الحج عبادة.. أم تجارة؟! بقلم سليمان محمد المنديل
الاقتصاد الآننوفمبر 12, 2012, 10:36 ص 864 مشاهدات 0
بمناسبة موسم الحج لهذا العام، خصصَ أحد البرامج الحوارية على قناة الإذاعة البريطانية، حلقة حول موضوع الحج، وبدأ البرنامج بسؤال للجمهور ملخصه: هل تحوّل موسم الحج من نشاط ديني إلى نشاط تجاري؟! على أن تُعرض نتائج الاستفتاء بنهاية الحلقة، وخلال الحلقة تحدث الكثير من الحجاج، وأغلبهم كان ينتقد المبالغة في تكاليف الحج، وخدماته، وهو ما يتضمن نقداً مبطناً لأسلوب إدارة عملية الحج. وفي نهاية الحلقة كانت نتيجة الاستفتاء (حسب ما ذكرته المحطة) أن 63% قالوا إن الحج قد تحوَّل إلى نشاط تجاري!!
في مقابل تلك الصورة، فإن كل الصور التي نشاهدها حول ما قامت، وتقوم به الحكومة السعودية من تجهيزات، واستعدادات، واهتمام بالحجاج، هو ما لا يُمكن أن تقوم به أي دولة أخرى، بدءاً بالعناية الطبية، والجسور، والكباري، ومتطلبات الأمن، وتوفير مستلزمات الحج من مأكل، ومأوى... إلخ.. فكيف نوفّـق بين المشهدين، مشهد الحجاج المتذمرين، ومشهد أوجه البذل، والصرف، التي تقوم بها الحكومة لراحة الحجاج؟
الجواب على ذلك السؤال يقودنا إلى أن الحكومة السعودية قامت، وتقوم بكل ما يُوفر الراحة للحجاج، من خلال مشاريعها للبنية التحتية، ومشاريع الطرق، ومشاريع الجمرات، كما تتولى عملية إدارة الأمن، والمرور... إلخ، ولكن هناك جزءاً أساسياً يتعلق براحة الحجاج، والأهم حصوله على الخدمة بسعر يتناسب مع قدراته، وهذا الجزء تُرك للقطاع الخاص، ولما يُمكن أن أسميهم تجار الحج، ولذلك شاهدنا غلاء كلفة إيجار الخيام، وإهمال مؤسسات الحج والطوافة للمشتركين معهم، دون وجود رقيب، أو حسيب عليهم، وغلاء الأضاحي، وتكليف الحاج برسوم عالية من قِبل مستثمرين، حتى ولو كانت عربية لنقل مسن، تجاوزت كلفة إيجارها ألف ريال لليوم!!
المعروف أن الحكومة السعودية ترفض الحديث عن فرض رسوم على الحجاج، ولكن في الوقت الذي اهتمت فيه الحكومة بكل المشاريع الرئيسية للحج، إلا أن الجزء الذي تُرك للاستثمار الشخصي، وهي مع الأسف ما ينظر إليه الحاج، لأنها تخرج من جيبه الخاص، فقد تُركت دون مراقبة، أو اهتمام حتى الآن.
ولذلك دعوتي اليوم هي أن تكون عملية الحج متكاملة، من حيث إنها تشمل أي مشاريع ضرورية، لتيسير عملية الحج، ولكن يجب أن تشمل عملية مراقبة الحج جميع جوانبها، بما في ذلك الأمور الحياتية للحاج، خلال فترة حجه.
أيضاً أظهرت صور التزاحم على قطار المشاعر، والإعلان عن أن 160 ألف حاج حاولوا استخدام القطار بدون تذاكر، كل ذلك يثير لي تساؤلاً، وهو في ظل كل ما تكلّفته الحكومة من مصاريف، لماذا لا تكون عملية استخدام قطار المشاعر مجانية، لتشجيع الحجاج على تقليص عدد السيارات، وهذا بحد ذاته يحقق فائدة تتجاوز فائدة أي دخل متحقق، خصوصاً أن الإقبال على استخدام القطار، قد أثبت أن الكثير قد أحجموا عن دفع تكاليف الفاتورة، وآثروا استخدام الوسائل الأخرى، أو هم من هجم على محطاته، لاستخدامه بدون تذاكر!! دعونا نفكر بعيداً عن النمطية، فالعالم كله يُراقبنا، ويُمكن أن يكون نجاحنا هنا مدعاة للإشادة بنا، بدلاً من اتهامنا باستغلال موسم الحج والحجاج، ونحن كحكومة، وكشعب، براء من ذلك، ولكننا لا نُبرئ تجار الحج!!
أخيراً فإن الحديث عن حملات الحج ذات الخمس نجوم، فهي أيضاً مصدر نقد شديد لنا من الآخرين، ومعهم الحق، فهي تستحوذ على مساحات كبيرة، ولا يُمكن بأي حال من الأحوال أن تُعبّر عن مفهوم الحج، وهو الذي يعني التساوي بين الجميع، ولذلك أستغرب من أن دعاتنا لا ينتقدون تلك المظاهر، وربما أن أحد الأسباب أن أولئك الدعاة يُستضافون من قِبل تلك الحملات، وهذه مأساة، تجعلنا مرة أخرى، مجالاً للنقد من قِبل الآخرين!!
تعليقات