حقيقة البدون بقلم محمد جميل سالم
زاوية الكتابكتب نوفمبر 7, 2012, 11:18 ص 17876 مشاهدات 0
منذ نهاية الخمسينات وبعد صدور قانون الجنسية الكويتي وإستقلال الدولة وبعد حصول السيد ( مضف المضف ) على الجنسية رقم 1 ليكون أول مواطن كويتي يتشرف بإستلام الجنسية الكويتية في بداية ستينيات القرن الماضي ولا زال الكويتيين البدون يدفعون ضريبة النظرة القاصرة والضيقة من المسئولين خلال تلك الفترة ، وإلى الآن جيلاً بعد جيل لأسباب عديدة.
وإنتهى الحكم الفاشي لعبدالكريم قاسم ، وإنتهت حرب الخليج وإنتهى الغزو العراقي الغاشم ، وطبعنا علاقاتنا مع جميع دول الضد التي كانت تناصر وتدعم صدام بجنونه وجبروته بل أن الطاغية صدام ذهب بلا رجعة والبدون ' من أسوء لأسوء'.
لنقلها بكل صراحة منذ الإستقلال ولسنوات قليلة متلاحقة تم تجنيس مما لا يستحقون، وترك المستحقين للتجنيس من البدون ومنهم العسكريين وأبناء الشهداء وقدامى العاملين بالنفط.
ومن أبرز الأسباب التي أدت لتآخر استحقاق التجنيس هي معاهدة سايسبيكو المشئومة لتقطع أوصال هذه القبائل والعشائر والتي ينحدر منها 'البدون'، وكأنها تريد نفيهم وابطال أي وجود حيوي لهم في الجزيرة العربية.
فوفقا لهذه الاتفاقية الدولية تم ترسيم الحدود بين هذه الدول وأصبحت هذه العشائر والقبائل مقسمة بين الدول الثلاثة انهم وبلا شك يعدون مكون رئيسي من مكونات أبناء بادية دولة الكويت ، فأماكن سكنهم كانت تمتد في المناطق التالية : الروضتين والصبية وعشيرج وواره والصبيحية والشقايا والعبدلية والوفرة والمقوع ومَلَحْ والبدوية ورحية ، وبعض المناطق الأخرى .
وتم الإعلان الرسمي في الدولة فور الإستقلال بضرورة حصر وتسجيل جميع مواطني دولة الكويت الوليده تمهيداً لإعطائهم الجنسية الكويتية وتم الإعلان عن ضرورة التسجيل في المناطق القريبة من دوائر صنع القرار ، للقاطنين داخل السور ، وبعض المناطق الساحلية كالفنطاس وأبو حليفة والفحاحيل والجهراء ، وإستثني منها سكان المناطق الصحراوية موقع سكن الغالبية العظمى من أبناء هذه القبائل والعشائر ، وذلك لعدم وجود النية الصادقه لإستيعابهم لأمور سياسية ومذهبية وأخرى لوجستية.
وأيضاً لعدم وجود الوسائل المسموعة أو المقروئة أو المرئية الدالة على وجوب التسجيل للحصول على الجنسية وكذلك لبساطة وبدائية أبناء تلك الفئة ولعدم معرفتهم وإدراكهم بما تعنيه هذه الورقة بنظرهم ولعدم وجود وسائل النقل التي تقلهم لاماكن التسجيل والتي كان من المفروض على الدولة أن توفرها لسكان هذه المناطق وكان من الحري بالسلطة آن ذاك تمديد فترة التسجيل لإستيعاب الأعداد الكبيرة من أبناء البادية التي لم تحصل على شهادة إثبات الجنسية ، ولم تتحرك الحكومات المتلاحقة لدولة الكويت لتلافي أخطاء الماضي ، بل أبقت على هذا الملف الخطير جداً على السلم والنظام العام بالدولة بل إن الحكومات السابقة إتخذت كذلك منحى خطير على السلم العالمي يضر بسمة الكويت في المحافل الدولية ، وشجعت أبناء هذه الفئة بتسهيل حصولهم على جوازات مزورة من بلدان العالم الثالث مثل اريتريا والدومونيكان وليبيريا والصومال الخ .
قاصدة عن عمد التخلص من أبناء هذه الفئة ، مما دفع الكثير منهم للهجرة خارج الوطن ، وكان مصير البعض منهم السجن لحملهم هذه الجوازات المزورة ، لقد صنعت الدولة هذه المشكلة وهمشت أبناء هذه الفئة وحرمتهم من نيل كامل حقوقهم التي كفلتها لهم الأعراف والمواثيق الدولية والدستور الكويتي ، والآن يعيش الجيل الخامس من أبناء هذه الفئة ، ونسى من اتخذ قرار التهميش والتضييقة أن الكويت دولة هجراتة وحكام الكويت آل الصباح الكرام أنفسهم كما لا يخفى على الجميع هاجروا من نجد ومن منطقة الهدار بالتحديد الى الكويت مروراً في البحرين وإستقروا بالكويت .
