مجلس التعاون وماليزيا نحو شراكة اقتصادية دائمة بقلم د. عبد الله القويز
الاقتصاد الآننوفمبر 6, 2012, 2:01 م 565 مشاهدات 0
طغت الأخبار الاقتصادية السيئة والتوقعات المتشائمة للنمو على الاجتماع السنوي لكل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الذي عقد في الأسبوع الماضي في طوكيو:-
- فالاقتصاد العالمي سيظل يعاني من الأزمتين المالية والاقتصادية اللتين ضربتا كلا من الولايات المتحدة وأوروبا. وهذه المعاناة قد تستمر حتى عام 2015.
- كما أن الصين التي لم يكن لها حضور ملموس في ذلك الاجتماع نتيجة لخلافاتها الحدودية مع اليابان، قد يشهد اقتصادها تباطؤا حقيقيا في النمو قدره أحد الاقتصاديين المرموقين بـ 3 في المائة خلال الخمس سنوات المقبلة.
- وتعديل القوة التصويتية لصندوق النقد الدولي، لكي يعكس القوة التصويتية للدول الصاعدة الذي تم إقراره في عام 2010 لم يدخل حيز التنفيذ في شهر تشرين الأول (أكتوبر) هذا العام، كما كان مقررا، لأن الولايات المتحدة لن تصادق على هذا القرار إلا بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
- أما الأوروبيون فقد أثاروا الكثير من الشكوك حول الاتحاد البنكي الذي كان يظن أنهم قد أقروه قبل مجيئهم إلى طوكيو. وتكمن أهمية هذا الموضوع في أنه يعتبر أحد الخطوات المهمة لتعزيز مركز العملة الأوروبية (اليورو).
- وحتى اتفاقية التبادل النقدي بين اليابان وكوريا الجنوبية التي تنص على توفير مبلغ في حدود 57 مليار دولار لأي من البنكين المركزيين من قبل البنك المركزي الآخر لاستخدامها عند الحاجة قد تم تجميدها فيما يعتقد أنه لأسباب حدودية.
إلا أن اقتصادات كل من دول مجلس التعاون وماليزيا، لحسن الحظ، في وضع أفضل من الصورة القاتمة التي أشرت إليها. فمعدلات النمو الاقتصادي لهاتين المنطقتين خلال السنوات الخمس الماضية تدعو للإعجاب. فقد تراوحت بين 4 في المائة إلى 7 في المائة سنويا. والأهم من ذلك أن هذه المعدلات المرتفعة يتوقع لها أن تستمر خلال السنين القلية المقبلة. فدول مجلس التعاون، على سبيل المثال، تحتفظ حاليا بما قد يصل إلى 2.2 ترليون دولار من الأصول الأجنبية. كما أن الفائض في حسابها الجاري قد يصل إلى المبلغ نفسه. كما أن التجارة البينية والتدفقات الاستثمارية بين المنطقتين تنموان بمستويات مرضية وسلسة رغم أنه لا يزال هناك مجالات واسعة لتسريع وتيرة هذا النمو. وقد وقع الطرفان في مدينة أبو ظبي بتاريخ 30 كانون الثاني (يناير) 2011 اتفاقية للتعاون في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتكنولوجية.
ففي المجال التجاري أكدت هذه الاتفاقية على:-
* تبادل المعلومات.
* تخفيض الرسوم الجمركية وإزالة العوائق غير الجمركية.
* تشجيع الاتصالات بين مؤسسات القطاعين العام والخاص ذات العلاقة بالتجارة في المنطقتين. كما أكدت تلك الاتفاقية على إعطاء أولوية خاصة للتدريب ونقل التكنولوجيا.
واشتملت تلك الاتفاقية على نص يدعو إلى الدخول في مفاوضات للوصول إلى اتفاقية للتجارة الحرة بين المنطقتين.
أما في مجال الاستثمار فقد التزم الطرفان ببذل ما في وسعهما لتشجيع التدفقات الاستثمارية بين المنطقتين والدخول في مشاريع استثمارية مشتركة.
كما تم إنشاء لجنة مشتركة للمتابعة.
