أميركا أكبر منتج للنفط في العالم والتحول الإستراتيجي

الاقتصاد الآن

4296 مشاهدات 0


قريبا سيتحقق الحلم الأمريكي بعدم الإعتماد على نفط دول الخليج العربي، وأخيرا سيعتمد الأمريكان على نفوطهم و يحققون الإكتفاء الذاتي من النفط و الغاز، وبعد أكثر من 41 عاما يحققون حلمهم بعدم الاعتماد على النفوط الخارجية و مصدرهم الرئيسي للطاقة.

هل هذا سيعني حقا الإستغناء الدائم عن نفوط الخليج، ويعني ايضا في نفس الوقت التخلي عن أهمية منطقتنا كموقع استراتيجي حيوي لتصدير النفط الي العالم والحفاظ على أمنه و امنهم وسلامتهم وسلامتنا؟ هل هناك قوى جديدة اخرى ستهتم أو ستحل مكان الأمريكان كالصين مثلا كأقوى قوة إقتصادية قادمة في العالم؟ هل ستتخلى عنا الدول الصناعية الغربية الكبرى ومع تقليل اعتمادها على النفط  العربي؟ أم ستكون منطقتنا حيوية لقوى اقتصادية قادمة من  القارة الاسيوي وتكون جزءا من تحالفات جديدة؟ وماذا عن مستقبل صناعة البتروكيماويات مع وجود الكميات الوفيرة من الغاز من الولايات المتحدة الأمريكية؟

 اعلان وكالة الطاقة الدولية يوم أمس بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستصبح أكبر دولة منتجة للنفط في العالم لتتخطي كل من السعودية وروسيا في عام  2017 اي بعد 5 سنوات من الآن، ستحقق مع هذا الإكتفاء الذاتي في خلال 3 سنوات القادمة، ومن المتوقع ان تتخطى الولايات المتحدة ايضا روسيا في انتاج الغاز في العالم وبفارق كبير بحلول عام 2016 . و تنتج امريكا حاليا حوالي 10 مليون برميل من النفط وتستهلك حوالي 19 مليون برميل و تستورد من الخارج تقريبا 5 ر 10 مليون في اليوم .

هذه أخبار غير سارة للدول المصدرة للنفط  والتي تعتمد على أكثر من 85% من ايراداتها على هذا الوقود التقليدي . و السؤال حول كيفية التعامل مع هذه المعطيات و التغييرات الجديدة، و ماذا عسانا ان نفعل ومع تراجع واردات الولايات المتحدة من النفط،  حيث من المتوقع ان ينخفض الى  4 مليون برميل من اصل  وارداتها الحالية و البالغة  10 مليون برميل، ومن المتوقع ان يرتفع  الطلب العالمي على النفط ليصل الى 110 مليون برميل مع عام 2035 بزيادة تقدر بحوالي 700 الف برميل في السنة، الا ان قوة الطلب وبنسبة 60% سيأتي من الدول الآسيوية النامية مثل الصين و الهند و كذلك دول الشرق الأوسط بسبب زيادة نمط استهلاكها على الكهرباء و المشتقات النفطية، مما سيؤدي الى تعويض انخفاض الطلب المتوقع من الدول الصناعية الكبرى و من خفض واردات امريكا من النفط .

بدأت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1974 التركيز على ايجاد بدائل ومصادر اخرى للطاقة من النفط و الغاز و الرياح و الشمس و الطاقة النووية والطاقات المتجددة الاخرى، وعدم الاعتماد على المصادر الخارجية و الاعتماد المحلي الذاتي، وكانت رسالة كل رئيس منتخب جديد يتركز وبالدرجة الأولى على ايجاد البدائل بالإضافة لتقنين نمط  الاستهلاك على الطاقة ومن كل جوانبه، ونجحت الولايات المتحدة الأمريكية من تخفيض وارداتها من النفط و الغاز و تحقيق الاكتفاء الذاتي من انتاجها من النفط الصخري والرملي وكذلك الغاز الصخري، ومن المتوقع انتاجها من النفط غير التقليدي الى 3 ملايين برميل عام 2035. اي مايعادل انتاج الكويت الحالي من النفط الخام، في حين نري ولاية شمال داكوتا و تكساس ستنافسان بعض دول منظمة ' اوبك ' في انتاج النفط  .

وبعد سنوات قليلة سنواجه الحقيقة المرة وقد لا تكون  منطقتنا حيوية و استراتيجة و مهمة للقوة الأكبر في العالم، وهل ستتخلي عنا و الدول الغربية الاخرى؟ هل سيصبح اغلاق مضيق هرمز هاجسا و مقلقا لهم كما هو الآن  في الوقت الحالي؟ أم ستحل  الصين وتأخذ مكان القوة الأمريكية لحماية المضيق؟ 

 توقعت وكالة الطاقة الدولية بأن تسترجع المملكة العربية السعودية مكانتها لتصبح الأولى في انتاج النفط مع حلول عام 2035 ليصل معدل انتاجها 30 ر 12 مليون حيث من المتوقع ان ينخفض انتاج الولايات المتحدة الأمريكية إلى 20 ر9 من 11 مليون برميل في اليوم .

حقيقة الأمر ان احدا لم يكن يتوقع سرعة انجاز وانتاج النفط من مصادر غير تقليدية كالنفط الصخري و الرملي و كذلك الغاز الصخري وسيمثلان تهديدا حقيقيا ليس فقط لصناعة النفط بل لصناعة البتروكيماويات، فكيف نستطيع وبعد سنوات قليلة منافسة الولايات المتحدة في هذا الكم الوفير من الغاز الصخري، والذي سيعزز صناعة البتروكيماويات فيها وبكل قوة، وعدم حاجتها الي اللقيم الرخيص و المتوافر عندنا في الخليج العربي.

 مع هذه الحقيقة المرة ألسنا نحن بحاجة إلى اعادة النظر بخططنا و مشاريعنا المستقبلية النفطية و البتروكيماوية وكيفية مواجهة الوفرة القادمة من الغاز الصخري، أم سنكون من مصاف الدول التي ستسورد الغاز من الولايات المتحدة الأمريكية لاحقا سواء للاستهلاك المحلي لتوليد الكهرباء وكذلك لصناعة البتروكيماويات، وهل سنبقى منافسيين في الاسواق الآسيوية القريبة في صناعة البتروكيماويات .

هذه التطورات تجبرنا على اعادة كتابة أحدث المعطيات عن الحالة النفطية ومستقبل هذه الصناعة ومناقشتها بواقعيتها وتوقعاتنا المرتقبة وحاجتنا إلى عصف ذهني  ( Brain  storming ) و تأثيرها المباشر على الأجيال القادمة، وقد يكون حان الوقت لوقف الهدر و النزيف المالي المستمر وعدم اللعب بالألعاب النارية المكلفة.

كامل عبدالله الحرمي 

كاتب ومحلل نفطي مستقل

الآن - كامل الحرمي- كاتب ومحلل نفطي مستقل

تعليقات

اكتب تعليقك