'جريمة دولية'.. خليل حيدر واصفاً اضطهاد مسلمي 'الروهينغا' في ميانمار
زاوية الكتابكتب أكتوبر 31, 2012, 11:51 م 2626 مشاهدات 0
الوطن
طرف الخيط / مأساة إسلامية.. في بورما
خليل علي حيدر
تكشف مأساة مسلمي «الروهينغا» في بورما الكوارث الحقيقية التي قد تتعرض لها الاقليات من كل دين، بسبب حروب التصفية والتطهير والعداء العرقي وسائر انواع الكراهية. ومن المؤسف ان تقع هذه الجرائم البشعة بحق الاقلية المسلمة والبلاد هناك في بداية انفتاحها الديموقراطي، وتراجع السلطة الاستبدادية العسكرية التي حكمت تلك الدولة الآسيوية سنين عديدة بقبضة من حديد.
ما يجري غربي بورما أو «ميانمار»، بحق هذه الاقلية الفقيرة العاجزة، يفوق كل وصف. فمناطق كاملة تحرق، والآلاف من السكان يجبرون على ترك مساكنهم وممتلكاتهم التي تنهب أو تحرق، باتجاه المزيد من التشرد والبؤس والفقر، دون ان يستطيع العالم ان يفعل شيئا لحمايتهم. وتقول الامم المتحدة ان اكثر من 22 الف شخص قد نزحوا عن ديارهم بعد هذه الاضطرابات بين المسلمين والبوذيين، والتي اسفرت عن مقتل العشرات حيث يتم اطلاق النار حتى على الفارين طلبا للنجاة! كما اظهرت صور الاقمار الصناعية دمارا شبه كامل في بعض المناطق، ويقدر ان اكثر من 800 منزل عائم قد دمر في احدى المناطق، فيما تقول الحكومة ان اكثر من ثلاثة آلاف منزل على الاقل دمرت في ولاية رافين منذ اواخر اكتوبر 2012. («الوطن»، 12/10/29).
لماذا يقف العالم عاجزا امام حوادث كهذه لها سوابق في اوروبا وافريقيا وآسيا نفسها؟ لماذا ينجح المجتمع الدولي احيانا في حشد الجيوش المكلفة الاعداد والتمويل، ولا نجد نفس القدرة في حماية المدنيين من الحروب الاهلية وعمليات القتل كما في سورية، أو عمليات القتل والاغتصاب كما في دارفور بالسودان، أو لحماية مسلمي الروهينغا في بورما اليوم؟
لماذا يتفوق ما هو سياسي وعسكري في الامم المتحدة والهيئات الدولية، على ما هو انساني ملحّ؟
ينتمي مسلمو الروهينغا الى اصول مغربية وفارسية وتركية وبنغالية. وقد قاموا بتأسيس مملكة دام حكمها اكثر من 350 عاما، من 1430 الى 1784 توالى على عرشها 49 ملكا، وكانت لهم عملات نقدية.
وقد اضمحلت حقوقهم المدنية والدستورية، وتعرضوا الى مذبحة كبرى في عام 1942، راح ضحيتها نحو مائة الف مسلم. وتمثل الاقليات في ميانمار، أي بورما، نحو %40 من السكان، وتنقسم فيما بينها الى نحو 135 اقلية. وتختلف تلك الاقليات فيما بينها في الاديان واللغات والثقافات، في حين تفتقر الى أي تنسيق فيما بينها. (السياسة الدولية، اكتوبر 2012، 143).
صدر عام 1990 عن الندوة العالمية للشباب الاسلامي في الرياض كتاب في ثلاثة مجلدات عن «الاقليات الاسلامية في العالم»، بما فيها الروهينغيا. وجاء فيه ان بقاءهم يتعرض لخطر حقيقي، «فقد تم حرمانهم كلية من شغل مواقع صنع القرار بل من جميع الانشطة القومية بما فيها الوظائف الاجتماعية الثقافية والاعمال المختلفة والحرف الاقتصادية، علاوة على ذلك يعيشون بصفة دائمة في حالة عدم امان خوفا على حياتهم وممتلكاتهم بسبب عمليات القتل والتمييز والتفرقة التي تمارس على نطاق واسع من وقت لآخر على مرأى من الاجهزة المسؤولة». (جـ2، ص623).
ان اضطهاد المسلمين وتصفية وجودهم في ميانمار جريمة دولية تلطخ فعلا ازهار الديموقراطية وازدهارها في هذه الدولة، بعد حوالي نصف قرن من احكام القبضة الحديدية للمؤسسة العسكرية على مقاليد السلطة، حيث تم اطلاق سراح معظم المعتقلين السياسيين، وزادت حرية التعبير في الصحافة ووسائل الاعلام، وجرت الانتخابات البرلمانية التكميلية بنزاهة في شهر ابريل 2012، والتي شارك فيها حزب «الرابطة الوطنية من اجل الديموقراطية» برئاسة زعيمة المعارضة الشهيرة «أونج سان سوتشي».
مأساة مسلمي الروهانغ، تقول مجلة «الديموقراطية»، اكتوبر 2012، لا يبدو انها سوف تجد طريقا للحل في المدى المنظور. فالدولة هناك تنظر اليهم باعتبارهم «دخلاء»، والاغلبية البوذية من السكان ينظرون اليهم على انهم «مهاجرون غير شرعيين»، ومن ثم يجب معاملتهم كـ«منبوذين» داخل المجتمع. اما رئيس ميانمار، «ثين سين»، فيقول علنا وبصراحة ان الحل الوحيد للمسلمين الروهانج في ميانمار هو «تجميعهم في مخيمات للاجئين تحت اشراف المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة، أو طردهم من البلاد الى أي بلد آخر يقبلهم». اما زعيمة المعارضة «سوتشي» فلم تنبس ببنت شفة للدفاع عن هؤلاء الضحايا بدلا من التأكيد على الاقل ان المواطنة حق اساسي لكل البشر. المأساة لها وجه آخر. فقد توقفت حتى بنغلاديش عن منحهم صفة لاجئين منذ عام 1992، وبدأت بملاحقتهم منذ عام 2009، وألقت القبض على كثيرين منهم وزجت بهم في السجون واعترضت حتى على الامم المتحدة عندما تبرعت لهم بمبلغ 33 مليون دولار لمساعدة المسلمين الروهانج، لأن ذلك سوف يجذب المزيد منهم الى بنغلاديش!
تعليقات