ومما يلفت النظر أن تلك الاتفاقية أجازت الدخول في اتفاقيات اقتصادية ثنائية بين ماليزيا وأية دولة منفردة من دول المجلس.
وفي شهر حزيران (يونيو) من هذا العام أقر ممثلو دول مجلس التعاون مشروع برنامج عمل للتنفيذ خلال الفترة 2012-2015. وسيعرض هذا البرنامج على الاجتماع المقبل للجنة المشتركة لإقراره. ومن المتوقع أن يشمل هذا المشروع النقاط التالية:-
1 – تشجيع الاستثمار في المجالات الزراعية والأمن الغذائي بما في ذلك الذبح الحلال وتخزين الغذاء. كما قد تغطي استصلاح الأراضي، وتربية الماشية والثروة السمكية، والحجر الصحي للحيوانات والنبات.
2 – التعاون في مجال الطاقة بما في ذلك الطاقة المتجددة.
3 – تشجيع السياحة بين المنطقتين بما في ذلك السياحة العلاجية.
4 – التعاون في مجالات النقل لتشجيع المزيد من التجارة بين المنطقتين. وهذا يشمل السكك الحديدية، والنقل البري والبحري والجوي.
5 – التعاون في مجالات الإنشاءات والخدمات، بما في ذلك الخدمات المالية ومنها المصرفية الإسلامية والاستثمار.
6 – تعلم كل طرف من الطرف الآخر في مجالات التسويق والمالية، إصدار الصكوك والسندات، تنسيق وتقريب القوانين، والقواعد والإجراءات في هذا المجال. وتشجيع المستثمرين من المنطقتين للاستثمار في السوق المالية للطرف الآخر.
7 – وفي مجال التجارة هناك عدد من المجالات التي يتوقع التركيز عليها:-
أ- تنسيق المواقف لدى منظمة التجارة العالمية.
ب – تحسين البضائع التي يتم تبادلها وتبادل الموصفات.
ج – تبادل الخبرات في مجالات تمويل التجارة والضمانات المالية.
8 – تشجيع الاستثمارات المشتركة في الصناعات ذات القيمة المضافة العالية مثل البتروكيماويات والحديد، ومصافي البترول وما إلى ذلك.
دعوني الآن انتقل إلى بعض المجالات الأكثر عملية:-
- أرى أن من الأهمية بمكان أن تكثف اللجنة المشتركة اجتماعاتها، وأن يكون القطاع الخاص عضوا فاعلا في هذه الاجتماعات.
- هناك حاليا تعاون كبير واتصالات قوية في مجالات المصرفية الإسلامية. والجميع يتعلم من خلال الممارسة، وهناك الكثير الذي ينبغي تعلمه.
- كما أن هناك الكثير الذي ينبغي تعلمه في مجال انخراط المواطنين في عملية التنمية بما في ذلك استفادة دول مجلس التعاون من قصص النجاح التي حققتها ماليزيا في هذا المجال.
- كلا المنطقتين لديهما اقتصاديات مفتوحة وتتمتع صادرات كل منهما إلى حد ما بنفس الصفات، من حيث إن المواد الخام تشكل القسم الأكبر في هذه الصادرات، ومع ذلك فإن ماليزيا تعتبر الأكبر نجاحا من حيث قدرتها على حماية اقتصادها من الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية الدولية. وفي هذا المجال يمكن لدول المجلس التعلم من خبرة ماليزيا.
- حسب علمي فإن ماليزيا هي الدولة الوحيدة التي اتفقت مع الصين على ترتيب للتعامل بالعملتين الصينية والماليزية مباشرة دون اللجوء إلى توسيط الدولار الأمريكي. فإذا كانت هذه التجربة ناجحة من وجهة النظر الماليزية أليس من الأجدر تكرارها مع بعض دول المجلس على الأقل؟
- إن الدخول في مفاوضات للوصول إلى اتفاقية للتجارة الحرة تعتبر عملية طويلة ومعقدة، وقد لا يكون لها نفس المردود الإيجابي المتوقع، خصوصا أن الرسوم الجمركية في المنطقتين منخفضة قياسا بالمعدلات العالمية. لذا أقترح تأجيل الدخول في هذه المفاوضات على الأقل لبعض الوقت.
تعليقات