اشتداد الأزمة سيقودها إلى الانفراج إذا تدخل الحكماء.. برأي المقاطع

زاوية الكتاب

كتب 1013 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  ..واشتدي يا أزمة تنفرجي

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

مخطئ من يقرأ ما حدث في الساحة الكويتية ويحدث حتى اليوم بمعزل عن المجريات السياسية العامة التي مرت بها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، وتحديدا خلال سنة ماضية على وجه الدقة، فقد أفرزت العديد من الممارسات والاعمال والاخطاء المتراكمة دستوريا وسياسيا في البلاد من قبل بعض السلطة ومعها الحكومات السابقة، وكذلك من قبل أعضاء مجلس الأمة، في ايجاد كثير من احوال عدم الثقة وعدم الاطمئنان المصحوب بالشك والريبة السياسيين، فضلا عن استمرار حالة التوتر بين الطرفين بصورة متتالية ومتكررة.

فعلى صعيد بعض السلطة والحكومات المتعاقبة فإن هناك شعورا يقلق الكويتيين خلاصته أن الايمان بالنهج الديموقراطي لا ينبع عن قناعة كاملة، وانه يلتف حول السلطة والحكومات بعض من المستشارين او رجال البطانة الذين يحرضون على عدم التسامح مع الممارسات الديموقراطية الاعتيادية، بل انه كثيرا ما يتم النقل عن بعض ابناء الاسرة الحاكمة رسائل وعبارات تحمل في ثناياها معاني واضحة بالشعور بان نظامنا الدستوري وفقا لدستور عام 1962 هو خطأ لا ينبغي له ان يستمر. كما ان هناك عدم تقبل واضح لقيام مجلس الامة بممارسة سلطاته التشريعية والسياسية والرقابية بصورة قوية وفعالة، فضلا عن ان التعامل مع حقوق الناس وحرياتهم من قبل الحكومة توضع في اطار المنة والفضل، وتلك نظرة ناقصة وفيها استخفاف بالحقوق والحريات.

وفي المقابل، فإن هناك حالة من الفساد السياسي لدى العديد من اعضاء مجلس الامة اوصل العمل البرلماني الى أدنى درجات الاحترام والتقدير للمؤسسة البرلمانية، خصوصا مع شيوع مظاهر هذا الفساد لدى معظم النواب، وهو ما تحولت به عضويتهم الى مقاعد مأجورة او مباعة لطرف سياسي او لشخصية مؤثرة او لصاحب مال ملوث، فصارت ممارسة الأدوات التشريعية والبرلمانية كل منها له ثمن او مقابل سياسي أو اصطفاف مع هذا او ذاك، مما شلّ الحياة العامة وعطل مصالح المواطنين، وبلغ التذمر منهم أسوأ مراحله التي ظهرت معها مصطلحات مسيئة الى المجلس واسمه واعضائه بكل أسف، كما انه شاع سلوك لدى الاعضاء مبني على الابتزاز السياسي والضغط على الحكومة على نحو انتهازي، واتخاذ الادوات البرلمانية وسيلة للارهاب النفسي والمجتمعي، حتى صار هذا النموذج الذي يهيج مشاعر الناخبين في غير مواضعها، ويتسلح بالخطب الرنانة على معلومات مغلوطة او ناقصة او المبني على فكرة التصويب السياسي على ملفات لاغلاق ملفات اخرى، هدفا وغاية بذاتها، وهو ما زاد من هلامية مواقف بعض اعضاء المجلس وتراجع وضعف امكانية أدائه لمهامه، فلم يعد لهم بوصلة او برنامج غير الطرف التأجيجي العام والاثارة الصاخبة التي لم تسمن ولم تغنِ من جوع.

وامام تلك التراكمات التي ساهم بها الطرفان صارت هناك تعبئة كاملة واحباط واضح وشعور بالضياع لدى بعض ابناء الشعب الذي يواجه اشكاليات خانقة في حياته اليومية، وهو يشعر بانه في بلد غني في ثرواته قليل بسكانه، فدخول الشباب في التعليم العالي اشكالية مستمرة، وعدم الحصول على الوظائف ازمة متجددة وطوابير الاسكان بتزايد مخيف، والرعاية الصحية بتدهور سريع والخدمات العامة بشلل شبه كامل، والاختناقات المرورية صارت كابوساً، والاختلالات السكانية تجاوزت كل الحدود، والسبب في كل ذلك كلا الطرفين، ولذا فلا غرابة أن تكون حالة الاحتقان لدى الناس وصلت الى مراحل من التحفز للانفجار، وما أزمة الفراغ الدستوري والتأخر في عجلة الاصلاح السياسي والابطاء في توقيف المخطئين، أيا كانوا ومهما بلغوا، إلا مبرر سهل للحالة التي وصلنا اليها، ولذا فإن تعديل النظام الانتخابي له هذا الأثر السلبي الذي رأيناه تماما، كما ان الممارسات الخاطئة من الطبقة السياسية كانت مدخلا للمرسوم بقانون الذي عايشناه، وعليه فإن البلد ربما في حالة اشتداد لأزمته التي يجب ان يتم استثمارها من الجميع في الوقت الراهن حتى يكون من خلالها الوصول الى حالة الانفراج، فهلا تحرك الحكماء؟!

اللهم إني بلغت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك