'وهمية'.. حامد الحمود واصفاً انتصارات صواريخ «القسام» و«فجر»
زاوية الكتابكتب نوفمبر 22, 2012, 12:02 ص 962 مشاهدات 0
القبس
الفلسطينيون أقوى.. بدون صواريخ
د. حامد الحمود
تصدَّر عنوان «أول صاروخ عربي على القدس منذ 42 عاماً» أخبار الصفحة الأولى في القبس بتاريخ 2012/11/17، لكن الصفحات الداخلية تضمنت صورا تبين مدى الكارثة التي حلت بأهالي غزة من العدوان الإسرائيلي الأخير. ولعل أكثرها إيلاما تلك الصور لطفلة فلسطينية استشهدت وعمرها عشرة أشهر، وأخرى لطبيب يحمل جثة طفل عمره أحد عشر شهرا - احترق بالكامل - والأخيرة لرئيس الوزراء المصري هشام قنديل يُقبِّل رأس طفل استُشهد. كأن العنوان الرئيسي يوحي لنا أو يحثنا على أن نفتخر، أما الصور الداخلية فتثبت كم هم ضعفاء أهل غزة، خصوصا أطفالهم ونساءهم أمام الآلة العسكرية الإسرائيلية. وسيبقون ضعفاء على الرغم من زيارة هشام قنديل ووزراء عرب آخرين، وحتى وإن زارهم داود أوغلو، وزير خارجية تركيا!
لقد حصلت تغيرات على الساحة السياسية العربية منذ عدوان إسرائيل على غزة عام 2009، الذي استشهد فيه ما يزيد على 1400 فلسطيني. فمصر وتونس تحكمهما أحزاب تلتقي ايديولوجيا بفكر «حماس» الإسلامي. وهناك تعاطف وإظهار لمودة من دول الخليج نحو «حماس» بعد إغلاق مكتبها في دمشق، وتخليها عن تحالفها مع إيران. لكن هذا التضامن والتعاطف لن يتحولا إلى آلة عسكرية تصد أي عدوان إسرائيلي، فالمعادلة مفقودة. وليس هناك أي دولة عربية تفكر في الحرب كحل للحد من التفوق العسكري الإسرائيلي. بل ان سوريا الحليف السابق لـ«حماس»، مشغول طيرانها بقصف شعبها. لكن، هل من وسيلة لتفادي هذه المآسي؟ وهل من وسيلة لئلا تُعطى إسرائيل فرصة ممارسة هذه الأعمال الوحشية؟!
لو افترضنا أن هذا الإعداد لتطوير صواريخ محلية أو استيراد صواريخ إيرانية هو للضغط على إسرائيل لفك الحصار عن غزة، فهل كان فخرنا بوصول هذه الصواريخ إلى بعض المدن الإسرائيلية وإحداث أضرار بعضها بالغ، يعادل الوحشية التي استخدمتها إسرائيل ضد أهالي غزة؟! قد تقتنع أمهات هؤلاء الأطفال الثلاثة الذين شاهدنا صورهم لأيام بجدوى استشهادهم. لكن، هل سيستمر ذلك لسنين؟
لقد أثبت تاريخ الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي أن عسكرة الانتفاضة والمقاومة العسكرية للاحتلال لا تعطي الفرصة، لأن تظهر إسرائيل تفوقها، بل كذلك أن تحصل على دعم دولي أكبر. وعلى المستوى الشعبي الإسرائيلي، فإن المقاومة العسكرية للاحتلال، تعمل على تعزيز الاتجاهات المتطرفة ضمن المجتمع الإسرائيلي، مسلمة دفة الحكم لمتطرفين يمينيين مثل نتانياهو وليبرمان. ويجب ألا نتوقع غير ذلك. فمجتمع مهاجرين يهود تمكنوا من تأسيس دولة لهم بقوة السلاح، سيزيد من استخدامه واعتماده على الآلة العسكرية عندما يهدد وجوده. لكن هذا المجتمع الإسرائيلي قابل للتغيير - كذلك - كأي مجتمع إنساني. وأي تغيير يحتاج إلى تغيير مقابل، ولكي يحدث مثل هذا التغيير فلا بد من سلام أو «هدنة»، إذا استعملنا التعبير المفضل لدى «حماس». ولا أبالغ إذا ذكرت أن الوسائل السلمية هي «الجهاد» المبتغى الذي سيعيد للفلسطينيين حقوقهم. ولكي نشارك نحن العرب الفلسطينيين جهادهم، مسؤوليتنا أن نوفر لهم حياة أفضل، وأن نساهم في تنمية اقتصادهم وارتقاء تعليمهم، بأن نستثمر في بناء مستشفيات ومدارس وجامعات تعد شعبا فلسطينيا قادرا على كسب معركة السلام.
وليعذرني القارئ، إن رأيت في صواريخ «القسام» و«فجر» أنها وسائل تعزز وهما بانتصارات لن تحدث. بل إنها وسائل تجلب المصائب على الفلسطينيين وتعطي الفرصة لمتطرفين ومجرمين - مثل نتانياهو وليبرمان - بأن يظهروا كأبطال، بل كرجال سلام.
تعليقات