'الغمندة' ثقافة الاختلاف

زاوية الكتاب

كتب 1283 مشاهدات 0

مزيد المعوشرجي

الاختلاف أمر طبيعي بين سائر البشر منذ الخليقة ، واليوم في الكويت يكتسي الشارع السياسي اللونين 'البرتغالي والأزرق' ، بين معارض لمرسوم تقليص الأصوات إلى صوت واحد ومقاطع للمشاركة في الانتخابات القادمة ترشيحاً وانتخاباً ، وبين آخر مشارك فيها ومؤيداً للمرسوم .. ، ولعل أغلبية الشعب الكويتي 'ماله شغل' لا بالبرتغالي ولا بالأزرق وفقد الأمل والثقة في الحكومة وفي المجلس .. وبنفس الوقت لا يحبون أن يملي عليهم أحد قناعاته أو يقوم آخر بعمل حجر لآرائهم ، ومن بين هذه الأغلبية الصامته من هو معارض للمرسوم ولكنه ضد النزول إلى الشارع لما فيه من تأجيج وخطورة في زيادة الاحتقان السياسي في البلاد ، وآخر ضد المرسوم ولكنه مع المشاركة في الترشح والانتخاب لاسقاط المرسوم بشكل رسمي يراه سليم من خلال مجلس الأمة ، وآخر يرى أن في هذا المرسوم سابقة خطيرة يجب الوقوف أمامها ومعالجتها لعدم السماح بتكرار أمر مثيل لها مستقبلاً ، وآخر يرى أن الأمر حتمي لانتشال البلد من الفوضى العارمة التي تعيش فيها البلد خلال ال10 سنوات الأخيرة .

إن الاختلاف أمر جميل ولكنه يتحول إلى شي قبيح لو تم من خلاله تخوين وتكفير وإلغاء الآخرين المعارضين لتفكيري ، وبالعودة إلى المشهد المحلي نجد أن القبح ملأ شاشات التلفاز والأجهزة الالكترونية التي شانت بالشتائم ومهاجمة كل شخص معارض للمرسوم ومقاطع للانتخابات واتهمته بالخيانة للوطن ومطبقاً لأجندات خارجية تهدف إلى زعزعة الأمن بالبلاد .. وبالمقابل نجد أيضاّ التخوين المضاد لكل شخص مؤيد للمرسوم أو مشارك بالانتخابات،ويتهم بالمرتشي والمتخاذل ويتم تهديده وترويعه اجتماعياً بل وبتصوير كل شخص سيقوم بالتصويت .. وكأنه سيقوم بأمر مشين، مطالبين بالحجر على جميع العقول ومحاربة كل الأصوات النشاز المخالفة لهم وأكاد أجزم أن هناك نسبة كبيرة من المقاطعين مقاطعين ليس لايمانهم بفكرة المقاطعة بل بسبب حرج اجتماعي حتم عليهم المقاطعة ترشيحاً وانتخاباً .

لا أشك أبداً في اتفاق الطرفين على حب الكويت مهما كان اللون الذي يرتديه أمامها لكي يأكد حبه لها ، ولكن يجب على الجميع التحلي بثقافة الاختلاف .. فتأكيد فكري وموقفي بشكل منطقي ومباشر أجمل بكثير من مهاجمة الفكر الآخر وتصيد سلبياته لكي أأكد موقفي ، فاختلافي مع الآخر لا يتيح لي الحق بالاستهزاء فيه وبفكره وانتمائه وشتم قبيلته وعائلته والتشهير في عرضه والتشكيك في شرفه ونزاهته من دون دليل.

مزيد المعوشرجي

كتب: مزيد المعوشرجي

تعليقات

اكتب تعليقك