المادة 71 من الدستور يتبادر الى الذهن سؤال منطقي وهو ما هي المدة الزمنية التي قد تستغرقها المراسيم في أروقة اللجان لحين اتخاذ قرار بشأنها وهو ما يتعارض مع القيد الاستثنائي للمادة 71 ولو أراد المشرع الدستوري أن يعطي للجان المختصة حق الاطلاع على المراسيم وتقديم تقارير بشأنها لما عجز عن ذكرها صراحة في المادة 71.
وتكفي صرامة وصراحة العبارة التالية في المادة 71 من الولوج في جدل حول مبتغى النص الدستوري، وفي أول اجتماع له في حالة الحل أو انتهاء الفصل التشريعي، فإذا لم تعرض زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون بغير حاجة إلى إصدار قرار بذلك. أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون.
فالنص أمر بوجوب العرض بعبارة (فإذا لم تعرض) وأمر كذلك بوجوب الإقرار بقوله (أما إذا عرضت ولم يقرها المجلس) وهذه العبارات بضمها بعضاً الى بعض تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي حتمية العرض والإقرار بذات الجلسة، فإن قال أحدهم بأن هناك استحالة أن يقوم المجلس بتشكيل اللجان وإقرار المراسيم بذات الجلسة فإن هذا القول يدفع بأن للبرلمان أن يعتبر يوم غد امتداد لأعمال أول جلسة لكي يتم اعتبار أ، إقرار المراسيم قد تم فعلاً في أول اجتماع تطبيقاً للمادة 71.
لذا بعد إقرار المراسيم تعتبر قد زالت قوتها بأثر رجعي وما ترتب عليها من أثار من انتخاب هذا البرلمان.

الآن - د.فواز الجدعي أستاذ القانون الدستوري

تعليقات

اكتب تعليقك