إغلاق «الغزالي» جريمة حقيقية.. هكذا يعتقد ذعار الرشيدي

زاوية الكتاب

كتب 1445 مشاهدات 0


الأنباء

الحرف 29  /  محاكمة 'جسر الغزالي'

ذعار الرشيدي

 

لا أحب أن أدخل في النوايا عند تفسيري لأفعال أو أقوال الآخرين، بل آخذ الأمور وفق مبدأ «أحسن الظن»، ولكن هذا المبدأ لا يمكن أن أتعامل به مع الحكومة، لا هذه الحكومة ولا الحكومة التي سبقتها ولا التي سبقت التي سبقتها، فحكوماتنا ومنذ سنوات لم تسمح لنا أن نثق فيها أبدا، لذا أي عمل تقدم عليه لابد أن نشكك في أمره، ونفسره بـ «سوء نية».

وآخر أفعال الحكومة هو إغلاقها لجسر الغزالي، الذي تسبب إغلاقه في شل البلد بشكل لم يسبق أن شهدته البلاد، وطبقا لـ «سوء النية» أعتقد ـ والله أعلم ـ أن الحكومة وكأنها أرادت بهذا العمل المتسرع وغير المدروس أن تعاقب الشعب الذي أعلن غالبيته وجميع الكتل السياسية مقاطعة الانتخابات التي تدعو لها ليل نهار عبر التلفزيون والإذاعة والقنوات الفضائية والرسائل النصية.

إغلاق «الغزالي»، وبعيدا عن سوء النية الذي أتحدث عنه، يعتبر جريمة حقيقية، فكونك تقضي 45 دقيقة من دوار الشيراتون وحتى مبنى وكالة كونا والمسافة لا تتجاوز 4 كيلومترات، هنا جريمة ترتكب والمسؤولون عنها معروفون للجميع، ويجب محاسبتهم، ولو كانت الحكومة جادة في سعيها لتطبيق القانون لكان أول من تناله مقصلة تطبيق القانون هو من أمر وسمح بأن يتم إغلاق طريق حيوي دون إيجاد بدائل.

يجب على الحكومة القادمة، التي سيتم تشكيلها بعد خروج نتائج الانتخابات القادمة، أن تبادر إلى فتح تحقيق على أعلى المستويات لمعرفة من المتسبب في شل البلد وحبس المواطنين والمقيمين في الشوارع لساعات وتكبيد البلاد خسائر بملايين الدنانير يوميا بسبب الازدحامات المتكررة غير المبررة، والتي حصلت نتيجة عمل غير مدروس العواقب.

عندما قلت ان الزحمة تكلف البلاد ملايين الدنانير يوميا لم أكن أمزح، ولم أكن أضرب الودع، بل إن الواقع أنني كتبت في العام 2008 مقالا عن أن الكويت تخسر 16 مليار دولار أميركي خلال عشر سنوات بسبب الزحمة، وجاءت تفصيلية المليارات الضائعة كالتالي: «ذكرت صحيفة الحياة ان أزمة المرور تكبد دبي مليارا و600 ألف دولار سنويا بسبب الوقت الطويل الذي يمضيه السكان فيها يوميا للانتقال من مكان الى آخر، واعتقد اننا ومقارنة بدبي حجما وتعدادا فإن مبلغ خسارتنا سنويا بسبب الزحمة يقترب من هذا الرقم كثيرا، وهذا يعني اننا خلال 10 سنوات سنكون قد خسرنا 16 مليار دولار، أي ان هذا المبلغ سيذهب هباء منثورا بسبب الزحمة».

> > >

ومضى نحو 5 سنوات على مقالتي التي ضمنتها تلك الفترة يعني أننا خسرنا رسميا 8 مليارات دولار، ومع الازدحامات التي سببها إغلاق «الغزالي» أعتقد أن هذا الرقم سيتضاعف خمس أو ست مرات خلال السنوات الثلاث القادمة وهي الفترة التي قالت وزارة الأشغال انها الفترة التي سيتم فيها العمل في مشروع جسر الغزالي، أي ان البلد ستظل ـ شفاها الله وعافاها ـ مشلولة لمدة 3 سنوات.

عندما يقال مسؤول أو يتعرض للمساءلة أو يحال للنيابة يجب ألا يكون ذلك بسبب الفساد فقط، فالفساد سبب من أسباب الإحالة، ولكن هناك أسباب أخرى وهي سوء الإدارة التي تؤدي إلى خسارة البلد ملايين الدنانير يوميا بسبب الازدحامات، لذا على الحكومة القادمة إن كانت جادة في تطبيق القانون أن تبدأ بتفعيله على قيادييها الذين تسببوا في شل البلد من أي جهة كانوا، ويجب عزلهم فورا على الأقل، لأن البلد لا يتحمل سوء إدارة ومشاريع لم تدرس تأثيراتها على البلد.

هناك 8 مليارات ضاعت على البلد، وهناك 8 ملايين أخرى ستضيع، ولابد أن تتم محاسبة أحد.

عندما سألت أحد المعنيين بقضية الزحمة ومتى تختفي والحلول المنتظرة لحل الازدحامات الأخيرة، قال لي: «ما أدري.. نشوف»، وسألت مسؤولا آخر فقال: «سنحاول أن نحلها ولكن لا أعرف كيف ومتى»، هذه ليست إجابات مسؤولين عن قطاع حيوي في البلد، لأن مثل هذه الإجابات يمكن أن تسمعها من بائع في «الفرضة»، أو بائع «آيس كريم». لا من مسؤولين.

وعامة أعتقد أن محاكمة كل من تورط في إدخال البلد في نفق الشلل، سواء بقصد منه أو غير قصد، هي محاكمة واجبة ومستحقة وضرورية.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك