مسارات أوباما المحتملة للتعامل مع الملفات الخليجية
عربي و دولينوفمبر 14, 2012, 12:21 ص 2448 مشاهدات 0
هناك مفاهيم مفتاحية لدراسة السياسة الخارجية الاميركية، ولعل أهمها إن علاقات الولايات المتحدة مع دول العالم تعتمد على مصالحها، لاعلى المودة مع شعوب العالم وأمريكا أو بين زعماء الطرفين.كما أن ثباتها النسبي مقارنة بسياسات دول أخرى تعد من أهم أركانها . لذا فقد لانملك في الخليج العربي ترف مناقشة سياسة واشنطن الخارجية بعد التجديد لأوباما ،فليس لنا خيار إلا إظهار الود لحليف لانملك غيره. كما تجدر الاشارة الى مفاهيم مفتاحية أخرى تتبع كل انتخابات رئاسية اميركية ، وأولها التهنئة الخليجية السريعة من زعمائناوكان بعضها مفصلا فيما كان البعض الاخر مقتضبا جدا. أما الامر الاخر فهو 'ان الرئيس الأميركي في فترة ولايته الثانية يكون أكثر قدرة على تنفيذ المهام الكبرى'. وقد خاض في هذا الامر كل من أمتشق وسيلة من وسائل الاعلام مقرعين أوباما مسبقا على كل فشل قد يحدث. وقد كان آخر من عايره بهذه الحقيقة د.نبيل العربي أمين الجامعة العربية، حتى اعتقدت أن 'أبو بكر شينكو' زعيم جماعة بوكو حرام سينهي تخفيه ليذكر أوباما بذلك ! ففي فترة رئاسته السابقة اتهم الكثير من المحللين الرئيس باراك أوباما بانتهاجه إطار'الصّفقات' لتسوية القضايا المحيطة بالخليج العربي، ومما يقلقنا ان معظم تلك الصفقات لا زالت في منتصف مراحلها، فيما تظهر قضايا اخرى لن ينفع معها اسلوب الصفقات.فما هي الملفات التي تمس امن الخليج في حقيبة أوباما؟ .
1-مواجهة التحدي الايراني.الذي صرح ذات يوم 'لن أسمح لإيران في عهدي بامتلاك سلاح نووي 'و هذا الحزم تحكمه أمور منها : أ - كثرة الضغوط التي يواجهها ستدفعه لوضع سياسة أكثر حزما للوقف الفوري لقدرة ايران على تخصيب اليورانيوم. ب - ضرورة رد التحدي الايراني للسياسة الامريكية في سوريا والعراق ولبنان وحتى اليمن والسودان . ج- ستكون سوريا ساحة المواجهة القادمة ومن يحسمها لصالحه ينتصر في صراع الارادات د- قد يستغل أوباما المماحكات الخفية الدائرة بين نجاد و خامنئي ،فغريزة البقاء تدفع كلاهما لأخذ زمام المبادرة لفتح باب التفاوض مع واشطن. هـ- قد ينتظر أوباما نتائج الانتخابات الاسرائيلية في يناير 2013م فلعل وصول متطرفين صهاينة لتل أبيب يثير مخاوف طهران ويغير من تعنتها. ومثلها الايرانية في يونيو 2013م وقد تكون فرصة لأوباما لاختراق الستار الفارسية الثقيلة عبر دعم الاصلاحيين وهو الاسلوب الذي نفضلة في الخليج مع العقوبات الاقتصادية بدل العمل العسكري .
2- في سوريا يرى أوباما ضرورة إستكمال الغطاء السياسي. لكن نشر ذلك الغطاء لن يتم الا عبر أعمدة أحدهما قاعدته طهران ويتطلب تسوية بصفقة حول برنامجها النووي.و العمود الاخر في دول مجلس التعاون سواء بالدعم السياسي او بزيادة حجم الأسلحة للمعارضة في صناديق خليجية .فما موقفنا من تلك الصفقة التي تعني التنازل الاميركي لايران في مكان آخر. وإمكانية وصول جماعات يقلقنا وصولها للحكم في دمشق وقد تتسبب في إنقلاب المشهد الاستراتيجي .
3- أظهر الربيع العربي أرتباك واشنطن في البداية. ولم نقلقل على ذلك بقدر قلقنا من استعادتها لاتزانها وعودتها لعقد الصفقات مع مخرجات الربيع العربي من أحزاب أسلامية شمولية كالاخوان والسلفيين والاحزاب الشيعة في العراق خاصة. أو حراك شبابي لارأس له مما يجعله سهل الانقياد حين الامساك بأحد اطرافه. فقد عمدت واشنطن وستستمر في تنظيم ورش العمل في السفارات الأميركية للشباب عن القيادة و الحراك الشعبي و المطالبة بالحقوق في حين قد لاينقصهم شيئ من ذلك .وما يقلقنا أن مايجري هو تنفيذ لخارطة طريق صرح بها أوباما في مايو 2011 م وطرح خلالها فكرة تقديم الدعم للديمقراطيات الجديدة .
4- لكون النفط مفتاح العلاقات الخليجية الاميركية يراهن صناع القرار الخليجي على عدم ظهور خريطة تحالفات جديدة تفرض نفسها في المنطقة وتستثنيهم .لكن نفطنا في الوقت نفسه هو جرعة المغذي لدى أوباما لتقوية الاقتصاد الاميركي العليل،وخفض النفقات مع زيادة الضرائب يعني انخفاض قيمته والتقليل من صادراته وهبوط قيمة عملتنا المرتبطة بالدولار. وعزاؤنا الوحيد ان خطة أوباما تعني استمرار الاعتماد على نفطنا حتى 2014م فهل تدبرنا امرنا بعد ذلك !
5 – رغم فشلها في ترجمة المبالغ الضخمة التي نصرفها لتصبح قوة عسكرية فعالة إلا ان واشنطن لازالت ترى ان بيع السلاح لنا هو الطريقة المفضلة للخروج من الازمات الاقتصادية، وقد أثبتنا أننا المنقذ لها في فترات الانكماش الاقتصادي. وعليه سيستمر أوباما في تنفيذ أكبر صفقة أسلحة في تاريخ أميركا طرفها الاخر دول الخليج من الكويت شمالا حتى عمان جنوبا.
في فترة رئاسته الاولى أخفق الرئيس أوباما في حفظ أمن الخليج، فإيران لازالت تنتج اليورانيوم وتقوم بمناورات عسكرية كل أسبوعين ،وبدون تدخل عسكري أو صفقة مع الصين وروسيا ستستمر جرائم الاسد وستستمر كماشة طهران دمشق في قضم كل جهد خليجي لوقف القتل هناك. بل ان واشنطن اظهرت بما لا يدعوا للشك امكانية تعاملها مع كل تغيير سياسي يحدث في المنطقة باسلوب براغماتي بارد .بل ان النفط و هو جسر التواصل بيننا سيتحول الى الحقنة التي يعول عليها اوباما بعد فوزه بولاية ثانية لمعالجة الاقتصاد الاميركي مما يعني انتقال الوهن لاقتصادنا ، سواء جراء ارتباطه بالدولار أو لامتصاص حيويته بصفقات السلاح الاميركية . أما في مطلع ولايته الثانية فلم يرجح أوباما أن يولي اهتماما لدول الخليج في القريب العاجل. فقد تحول اهتمام إدارته للتحديات الأمنية والسياسية في منطقة جنوب شرق أسيا، وإذا لم يكن هناك تحرك خليجي مشترك حيال الملفات الامنية مع واشنطن فلن يبقى لنا إلا انتظار نتائج الصفقات التي يعقدها مع طهران ودمشق، فهل نفهم تلميحا بحجم بعير!
تعليقات