مكة والمدينة.. الاستثمار في المستقبل بقلم أحمد بن عبدالرحمن الجبير

الاقتصاد الآن

719 مشاهدات 0


 كنت قد قرأت دراسات عديدة عن الاستثمار الاستراتيجي في المملكة، وقد وجدت دراسات أجنبية قد نظرت وببعد مستقبلي لإمكانات الاستثمار في مكة والمدينة، استثمار متوازٍ مع الجانب الديني والروحي والمعنوي، ومع الاجتماع الإسلامي الكبير والمهيب الذي تجاوز هذا العام عن (4 ملايين) حاج.

الاستثمار له شروطه وله صيغة وآلياته كونه محكوماً بمكانين مقدسين،ولهذا فإن للاستثمار أخلاقيات يجب توافرها مهما كانت الظروف، فهي محاكاة للقيم الإسلامية، وتطبيق عملي اقتصادي لها، فبدلاً من الاستغلال البشع أحياناً، وبدلاً من الذهاب إلى مكة والمدينة بغرض تجاري، مرتبط بموسمي الحج والعمرة، فإن وجود نظام استثماري خاص لهذين المكانين، سيكون له مردود اقتصادي من جانب وسيكون له مردود معنوي وإنساني، وسيكون رصيداً للقوة الناعمة والمؤثرة السعودية.

اقتصادات الحج والعمرة، بالمفهوم المالي والمعنوي والاعتباري كبيرة جدا، إن وجدت التخطيط الحقيقي، فالدولة مشكورة على جهودها بالرعاية الكريمة، وبنعمة الأمن والاستقرار، فإنها مدعوة أيضا للتفكير بهذا المنطق، بهدف تقديم نموذج إسلامي ديني واقتصادي متماثل، قائم على أخلاقيات وقيم إسلامية، ومستند على رعاية سعودية كافية وضافية

هؤلاء الحجاج والمعتمرون والزائرون يأتون لبلادنا ليؤدوا مناسكهم مرضاة لله، ولهم متطلبات كثيرة من سكن وإعاشة ووسائل انتقال، وللاستفادة من وجودهم في هذا الموسم العظيم هناك بعض الأفكار التي تحقق الفائدة للوطن والمواطن، فالسعي إلى إنشاء مشاريع تصنيع عظيمة مثل مصانع اللحوم، والجلود، والهدايا والأقمشة وسجادة الصلاة والمسابح وألعاب الأطفال، ومصنع لمجسمات للكعبة والحرم والمسجد النبوي ومياه زمزم ومصانع لإعادة فرز النفايات أو العمل على إنشاء شركة مساهمة لخدمات الحجاج برؤوس أموال ضخمة تستطيع القيام بهذه المشاريع وعلى مستوى عالٍ من التطور، يسهم فيها جميع المواطنين، وشركة لخدمات الحجيج ذات بعد سياحي مثلا، حيث يأتي الحاج ضمن مشروع سياحي ديني وتاريخي أيضا.

في المقابل لا نبخس حق الدوله كراعية للحرمين الشريفين التي تقدم خدماتها دون النظر للعوائد الاقتصادية عليها، فهي تنفق الملايين سنوياً لتطوير وتوسعة الحرمين، وبناء المشاريع لحجاج بيت الله، ومساعدة الفقراء في كل مكان دون مقابل، وتجربتها الناجحة في المشروع الإنساني (الإفادة من الهدي والأضاحي)، وإذا كانت الدولة قد استغنت عن تحصيل أي رسوم على القادمين لبيت الله الحرام، فإننا يجب ألا نغفل الشأن الاقتصادي لموسم الحج والعمرة، وقدوم هذه الحشود الكبيرة، وما ينفق عليها من سكن، وشراء للسلع والمأكولات والمشروبات والملابس والمواصلات.

وفي ظل غياب المعلومات والبيانات وضعف الجهود المبذولة من قبل وزارة التخطيط والاقتصاد حيث اتضح أنها لا تملك إحصائيات لقياس مستوى الإسكان وتوفر السلع والمواد الغذائية وخدمات النقل، ونسب إنفاق الحجاج والمعتمرين أثناء وجودهم في مكة والمدينة، لذا نتمنى من الجهات المختصة الأخرى مثل وزارتي الداخلية والحج وإمارة مكة والغرف التجارية ومعهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج وجامعة أم القرى، عقد اجتماعات دورية لتفعيل الجانب الاقتصادي للحج والعمرة وتطوير الأداء المؤسسي، وإنشاء مركز متخصص في (اقتصاديات الحج) يستقطب الكفاءات الوطنية، ويوفر المعلومات والبيانات الإحصائية ويدعم الاقتصاد الوطني.

همسة في أذن المسئول السعودي، التخطيط الاستراتيجي لاقتصادات الحج المتكاملة المشاريع والأهداف ستؤدي إلى حل العديد من المشكلات، وستؤدي إلى وجود اقتصادات رديفة للاقتصاد النفطي، نحن بحاجة ماسة لصناعة استثمارية بضوابط مكة والمدينة وروحانيتها ومكانتها الدينية لدى جميع المسلمين.

الآن:الجزيرة

تعليقات

اكتب تعليقك