الإعصار «ساندي» يلقي بنظرية الكوارث من النافذة بقلم إيد كروكس وجريجوري

الاقتصاد الآن

931 مشاهدات 0


عندما يفكر مختصو الاقتصاد في آثار الكوارث الطبيعية، أول فكرة يصلون إليها هي 'مغالطة النافذة المكسورة' التي تقول: إذا ما تم كسر نافذة ثم جرى إصلاحها، فإن ذلك لا يخلق أي فائدة صافية للاقتصاد.

صاغ فريدريك باستيات، مختص الاقتصاد الفرنسي، ذلك في عام 1850 حين أشار إلى أن رب البيت الذي ينفق ستة فرنكات في إصلاح نافذة مكسورة لن يكون لديه بعد ذلك المال للإنفاق على شيء آخر.

وأصبح ذلك هو التفسير المعتاد لماذا لا تجعل الكوارث الطبيعية أو الحروب الاقتصاد أفضل حالا، على الرغم من أن المظاهر على العكس من ذلك.

لاحظ باستيات أن الفائدة المباشرة من الإنفاق على إعادة الإعمار واضحة، لكن الفرص الضائعة للإنفاق في أماكن أخرى 'هي ما لا يمكن رؤيتها'.

وبعد حين وافق مختصو الاقتصاد على ذلك التحليل على نطاق واسع. وهناك العديد من الأسباب التي من شأنها أن تؤثر في أثر 'ساندي' في اقتصاد الولايات المتحدة.

الأول، هو أن باستيات كان محقا بشأن واقع الاقتصاد بأن 'المجتمع يخسر قيمة الأشياء المدمرة بلا داع'، وهذا لا ينعكس بشكل صحيح في حساب الدخل القومي.

فإذا انجرف المنزل بعيدا بفعل الفيضانات، أو انهار سلك الطاقة بسبب سقوط شجرة، لا يتم احتساب فقدان القيمة تلك في الناتج الإجمالي المحلي. لكن إعادة بناء المنازل وتصنيع الكابلات الجديدة يخلق زيادة في الناتج الإجمالي المحلي المقرر.

ويلاحظ مايكل جابين، كبير الاقتصاديين الأمريكيين في باركليز، أن 'من المفارقة إلى حد ما، أن التدمير المباشر لرصيد رأس المال ليس حدثا في الناتج الإجمالي المحلي، لكن جهود إعادة الإعمار تعد حدثا'. وهذا ما يفسر أن الاقتصاد الأمريكي حتى لو لم يكن أفضل حالا نتيجة لإعصار 'ساندي'، فإن أرقام الناتج الإجمالي المحلي سوف تبدو أقوى في العام المقبل.

سبب آخر له علاقة أكبر بالواقع الاقتصادي من سوء القياس، هو أن إعادة الإعمار في كثير من الأحيان لا تكون ببساطة مجرد استبدال نافذة مكسورة.

ويجادل أندرو كومو، حاكم ولاية نيويورك، قائلا: 'نحن في طريقنا لإعادة البناء أفضل من أي وقت مضى'، إشارة إلى أن الاستثمار سيقدم ناتجا أكثر جودة، مثل إمدادات الكهرباء الأكثر موثوقية، أو المنازل الأقل عرضة لخطر الفيضانات. وتلك هي الفوائد الحقيقية التي تستحق التسجيل في الناتج الإجمالي المحلي.

أمر آخر مهم يأتي من اقتصاد كالاقتصاد الأمريكي حيث يوجد ارتفاع دوري في البطالة وطاقة إنتاجية فائضة.

مختصو الاقتصاد الكينزيين يقولون: إن الإنفاق على إعادة الإعمار يمكن أن يخلق نموا اقتصاديا حقيقيا من خلال خلق فرص عمل للأشخاص الذين لولا ذلك لكانوا عاطلين عن العمل. ويمكن أن تكون إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد 'ساندي' نسخة صغيرة الحجم من الحزمة التحفيزية للرئيس باراك أوباما البالغة 787 مليار دولار عام 2009.

الخلافات السياسية على مدى فعالية التحفيز تلك، التي تعرضت لانتقادات شديدة من الجمهوريين، تجهز المسرح لصراع محتمل في الكونجرس بشأن تمويل إعادة الإعمار بمجرد انتهاء الانتخابات.

وموازنة الفوائد المحتملة من إعادة بناء نيويورك ونيو جيرسي هي تكاليف ممكنة على المدى الطويل. وأكبر ضرر اقتصادي يمكن أن يحدث من كارثة ما هو ما إذا كانت ستؤدي إلى تغيرات هيكلية تضرّ بالإنتاجية.

هجمات 11- 9 الإرهابية، مثلا، فرضت تكلفة دائمة على اقتصاد الولايات المتحدة تمثلت في احتياطات أمنية قاهرة أوسع نطاقا وأكثر تطفلا.

وقد تتعرض مدينة نيويورك إلى ضربة ذات تكاليف طويلة الأجل تخصّ الشؤون المالية والإعلام وصناعات التكنولوجيا، في حال رأى العديد من الشركات والأفراد أن خطر الفيضانات كان كبيرا جدا وقرروا الانتقال.

وربما يكون من غير المرجح أن تخلف عاصفة واحدة مثل هذا التأثير. لكن مع حقيقة أن العامين الماضيين شهدا ثلاثا من أعلى عشر علامات على ارتفاع المياه في مانهاتن الجنوبية منذ عام 1900، فإن الخطر طويل الأمد، المتأثر بتغير المناخ، هو الخوف الأكبر الذي قد يظهر في أعقاب 'ساندي'.

وكانت مخزونات الوقود في منطقة نيويورك الأقل على الإطلاق قبل أن يعرقل إعصار 'ساندي' الإمدادات، ما يعكس عمليات إغلاق للمصافي وتحولا في بنية الأسواق المستقبلية.

المخزونات في ولايات الأطلسي الوسطى التي ضربها الإعصار بشدة، كانت قد بلغت أدنى مستوياتها عند 20.4 مليون برميل في أواخر أيلول (سبتمبر)، ثم ارتفعت بشكل طفيف في الأسبوع الذي سبق العاصفة، لكنها لا تزال إحدى أدنى 12 قراءة منذ بدء البيانات الحكومية.

وخلال عطلة نهاية الأسبوع استمر وقوف السكان في منطقة مدينة نيويورك وضواحيها في طوابير لساعات في السيارات، أو في الحاويات الحمراء للحصول على الوقود. واستمرت الصفوف على الرغم من التخلي بشكل طارئ عن قواعد خاصة بالبيئة والشحن كان الغرض منها توفير إمدادات وقود إضافية.

وقال محللون: إن الفيضانات وانقطاع التيار الكهربائي يتحملان معظم المسؤولية عن النقص، بعدما تسببا في شلل المضخات في محطات الخزن ومحطات الوقود بالتجزئة. وقد تساعد زيادة المخزونات في تخفيف الإمدادات.

وقال إريك سليفكا، الرئيس التنفيذي في جلوبال بارتنيرز، وهي واحدة من أكبر موزعي الوقود في المنطقة الشمالية الشرقية: 'لا يمكن الوصول إلى البراميل. لدينا خمس بوارج في ميناء نيويورك لم تتمكن من التحرك من يوم الأحد حتى يوم الخميس'. وأضاف: 'تقف هناك محملة بالمنتج، لكن لا يمكنها التحرك'.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك