الشارع منشغل بالانتخابات، ولمؤتمر الجوار المنعقد عندنا استحقاقات
محليات وبرلمانهل تتنازل الحكومة الكويتية عن القروض والتعويضات العراقية؟
إبريل 27, 2008, منتصف الليل 1027 مشاهدات 0
في نهاية الحرب العالمية الثانية تحولت المدن الأوروبية الكبرى إلى خراب تسكنه شعوب جائعة ويحكم شوارعها الرعاع حيث أصبحت فرق المقاومة هي سيدة المسرح السياسي، مظهرة ميل شديد إلى اليسار الثوري بشكل عام،ومحطمة البورجوازيات الأوروبية .
وقد تفتق ذهن عباقرة الرأسمالية كردّ فعل على ذلك عن مشروع مارشال لإعادة تعمير أوربا بعد انتهاء الحرب ولإبعادها عن السقوط في يد الطروحات الاشتراكية والشيوعية كحلول اقتصادية للاعمار، وقد قاد هذه الحملة الجنرال جورج مارشال رئيس هيئة أركان الجيش الأميركي الذي صار وزير الخارجية منذ يناير 1947م ،و قد ساهمت أموال مشروع مارشال في إعادة إعمار و تشغيل الاقتصاد و المصانع الأوربية محققة نمو اقتصادي بنسبة 30% في اقل من أربع سنوات.
اختتم مؤتمر دول جوار العراق المنعقد في الكويت أعماله بعد ظهر الثلاثاء الماضي 22 أبريل 2008م ، وقد طلب نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي رسميا من دول الخليج إعفاء بلاده من عشرات المليارات من الديون والتعويضات المستحقة عليه.وقال 'إن الإعفاء من الديون سيقدم رسالة إيجابية لشعب العراق بأن هناك رغبة حقيقية في مساعدته على التغلب على الأزمات والمسارعة في عملية الإعمار.وقد حضر المؤتمر أيضا وزراء خارجية والولايات المتحدة وفرنسا ومصر ومفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي وممثل عن الأمين العام للأمم المتحدة إضافة الى الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.
ولا شك أن هذا المؤتمر -وهو الحلقة الثالث من سلسلة مستمرة- هو من بنات أفكار الولايات المتحدة الأميركية بعد رجوع هواة السياسة الدولية في واشنطن من المحافظين الجدد الى كتبهم القديمة وقراءة درس '101foreign policy' لكن استلهامهم لدروس من ملفات جورج مارشال قد جانبها الصواب لأسباب عدة منها :
1.أن الشعوب الأوروبية كانت مؤهلة علميا و مهنيا للنهوض الاقتصادي ، بل كانت كل ما تريده هو يد لمساعدتها على النهوض ، بينما الحال في العراق على النقيض تماما ، فمقومات النهوض الاقتصادي كان قد قتلها ودفنها نظام البعث منذ 40 عاما، فلا تأهيل مهني أو اجتماعي او اقتصادي بل إن البنية الأساسية مدمرة بشكل جعل العراق كالكسيح الذي لا يمد له يد بل على من أراد مساعدته أن يحمله حملا فهل أهل الخليج قادرون على ذلك؟
2.جاءت الخطوة لتطبيق مشروع مارشال في العراق متأخرة قياسا بما تم قبل 50 عاما في أوروبا، فقد احتوت الرأسمالية معظم الحركات اليسارية في أوروبا الغربية بعد عامين فقط من نهاية الحرب حيث أغدقت الأموال والمشاريع الاقتصادية فنعم المواطن الأوروبي بالرفاه ونبذ الفكر الاقتصادي الشيوعي ومعظم الاشتراكي ، ولم يبقى في أوروبا من حركات ثورية يسارية إلا جيوب معزولة تلاشت بعد أن أغرقها النبذ الشعبي الأوروبي مثل الألوية الحمراء في ايطاليا وغيرها . أما في العراق فقد أدى غياب مشروع الاعمار مبكرا إلى ظهور القاعدة وجيش المهدي وجيش بدر والبشكرمة الكردي وغيرها من الحركات التي افرزها الدمار الاقتصادي والاجتماعي والنفسي.
3.لقد ذكرت الأنباء أن العراق قد طالب دول الخليج بإسقاط الديون المستحقة علية والبالغة 67 مليار دولار، ولا نعلم ان كان المالكي يجهل أن إسقاط القروض تحكمه عدة أمور لعل أبرزها هو أن إسقاط القروض لن يكون عصى سحرية تحول العراق إلى جنة ، كمان أن إسقاط القروض سوف يكون بوابة يعيد من خلالها العراق التجاسر على فتح ملفات أخرى لعل أسوءها قضية الحدود مع الكويت .
4. لقد قال وزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد صباح السالم إن قضية إسقاط القروض مربوطة بقرارات مجلس الأمن الدولي ، ونزيد على ذلك إن الانتخابات التشريعية في الكويت قد وضعت هذا الملف في أولويات متأخرة لانشغال الشارع الكويتي عنها ، لكن إسقاط القروض كما نعلم مرفوض على كل الأصعدة الشعبية في الكويت ، بل أن هناك رفض لتخفيض قيمة ما يقتطع من أثمان بيع النفط العراقي لصندوق التعويضات ، وهو مشروع يرمي لجعلها واحد بالمائة بدل خمسة بالمائة. يضاف الى ذلك ان صدام حسين كان قد غزى الكويت عام 1990م بعد ان رفضت اسقاط هذه القروض نفسها،فما هي ذريعة الحكومة الكويتية لو وافقت على ذلك حيث ان من العبث ان ترفض وتتعرض البلاد لدمار شامل وقتل وتشريد ثم تعود وتوافق على نفس الطلب .
إن إعادة فتح السفارات العربية والخليجية خاصة قد يساعد في تحجيم النفوذ الإيراني في العراق وهو بلا شك هدف يساعد على حفظ امن الخليج ، لكن البيئة الأمنية في العراق لاتساعد حاليا على ذلك حيث سوف تتحول هذه السفارات الى قلاع محصنة ينشد من فيها أمنهم الشخصي أولا ولا بديل لهم إلا استئجار خدمات شركة بلاك وواتر وقتراف قتل المدنيين العراقيين بأموال خليجية.
إن فتح السفارات الخليجية حاليا مع غياب الأمن سوف يزيد من جراح الطرفين ، كما أن إسقاط القروض لن يفيد إلا في تسمين المليشيات المتمردة هناك ، وفي مثل الظروف القائمة لن يفشل الرحم العراقي في ولادة صدام آخر ما لم تكن هناك عملية استرداد للقروض والتعويضات تذكر رجال الحكم بأن لكل اعتداء ثمن يتوجب دفعه.
تعليقات