حسن كرم لـ'بن جامع': الانتخابات على أساس المواطنة لا نصيب القبيلة!

الوطن

حسبة ابن جامع..!!

حسن علي كرم

 

السيد فلاح بن جامع شيخ قبيلة العوازم غاضب وساخط، وغضبه وسخطه انصب على الحكومة وتحديدا وزارتي الداخلية والعدل اللتين اودعتا ابني القبيلة فلاح الصواغ وبدر الداهوم السجن وحلقتا رأسيهما ووضعتا الاصفاد في ايديهما، وخرجا من السجن بكفالة (5) آلاف دينار لكل منهما على خلفية تهمة المساس بالذات الاميرية، حيث يرى ابن جامع ان ذلك الاجراء مبالغ به واهانة وجور طال ابني القبيلة..!!
ربما قد كان السيد ابن جامع على حق باعتباره شيخ القبيلة ويشعر ان كل ابناء القبيلة ابناؤه وما يمسهم يمسه هو شخصيا، غير ان المسألة في نظري لا ترى بتلك الصورة القاتمة، بقدر ما ينبغي التساؤل هل الاجراءات التي اتخذتها الداخلية والعدل في شأن المسجونين الصواغ والداهوم كانت قانونية وحسب الاجراءات المتبعة أم خلافا للقانون وعملاً فلسفياً، علما بأن لا شأن لوزارة العدل في تلك الاجراءات وانما ذلك عائد للجهة القضائية المختصة فيما وزارة الداخلية جهة تنفيذية، وفي كل الاحوال يستطيع ابن جامع ويستطيع المعنيون بالمسألة وهما الداهوم والصواغ تقديم شكوى على الجهات المختصة للاضرار التي لحقت بهما.
بيد ان غضب ابن جامع لا ينتهي عند هذا وانما يتجاوز الى ما هو اهم عندما يصرح (قبيلة العوازم لن تشارك في الانتخابات المقبلة موضحا (حسب التصريح) انها تمثل %20 من عدد المواطنين أي ما يعادل (200) الف نسمة وبالتالي تعديل الاصوات الى صوت واحد لن يوصل العدد المطلوب من ابناء القبيلة ليمثلها على اكمل وجه..) فالسيد ابن جامع لم يحدد سبب معارضته على تعديل قانون الانتخاب على اساس انه غير دستوري حسب زعم الاغلبية المبطلة وانما يعلن مقاطعته لأنه (لن يوصل العدد المطلوب من ابناء القبيلة ليمثلها على اكمل وجه) وهذا طبعا قائم على افتراض لا على واقع، باعتبار ان النظام الانتخابي الجديد لم يجرب، ثم اذا كان عدد ابناء القبيلة 200 الف فذلك يضمن وصول (10) اعضاء هذا اقل تقدير.
لقد فات السيد بن جامع ان الانتخابات تجرى على اساس المواطنة لا على اساس نصيب القبيلة فعضو المجلس يمثل الامة أي يمثل الشعب الكويتي قاطبة بكل اطيافه ومكوناته من حضر وبدو وقبائل وشيعة وسنة ومسيحيين، هكذا يفترض ان ننظر الى الصورة الانتخابية على اساس وحدة الامة لا على اساس التشطير والمحاصصة، ولو وافقنا على رأي بن جامع ترى أليس من حق بقية مكونات الشعب الكويتي من قبائل وغيرها ان يكون لها تمثيل يعادل حجمها؟ فهناك قبائل كبيرة مثل المطران والعجمان والرشايدة، وهناك الشيعة الذين يمثلون نحو %22 من المجموع السكاني أي يفترض ان يكون تمثيلهم لا يقل عن (16) مقعدا في المجلس وهذا لم يحصل ولن يحصل ومرفوض وطنيا حصوله، وكان اقصى ما حصل عليه الشيعة هو عشرة مقاعد في مجلس (1975) الذي حل صيف (1976) ومجلس (2009) بفوز (9) نواب وحل ايضا، ثم ما نصيب بقية الاطياف والمكونات اذا حسبنا الانتخابات على اساس قبلي أو طائفي لا على اساس المواطنة وتمثيل الامة، مثلا الكنادرة والعوضية والفوادرة والاهولة والنجادة والمسيحيين.. الخ؟!!
من هنا باعتقادي ان تعديل الانتخاب من اربعة اصوات الى صوت واحد يحقق العدالة ويوفر التمثيل الصحيح لغالبية الشعب الكويتي، بل يقضي على المحاصصة والقبلية والطائفية، ان الهدف هو لملمة الامة في بوتقة المواطنة الدستورية والولاء للدولة، لا للقبيلة أو للطائفة أو للفئوية ولا للتشطير أو الحزبية، وبالمناسبة فالسيد فلاح الصواغ وبدر الداهوم يعارضان قانون الانتخاب لا على اساس قبلي وانما على اساس الانتماء الحزبي، والا لماذا لم يعارض بقية النواب العوازم السابقين؟!
ان الدولة المدنية القائمة على الدستور والديموقراطة لا تعترف بالقبلية أو بالمكونات والشرائح الاجتماعية بقدر تركيزها على المواطنة وعلى المساواة والكفاءة وتكافؤ الفرص، فالاخلاص والولاء والتضحية للدولة لا لغيرها.
دعونا نحرر انفسنا من قيود الطائفية والقبلية وغير ذلك من الامراض الاجتماعية، دعونا نعالج امراضنا الاجتماعية بجرأة وصراحة، فالخمسون عاما من الديموقراطية الخاطئة خلقت مجتمعا مريضا مثقلا بكل الامراض الاجتماعية والطائفية والقبلية والمذهبية والدينية، دعونا نحطم قيود الانعزالية ونفتح قلوبنا على بعض وننادي من اعماق اعماق قلوبنا اننا كويتيون وكويتيون وبس.
دعونا نساعد اميرنا وننقذ وطننا مما يحاك له في الظلام من المتآمرين والحاسدين والمتربصين فكويتنا في خطر، والامواج عالية، والليل دامس.