المرشح الخليجي في الانتخابات الاميركية
عربي و دولينوفمبر 7, 2012, 12:02 ص 1798 مشاهدات 0
بالرغم من الجو السياسي العاصف في الكويت،إلا ان سفارة الولايات المتحدة الاميركية بعثت بدعوات للمشاركة في الاحتفال بيوم الانتخاب 'Election day' في 6 نوفمبر 2012م. لم يكن المقصود بالحدث الذي تلقيت الدعوة لحضوره في فندق الريجنسي الإنتخابات النيابية بالكويت والتي جعلنا مخاضها العسير في عيون المراقبين بلد على وشك أرتداء أزمة، وإن لم يفعل فسترتديه،وأكدت ذلك مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني التي حذرت الكويت من فقدان تصنيفها السيادي جراء تصاعد الاحتجاجات السياسية.المقصود من الدعوة كان الانتخابات الاميركية لاختيار الرجل الذي سيقود العالم في الاربع سنوات القادمة.
حين أفتتح مرشح الحزب الجمهوري ميت رومني سوق الكلام تحدث عن أمريكا القوية كما كانت في عهد رونالد ريغان الذي فكك الاتحاد السوفيتي، وعهد بوش الاب الذي حرر الكويت، ثم أبنه الذي أحتل افغانستان والعراق . فقد وعدنا رومني بحضور عسكري أكبر لآمريكا في نزاعات الشرق الأوسط، مما يعني في الخليج واحد من ثلاثة أمور أو جميعها معا:
1- التدخل العسكري المباشر كما حدث في لبنان على يد ريغان1982م ،وفي العراق على يد بوش الابن2003م.وستكون حماية مضيق هرمز وحقول النفط مبرر صالح لذلك التدخل حتى نفاذ آخر قطرة بترول خليجية.
2- إقامة القواعد وتوسيع التسهيلات العسكرية بما يتبعها من جعلنا رهينة لتهديدان إيران كلما أختلفت مع الغرب، بالاضافة الى ثغرات التواجد القانونية وعبئها الاقتصادي ،ودلالتها كمؤشر على عدم الاستقرار .
3-ربطنا بمشاريع التسلح الاميركية الضخمة التي لن تشير مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني لخطرها طالما كانت الدورة المالية تخرج من باطن الصحراء وتنتهي في صناديق البنوك الغربية .وفي ذلك نزعة عسكرية لسنا بحاجة لها بعد الازمة الاقتصادية .
ومن أجل إضاءة إشكالية من يريد الخليجيين وصوله للبيت الابيض نحتاج لتوسيع دائرة المقارنات والقفز من برامج المرشحين العسكرية الى برامجهم السياسية ثم الاقتصادية .لكن ثبات السياسة الخارجية الاميركية التي يقررها الكونجرس ومراكز الابحاث الاستراتيجية تجعل من الصعوبة القفز من القراءة التحليلية الى الآستشرافية بيسر.
وعد رومني مواطنية بعودة الولايات المتحدة إلى واجهة الأحداث العالمية . ومعه حق في ذلك فقد لاحظ الكثير من المراقبين ان دول الخليج رغم إمكانياتها المتواضعة كلاعب على الساحة الدولية كانت أكثر حضورا وفعالية من أمريكا على مسرح ليبيا واليمن وحاليا سوريا، وتراجعت سي إن إن التي حركت حرب تحرير الكويت 1991م وفوكس التي شاركت في حرب تحرير العراق 2003م لتأخذ مكانها قناة العربية وقناة الجزيرة التي لن تتفاجأ ببثها في مقهى في نيويورك . وقد لانجرؤ على التلميح بمزاحمة دول الخليج للولايات المتحدة على الساحة الدولية لكن روسيا والصين هما من قرر سيناريو عمل الامم المتحدة حيال قضايا دولية راهنة آخرها الازمة السورية . وقد ظهرت تعليقات رومني مترتبكة ومتناقضة وساذجة في بعض قضايا السياسة الخارجية .بل وعدوانية تجاه العرب وقضيتهم المركزية ضد الصهاينة . فقد وعد بربط المساعدات لمصر باحترام الاتفاقيات مع إسرائيل و ومع دول عربية أخرى باحترام الديمقراطية بالنسخة الاميركية . اما تناقض برنامجه فيظهر في استعارته زي ديك تشيني اليميني البروتستنتي المحافظ ، بينما رومني نفسه مبشر مورمني يحرم الخمر والخنزير ويبيح مذهبه تعدد الزوجات. وقد أمتدح رومني وصول سوهارتو الدموي للسلطة في اندونيسيا 1967م بدعم السي آي ايه ، حيث يتشابه في ذلك مع سلفه بشير المورمنز الاول 'جوزيف سميث' صاحب الأخطاء الشنيعة في قراءة التاريخ، حيث كتب سميث'بالحروف المصرية المعدلة' إبان حرب المورمنز 1838م في ميزوري 'انا النبي محمد الثاني 'الذي يستخدم السيف لنشر فكره “I will be a second Mohammed, whose motto in treating for peace the Sword”
كل ذلك يجعل مرافعات رومني في مجال السياسة الخارجية سطحيّة على الصعيد المعرفي . وعلى ذلك الجهل سيقام نظام أمن خليجي تكون فيه دول الخليج جبهة من جيهات العداوات الاميركية سواء ضد منافس أقليمي أودولي لواشنطن فهل نريد ان نرتدي الدرع الثقيل المتعب في الاربع سنوات القادمة أم أن نرفل في ثياب السلام ؟
أما البرنامج الاقتصادي للمرشح الجمهوري ميت رومني فقد ظهرت ردات الفعل المناوئة له بالمئات. وكان أوضحها حركة 'احتلوا وول ستريت' والمناهضين للرأسمالية الذين قاموا بتنظيم مظاهرات عدة معتبرين برنامج رومني مدمرا للطبقة المتوسطة.وفيما يخصنا في الخليج لاتبشر سياسته الاقتصادية بالخير حيث تنطلق من تعريفه الضيق للمصالح الأميركية، التي يهددنا عبرها بأنه سيكون أكثر التزاماً وتشدداً في الهامش الذي يمكن منحه للشركاء الاقتصاديين كدول الخليج.
صحيح ان أوباما اراد التصالح مع العالم كما قال،وقام بسحب القوات الأميركية من العراق وستلحقها افغانستان ولم يفلح تماما، لكنه رفض مشاركة اسرائيل في الهجوم على ايران لاسباب تحمي في النهاية دول الخليج . كما أنه تصالح مع العالم الاسلامي في خطاب جامعة القاهرة 2009م وحدث العرب كما لم يفعل رئيس اميركي قبله ،واظهر أقصى درجات الاحترام في انحناءته للخليجيين في شخص خادم الحرمين الشريفين حين قابله أول مرة في نفس العام .وصحيح ان برنامجه الاقتصادي نفذه مساعدوه بصورة ترقيعية، لكن عذره ان الكوارث العسكرية والاقتصادية كانت بسبب سياسة الجمهوريين الذين سبقوه.
و لو أن مضيفينا الاميركان وضعوا صناديق وأوراق اقتراع أفتراضية يصوت عبرها ضيفهم الخليجي لشكلنا لوبي خليجي أفتراضي في غياب علاقة متوازنة مع واشنطن.و لهوي المرشح رومني في قاع أختياراتي كرئيس، بسبب برنامجه الجمهوري المتطرف، لكن واشنطن تنظر للديمقراطية لدينا كعنوان يبحث عن محتوى. فأبشر بالسلامة يارومني .
تعليقات