الهاوية المالية.. هل سنتأثر؟ بقلم د.سليمان بن عبد الله السكران
الاقتصاد الآننوفمبر 18, 2012, 4:07 م 1019 مشاهدات 0
يتداول الإعلام الاقتصادي بالذات منذ أيام مصطلح ''الهاوية المالية'' وهو مصطلح اقتصادي في الأنظمة الاقتصادية الرأسمالية يعني بشكل مبسط تزامن شيئين اثنين مع بعض في قوانين الضرائب، حيث ينتهي موعد الإعفاء أو التخفيف الضريبي وفي الوقت نفسه إدخال قانون لفرض زيادة على الضريبة مع محاولة تخفيض الإنفاق، حيث ستؤدي مثل هذه السياسة إلى إدخال الاقتصاد في مرحلة كساد. وهذه السياسات الضريبية والمحاولات المتكررة نحو التخفيض أو الزيادة كلها تهدف إلى تحقيق هدف خفض المديونية وبالذات في الاقتصاد الأمريكي والتي وصلت إلى أرقام فلكية. أن الهاوية المالية هي ما يحاول الساسة الأمريكيون تجنبه وذلك بضرورة التوصل إلى اتفاق بين قطبي السياسة الأمريكية وهما الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي قبل نهاية العام الميلادي هذا 2012 وإلا فالنتيجة الحتمية ''الكساد'' وهو ما سيتعرّض له الاقتصاد الأمريكي، حيث يقدر أن يكون مقدار الانكماش المالي فيه 600 مليار دولار عام 2013 والذي بدوره سيقدح زناد الدخول في كساد جديد إذا لم يتوصل الطرفان إلى حل للحيلولة دون وقوع هذا المنحدر أو الهاوية المالية. لقد خلفت سياسة الجمهوريين منذ عهد الرئيس بوش وذلك بحلول انتهاء عدد من قوانين إعفاءات ضريبية مختلفة وتراكم غير مسبوق للمديونية في حين أن الديمقراطيين في عهد الرئيس الحالي، خصوصاً بعد فوزه الأخير في تطبيق زيادات ضريبية وبالذات على ذوي الدخول الكبيرة، وبالتالي اختلاف يوجب أن يتوصل الطرفان إلى حل توافقي فيه، وإلا فالمحصلة هي ما يسمى بالانحدار المالي أو الهاوية المالية. وإذا كان من المعلوم أن الاقتصاد الأمريكي اقتصاد مؤثر للغاية في خريطة الاقتصاد الكونية في ظل غموض يحيط بإمكانية التعافي سواء للاقتصاد الأمريكي أو الاقتصادات الأوروبية بالخصوص، فبالتالي فإن النمو الاقتصادي المالي سيكون أكثر غموضاً. أما الدول النامية التي ترتبط بالاقتصاد الأمريكي بشكل أكثر فستواجه تحديات أكثر من ذي قبل مما يؤهل لانتقال عدوى الكساد إليها أو على أقل تقدير تراجع كبير في معدلات نموها. وعلى المستوى العربي أو الإقليمي ومع عدم وضوح التوجهات السياسية فستلقي هذه الضبابية بظلالها على إمكانية أن نشهد تذبذبات تحرّك بوصلتها الاستقرار السياسي على وجه الخصوص. بالطبع لن يسمح أغلبية الساسة الأمريكيين بأن يعيش اقتصادهم هذا المأزق وفي تقديري أنهم سينتهون إلى حلول تتفق عليها الأطراف المختلفة قبل 31 كانون الأول (ديسمبر) 2012 لكيلا تحدث هذه الهاوية المالية.
ونحن في المملكة بلا شك نرتبط بعلاقات عملية مع اقتصادات العالم وبالذات الأمريكي والأوروبي، غير أنني أرى أن الاقتصاد السعودي سيواجه هذه الظروف العالمية بقوى مختلفة تجعله الأقل تأثراً، ولكن بشروط سابقة إلزامية وهي إذا ما عُوملت انعكاسات هذه الأزمة وغيرها بالكثير من المصداقية في معرفة العوامل الأساسية المؤثرة في الاقتصاد السعودي وليس الانخراط في تكهنات لا يوجد لها مبرر اقتصادي منطقي والتي لا تزيد الموقف إلا تذبذبات أكثر وبالذات في الحكم على واقعية انعكاساتها.
أستاذ العلوم المالية المشارك - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
تعليقات