وهل من المعقول والمنطق أن أبناء هذه القبائل والعشائر العربية الأصيلة ، ينحدرون من أصول هذه الدول ، فما ذنب أبناء هذه الفئة بما يحصل لهم بعد أكثر من ٥٠ عام ، فمنهم من إستشهد دفاعاً عن الوطن ومنهم من شارك في الحروب القومية ٦٧ و ٧٣ و ٨/٢ وحرب تحرير الكويت التي إختلطت فيها دمائنا فلم يفرق العدو الغاشم هذا كويتي يحمل جنسية وهذا ( بدون ) .
وكذلك منهم من تم أسره أيضاً لا يمكن أن نتجاهل عمال شركة النفط الذي بنيت الكويت الحديثة بسواعدهم مع إخوانهم الكويتيين جنباً إلى جنب ، وكذلك من حمل علم دولة الكويت ، في المحافل الدولية من الرياضيين ، وكذلك منهم الدكاترة والأكاديميين والمهندسين والمفكرين الخ.. ، علماً بأن الغالبية منهم ، يملكون الأوراق الثبوتية الرسمية ، الدالة على تواجدهم قبل إستقلال دولة الكويت أي منذ الخمسينات ، وكذلك منهم من تم تسجيله بأول إحصاء رسمي للدولة في عام ١٩٦٥ علماً بأن من يحملون هذا الإحصاء يقدر عددهم حالياً وفق الأرقام الرسمية للدولة ٤٥ ألف فرد والبقية منهم لم يسجلو للجهل ولعدم ذهاب موظفين الإحصاء لأماكن سكناهم في المناطق الصحراوية النائية وهذه مسئولية السلطة آنذاك.
وبعد الغزو العراقي الغاشم وبعد تحرير دولة الكويت عام ١٩٩١ من براثن صدام وزبانيته ، عدنا مرة أخرى الى المربع الأول والتهميش الثاني الكبير الذي أكل الأخضر واليابس مما تبقى من آدميتنا وتمت محاربتنا من خلال الجيل من أبنائنا الذين ولدو أثناء الغزو وما بعده بحرمانه من التعليم والطبابة وشهادة الميلاد وشهادة الوفاة والتوظيف الخ ، كوسائل ضغط على آبائهم .
ولا زلنا نعاني هذا التمييز في وطننا الذي هيمن عليه العنصريون الذين وكلوا بعدم حل قضيتنا وفق ما نراه على الساحة السياسية الكويتية متمثلاً بالحكومات والمجالس النيابية المتلاحقة التي لم نرى منها أية بادرة للحل وفق المستقبل المنظور .
وترك مصير قضيتنا للعنصريون وهم الذين شبوا مع نشأة قضيتنا وشابوا عليها الى الآن وهم جاثمون على صدورنا .
وتفننت وتفتقت قريحة المستشارين لحكوماتنا السابقة بتسميات عدة لشريحتنا الكبيرة ، عبر التاريخ ففي البداية كان يطلق عليهم كويتيين وفق إحصاء ١٩٦٥م
حيث كانت الدولة تأخذ بإسمهم حصة من النفط حتى نهاية ثمانينيات القرن الماضي ، وبعدها تغيرت المسميات بداية بأبناء بادية الكويت ثم غير كويتي ثم غير مبين ثم غير محدد الجنسية وأخيرا المسمى المقيت مقيمين بصورة غير قانونية ، فهل يعقل أخي القارئ المنصف أن يتم تسميتنا بهذه المسميات التي ما أنزل الله بها من سلطان !!!.
وزادت حكوماتنا المتلاحقة الطين بلة عندما وكلت قضيتنا بدايةً للجنة التنفيذية ومن ثم الجهاز المركزي والذي صنف البدون لعدة تصنيفات غير منصفة وبعد هذا السرد التاريخي لتطور قضيتنا العادلة لا بد أن يتم حل هذه القضية الأزلية وإلى الأبد وفق المعطيات والمطالب التالية :
1- حق المواطنة والإعتراف بالشخصية القانونية وإصدار بطاقة مدنية أو بطاقة معتمدة من الدول تسهل المعاملات القانونية والحياتية اليومية.
2- تميكن القضاء النظر في منازعات الجنسية بتعديل قانون الدائرة الإدارية فيما يتعلق بمسألة الرقابة على نزاعات الجنسية.
3- إنهاء قضية كل من تورطوا واستخرجوا جوازات مزورة تحت أي ظرف.
4- إلزام الجهاز المركزي بتسجيل غير المسجلين لديه من البدون والوقف الفوري للقرار التعسفي بسحب بطاقات المراجعة من البدون المسجلين لديه بحجة القيود الأمنية التي لم تحال إلى القضاء وإرجاع بطاقات المراجعة لكل من سحبت منه من غير سند قانوني.
5- إحالة جميع القيود الأمنية إلى القضاء للفصل في جدية تلك القيود الأمنية التي تفتقد في مجملها إلى الأدلة والبراهين.
6- إقرار الحقوق القانونية والمدنية للكويتيين البدون بقانون.
7- رفض التقسيمات التي أعلن عنها الجهاز المركزي وتصنيفاته المغلوطة.
كاتب المقال : محمد جميل سالم
تعليقات