الاقتصاد البريطاني يواجه رياحا معاكسة قوية بقلم مارتن وولف
الاقتصاد الآنديسمبر 10, 2012, 1:57 م 486 مشاهدات 0
لا، لا شيء يجعلني أشعر بالأسف. يجب أن يكون هذا هو شعار جورج أوزبورن. فوزير المالية لا يمكنه الاعتراف بأن استراتيجيته تتحمل مسؤولية غياب أي شيء قريب من الانتعاش. وهو يصر أيضا على ''أن الأمر يستغرق وقتا، لكن الاقتصاد البريطاني يتماثل للشفاء''. والوزير يمكنه أن يقوم بهذا الادعاء، إذا كان العجز هو الصحة. وخلاف ذلك، لا يمكنه فعل هذا. وتعتبر هذه الاستراتيجية شفافة، حيث تعرِّف الفشل على أنه نجاح وتلوم ميراث الفرد والبيئة الخارجية. وينجح هذا على المستوى السياسي، لكنه غير مقنع على المستوى الاقتصادي. ففكرة الإرث ظهرت عندما جاءت الحكومة إلى السلطة. فإذا كانت الأمور قد انتهى بها الحال على نحو أسوأ من المتوقع، فهذا يعود إلى فشل الحكومة في فهم إرثها. وللمرة الثانية، فإن الادعاء بأن أحداثا خارجة عن سيطرة الحكومة هي المسؤولة عن النتائج المحبطة يعتبر خادعا. وهذا ليس فقط، بسبب أداء اقتصاد المملكة المتحدة السيئ، مقارنة بنظرائه، لكن بسبب أن الحكومة قررت عدم استخدام أدوات السياسة المتاحة. ويعاني اقتصاد المملكة المتحدة أطول فترة يبقى خلالها دون ذروة ما قبل الركود على مدى قرن. ولهذا، كان أداء التوظيف جيدا. وعلى الرغم من ذلك، هذا يعد انعكاسا لصورة انهيار نمو الإنتاجية في المرآة. وإذا كانت هذه علامات على العودة المرغوبة للصحة، فما هو المرض المزمن؟ لقد ظهر انخفاض في النمو تلو الآخر. وشهدنا أيضا عثرات ضخمة في خطط الاقتراض، مقارنة بما توقعه الوزير في البداية. وهكذا، في ميزانية الطوارئ لعام 2010، كان التنبؤ بصافي الاقتراض التراكمي الخاص بالقطاع العام فيما بين عامي 2011 و2012، و2015 و2016 هو 322 مليار جنية إسترليني. وفي أحدث التوقعات، زاد الرقم إلى 539 مليار جنية إسترليني، وهو ما يعني وجود زيادة بقيمة 227 مليار جنيه إسترليني، إذا استبعد المرء عوامل خاصة مختلفة، مثل معالجة معاش البريد الملكي، وديون ''برادفورد آند بنجلي'' و''نورثرن روك''، والتحويلات التي تتم من مرفق شراء الأصول. والحكومة ليست مسؤولة عن التوقعات الاقتصادية الخاطئة. فالمسؤولية نُقِلَت إلى مكتب مسؤولية الميزانية، الذي يشير إلى أن ''الخطأ مقسم بالتساوي إلى حد ما بين الاستهلاك الخاص الأكثر ضعفا، (ما يعكس حالة عدم اليقين الموجودة في الطلب وظروف الائتمان)، وصافي التجارة الأكثر ضعفا (الذي تركز في النصف الأول من عام 2012)''. لكن السؤال ينبغي ألا يكون عمن تقع عليه مسؤولية الاقتصاد الضعيف في أي فترة معينة، لكنه يتعلق بما إذا كانت الحكومة قادرة على القيام بالمزيد بشأن هذا الأمر، وبما إذا كان يتعين عليها فعل ذلك، وإذا كان الأمر كذلك، فماذا يجب عليها أن تفعل على وجه التحديد. قناعة الحكومة هي أن المهمة الشاملة للسياسة المالية هي إحداث توازن في العجز الحالي الهيكلي وجعل الدين الصافي يخضع للسيطرة، لكن تحقيق الاستقرار في الاقتصاد مسؤولية البنك المركزي. ولسوء الحظ، مع كون الاقتصاد أضعف وأسعار الفائدة قريبة للغاية من الصفر، فإن هذه المهمة لا تنجح جيدا. وأيضا مع وجود المزيد من التشديد المالي، الذي يتم تطبيقه حاليا – تشديد هيكلي في الموازنة الحالية بنسبة 4.