عن آلية الحوار الوطني الهادف.. تكتب خديجة المحميد

زاوية الكتاب

كتب 1180 مشاهدات 0


الأنباء

مبدئيات  /  الحوار والنقد

د. خديجة المحميد

 

الحوار هو الوسيلة الحضارية الفعالة لجمع الأطراف المتباينة في الرؤى والإمكانات على طاولة مستديرة، من أجل أن يتشكل في مساحة مركزها منتج جديد يساهم الجميع في وضع لبنات إبداعه المتنوعة والمتكاملة في إنجاز الحاجة من توليده، وهي حاجة بطبيعتها ينشدها أفراد الحوار لتحقيق هدف أو أهداف مشتركة رغم اختلافهم. أما النقد فينظر كل طرف فيه إلى ما يعتبره مرفوضا وسلبيا في الطرف الآخر، فهل يتناقض النقد مع غرض الحوار، أم يمكن توظيفه للرقي بالحوار لتحقيق المزيد من المكاسب والإنجازات الجديدة للمتحاورين؟

النقد ظاهرة طبيعية في معرض التناصح، وفي حالة الحوار، ويمكن الاتجاه به لفتح آفاق جديدة وإعادة النظر في الموروثات السائدة وإعادة تقييمها وفق معايير موضوعية، هذا بشرط الالتزام بالنقد البعيد عن روحية الاستفزاز والهدم وهدفية النقض والنفي. النقد البناء والحوار الهادف يتكاملان بمحورية قرار التعايش واحترام كل طرف للآخر، وبالاتفاق على تعميق المشتركات وتوظيفها واستثمار الاختلاف في ابتداع سبل وإمكانات تكاملية للتنمية والتطوير في تحقيق الأهداف الوطنية المنشودة. مثل هذا النقد يحقق مساحات ومجالات جديدة للتفكير، بل يخلق التطلع لحقول مميزة للعمل والإنتاج.

وحيث اننا بلغنا في المرحلة الحالية كمواطنين مستوى عاليا من التعارض في الرؤى السياسية سواء منها ما يتعلق بنظام التصويت الانتخابي أو تعيين الضرورة الموجبة لمراسيم الضرورة التي نص عليها الدستور أو غير ذلك، ينبغي ألا يغيب عن بال أحدنا أنه لا يصح الدمج بين الآراء والمعتقدات، فليس كل رأي عقيدة، وإذا تحولت عندنا الآراء إلى معتقدات نتخندق لأجلها ضد الآخر فإننا بذلك، لا سمح الله، نعمل من حيث نشعر أو لا نشعر لتقطيع أواصر المواطنة فيما بيننا ونمزق وطننا العزيز إلى أشلاء مبعثرة يصبح وجودنا من خلالها تاريخا في خبر كان.

فمهما اشتدت اختلافاتنا وتبايناتنا السياسية ينبغي في مقابلها أن تشتد عزيمتنا في رفض القطيعة والتباعد والجفاء، ورغم كل ما في أذهاننا ونفوسنا من نقد واتهامات فلا بد أن نتحلى بآدابنا القرآنية (وقولوا للناس حسنا) البقرة - 83، وأن نجعل إرادتنا النافذة في إنجاز الحوارات العميقة والمنفتحة فيما بيننا، فإننا اليوم أمام مفترق مصيري لمسارات متعددة لن نجد الآلية الأكثر استحقاقا لتنفيذ المشروعات السياسية والمجتمعية اللازمة كما هي آلية الحوار الوطني الهادف والنقد المسؤول.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك