المقاطع يكتب: بين الشرعية السياسية والشرعية الدستورية!
زاوية الكتابكتب نوفمبر 11, 2012, 11:57 م 948 مشاهدات 0
القبس
الديوانية / بين الشرعية السياسية والشرعية الدستورية
أ.د محمد عبد المحسن المقاطع
أسدل يوم الجمعة الموافق 2012/11/9 الستار على قبول طلبات الترشيح لعضوية مجلس الأمة بتقدم 387 مرشحا ومرشحة، وتبدأ منذ هذه اللحظة تحركات متزامنة متضادة، التحرك الأول من قبل الأغلبية السابقة لمجلس 2012 الأول، والتي تسعى لانجاح المقاطعة وحشد الجهود لتحقيق ذلك، والثاني من قبل المرشحين وبعض الأطراف السياسية التي تسعى لرفع نسبة المشاركة، وهو ما تهدف الى تحقيقه السلطة أيضاً، وأيا كانت طبيعة ووسائل كل طرف في مساعيه، فالسؤال المهم هنا هو:
ما هي الغاية من خفض نسبة التصويت بالمقاطعة؟ وما هي الغاية من رفع هذه النسبة بالمشاركة؟
هو بكل تأكيد التأثير في المشروعية السياسية للمرسوم بقانون رقم 20 لسنة 2012، سواء باثبات توافرها له أو افتقادها فيه، وذلك كله اعتمادا على نسبة التصويت. فالمشروعية السياسية تتحقق لأي عمل يتخذه الشعب أو أي سلطة من السلطات يتصل بالشأن العام في الدولة اذا تحقق له دعم ومساندة شعبية، ومن هنا ولدت فكرة الاستفتاء الشعبي لاضفاء المشروعية على أعمال أو توجهات أو قرارات للسلطات سواء تم بصورة مسبقة أو لاحقة، وقد يكون الاستفتاء قيمة دستورية الى جوار قيمته السياسية، فيكون ملزما وذلك بالنسبة للدول التي تقرر له دساتيرها هذه القيمة، ويبقى أنه أداة فعالة في اظهار توافر المشروعية السياسية لقرار ما من عدمها.
وفي هذا الاطار تعتبر نسبة التصويت في الانتخابات مؤشرا مهما على توافر المشروعية السياسية من عدمها لتعديل قانون الانتخاب بالمرسوم رقم 20 لسنة 2012، مع أهمية تأكيد أن المشروعية الدستورية متوافرة له فقد صدر استنادا الى الدستور من سلطة مختصة به، وتملك تقدير الضرورة وبالشروط المحددة بالدستور تحت رقابة القضاء الذي يملك أن يقرر عدم دستوريته لو كان لذلك أساس يستند اليه، ولذا يجب عدم الخلط بين الأمرين اذ فقدان المشروعية السياسية يعني عدم تحقق غطاء سياسي وشعبي للقرار، ولا تنال من سلامته القانونية أو الدستورية، في حين أن المشروعية الدستورية هي التي يترتب عليها اعتبار العمل خارج النظام القانوني أو متفقا معه.
والسؤال الآن: ما هي النسبة التصويتية اللازم تحققها في الانتخابات المقبلة لتأكيد توافر المشروعية السياسية أو فقدانها؟ ان متوسط مشاركة الناخبين في انتخابات مجلس الأمة منذ صدور الدستور وحتى آخر انتخابات تقريبا %63، وقد كانت أقربها الى هذه النسبة نسبة المشاركين في الانتخابات الأخيرة التي تمت في 2012/2/2 حيث بلغت النسبة %63 تقريبا بمشاركة 257500 ناخب تقريبا. وعليه فان نسبة المشاركة اذا تعدت نصف متوسط العدد الذي يشارك عادة في الانتخابات وهي نسبة %32 أي ما يقارب 136000 ناخب تكون المشروعية السياسية تحققت في رأي البعض، واذا قلت عن ذلك فلا تتحقق.
وفي تقديري الشخصي فان المطلوب عدد اكبر من نصف من يشارك عادة بنسبة ترجيحية تفوق %10، ولهذا فان نسبة %40 من أعداد الناخبين وهي 165000 ناخب أو أكثر حتى تتحقق المشروعية السياسية والا لا تعتبر متوافرة ان لم تتحقق هذه النسبة.
وعليه فان على من سيشارك، وكذلك من سيقاطع الانتخابات، ومن يدعم أي اتجاه منهما عليه أن يعي في سعيهما في رفع نسبة التصويت أو تخفيضها هذا الاعتبار، وأن يدرك الناس الغاية من ذلك كله ودلالاته السياسية، التي تؤثر في المشروعية السياسية لا الدستورية بكل تأكيد.
تعليقات