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي فيما بين عامي 2011 و2012، و2016 و2017، وانخفاض في صافي الاقتراض الخاص بالقطاع العام بنسبة 5.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي خلال الفترة نفسها -سيواجه الاقتصاد رياحا معاكسة قوية. ومن المرجح أن يظل النمو يسير ببطء لفترة طويلة. إذن، ما الذي سيتم فعله؟ لا شيء تقريبا، أكثر من تأجيل بلوغ الأهداف المالية أكثر إلى البرلمان المقبل. وما يجب فعله يعتبر أمرا آخر. فبإمكان الحكومة، ويجب عليها، أن تعيد النظر في السياستين المالية والنقدية، وإدارة الأموال، والسياسات الهيكلية، حتى تزيد من سرعة التعافي. أولا، بإمكان الحكومة النظر في توسع مالي مؤقت على نحو معقول. والأدوات السياسية الواضحة من أجل تحقيق استثمار عام أكثر ارتفاعا وخفض للضرائب، خاصة التخفيضات التي يكون من المرجح إنفاقها في الحال. نعم، هذا يعني المزيد من الاقتراض، لكن بإمكان الحكومة أن تقدم بشكل معقول حججا تثبت أنه مع وجود مثل هذا الاقتصاد الضعيف، لكن مع توقع صافي اقتراض معدل دوريا يبلغ 3 في المائة فقط هذا العام، أعطت لنفسها المساحة لتأخير التشديد. وسيقود هذا إلى صيحات تقول: إن الصدقية سيتم تدميرها تماما. بالعكس، مع وجود أكثر أسعار الفائدة طويلة الأجل انخفاضا في تاريخ المملكة المتحدة، فإن ضعف الاقتصاد هو، للأسف، ما يملك صدقية كبيرة للغاية. وتعتبر الحجج الداعمة لزيادات مؤقتة في الاقتراض قوية جدا. وعلاوة على ذلك، الوعد بالمزيد من التشديد في البرلمان المقبل له بالكاد صدقية، حيث إن البرلمان لا يستطيع أن يلزم البرلمان الذي يخلفه. لكن ما يمكن أن تفعله الحكومة هو ترك اقتصاد قوي. ولا يمكن أن يقوم أي شيء بما هو أكثر من ذلك في سبيل جعل التعزيز موثوقا فيه. ثانيا، يعتبر وصول محافظ جديد لبنك إنجلترا وقتا مثاليا للنظر في إحداث تغير في الإطار النقدي. وستكون الاحتمالات إما استهداف إجمالي الناتج المحلي الاسمي في وجود زيادة تقدر، مثلا، بـ 5 في المائة كل عام خلال السنوات الخمس التالية، أو تحرك من أجل استهداف التضخم المحلي، ربما مع وجود هدف يبلغ 4 في المائة خاص بالمكاسب الاسمية، أو حتى وجود سقف لسعر الصرف في مواجهة اليورو، كما حدث في ممارسات سعر الصرف السويسري. ثالثا، يعتبر قطاع الأعمال المصرفية أكثر تقيدا بكثير، ما اعتقد أغلب الناس في بادئ الأمر. ولا بد من إيجاد طرق للتعرف على الخسائر وإعادة تمويل المصارف، دون جعل الميزانيات تنكمش أكثر. ومرة أخرى، يمكن أن تقترض الحكومة المال اللازم من أجل تحقيق مثل هذه الأهداف. وأخيرا، تحتاج الحكومة لمعالجة العقبات الهيكلية في طريق النمو. والسياسات التي تشجع الطلب وتوسع العرض في آن معا ستكون سياسات مثالية. يعتبر الاقتصاد أضعف بكثير مما هو متوقع، بينما تتماثل الماليات العامة الشفاء. وهذا يعطي مساحة أكبر للمناورة من أجل محاولات الحكومة تسريع التعافي. إذن، ماذا يتعين عليها أن تفعل؟ الإجابة هي: أكثر مما تفعله. ومن السهل فهم الحجة السياسية الداعمة للإصرار على أنه لا توجد بدائل. لكن توجد بدائل، ويجب عليها أن تتبناها.
تعليقات