ذعار الرشيدي لـ'الحكومة': الشبع يمنعك من رؤية الجياع!!
زاوية الكتابكتب نوفمبر 22, 2012, 11:44 م 825 مشاهدات 0
الأنباء
الحرف 29 / دموع تعيد إحياء اصحابها
ذعار الرشيدي
في 2 أغسطس 2008 كتبت مقالة بعنوان «دموع عراقي ليلة الغزو» وتحدثت عن تجربتي الخاصة يوم الخميس الأسود عندما ذهبت إلى مقر عملي في الشعيبة، وذكرت أنني ظهر يوم 2 أغسطس 1990 ذهبت إلى عملي ودخلت بوابة مصفاة الشعيبة في الساعة الثانية ظهرا، كنت لاأزال متدربا وأذكر أن زميلي المتدرب محمد العجمي حضر معي، وكانت القوات العراقية لم تصل بعد إلى الشعيبة، واجتمع مسؤولو المصفاة مع من حضر من الموظفين وقرروا أن يكون العمل 24 ساعة نظرا للظرف القاهر، يومها لا أذكر أن أحدا من المسؤولين أو الموظفين تأفف أو حتى تراخى، وذهب كل منهم إلى موقعه، في تلك الليلة كنت أعمل في وحدة النفط الخام، وما لا أنساه ما حييت هو حضور فني اتصالات عراقي من موظفي شركة البترول لإصلاح خط هاتف الوحدة في الساعة الثامنة مساء، وكان الحزن يملأ وجهه، لا أتذكر بماذا شعرت يومها، لم أحادثه بل إن أحدا من الزملاء لم يسأله عن اجتياح القوات العراقية للكويت، لم أعرف سبب حزنه فهو ابن بلد لتوه اجتاح بلدي، لا أخفي أبدا أنني كرهته لحظتها وكرهت كل ما كان يمثله، لحظتها بالطبع لم نكن بعد نعرف إلى أي حد وصل الاجتياح العراقي، ومع عاصفة الكراهية التي كانت بداخلي التفت إلي وإلى الزملاء بعد أن أنهى عمله قائلا: «أنا آسف» وقد اغرورقت عيناه بدمعة كادت أن تسقط، بل أجزم أنها سقطت وهو يغلق الباب مغادرا مكتبنا.
لا أنا ولا أي من الزملاء علق على سبب اعتذار الفني العراقي، ولكن أحد الزملاء من القدامى قال لي: «هذا الفني العراقي يعمل في شركة البترول وفي مصفاة الشعيبة تحديدا منذ العام 1970».
وكان هذا ملخص ما ذكرته في مقالتي وبعدها بأسبوعين وصلتني رسالة تكشف شخصية الفني العراقي الذي تحدثت عنه في مقالتي وأعتقد أنه آن الأوان لنشرها كما هي وسأنشرها حرفيا دون تصرف فيما عدا اسم صاحبها ويقول فيها: «يا ذعار هذا العراقي التحجي عنه هو من اكبر المظالم التي وقعت بالكويت هو من مواليد حوط الريش 1948 وكان «بدون» وتلقى عدة عروض من ارامكو السعودية ونفط الامارات ونفط الجنوب بالعراق ورويسك حبا في الكويت ولما حصلت مشاكل عائلية مع زوجته المصرية اضطر وبعد ان يئس من الجواز م17 طلب الجواز العراقي من السفارة في أواخر الثمانينيات وللعلم اسمه (ص.غ) زبيري الأصل قضى اكثر من 40 عاما «بدون» في خدمة الكويت بكل شرف وأمانة وحاليا هو بالدنمارك وهو من عشاق الزعيم عبدالناصر ولذلك سمى من ابنائه جمال وعبدالناصر» انتهت رسالة العراقي، ولكن أتمنى أن يكون نشرها سببا لأن يتحرك شيء، لا أعلم ما هو ولكن نشرتها من واجب الأمانة.
وفي فبراير 2009 كتبت مقالة بعنوان «ليلة بكى اليمنيون في الأندلس» وتحدثت عن حضوري لحفلة الفنان الكبير أبوبكر سالم التي أقيمت في سينما الأندلس شتاء 1988، واستذكرت كيف أن عددا من الأخوة اليمنيين بكوا عندما صدح أبوأصيل بأغنية «وا ويح نفسي لا ذكرت أوطانها حنت»، يومها كانت المقالة عبارة عن قصاصة من ذكرياتي، وفوجئت بعدها بيومين بشخص يتصل بي وأبلغني بعد أن عرّف نفسه أنه يمني يعيش في الكويت منذ 1975 وأنه أحد حضور تلك الحفلة ومن بين من دمعت عيونهم على تلك الأغنية وقال: «قبل الاحتلال العراقي كنا نعيش في الكويت بلا إقامات ومنذ التحرير وأنا أبحث عن كفيل لي، وربما دمعت عيناي مع أغنية أبوبكر تأثرا بغربتي، ولكنني بكيت دما وبحرقة بعد أن تم ترحيلي من الكويت بعد العام 1991 ولم أعد إلا بواسطة كفالة شركة».
توضيح الواضح: تلك حالتان فقط استجلبتهما إلى الذاكرة دموع أصحابهما، وأتمنى على وزارة الداخلية أن تعجل بقرار إلغاء الكفيل أو منح حق كل مقيم قضى أكثر من 20 عاما في البلد حق كفالة نفسه، وكذلك منح كل مقيم ولد على هذه الأرض حق كفالة نفسه، حتى لا نقع في دائرة ظلم أشقاء لنا قد لا نستذكرهم إلا بسبب دموع جلبتها ذاكرة.
توضيح الأوضح: الشبع يمنعك من رؤية الجياع، تماما كما تفعل الحكومة عندما يصدر وزراؤها المرفهون قرارات لا علاقة لها باحتياجات المواطن، فمن يركب البانيميرا لا يمكن أن يعرف حاجة من يركب سيارة 4 سلندر.
لذا اي قرار يحمل صفة الشعبية تريد الحكومة اصداره عليها اولا ان تقرأ واقع احتياجات الفقراء بعيدا عن اي مصلحة يمكن ان تصب في جيوب بعض التجار حال اقرار مثل تلك القرارات، ومن اخطرها والتي يبدو ان الحكومة لا تفهم ابعاده قرار رفع بدل الايجار او قرار زيادة القرض الاسكاني الى 100 ألف دينار، لذا «واللي يرحم والدينكم فكروا شوية» بعيدا عن البانيميرات.
تعليقات