الأمن الغذائي ضرورة في حدود الممكن بقلم مازن السديري

الاقتصاد الآن

1047 مشاهدات 0


   أحد الإخوة من الأساتذة القراء أبدى اختلافه لفكرة الترشيد الغذائي، ورأى أنها ضرورة الدولة لتقديم احتياطي كامل للاحتياج الغذائي وتأمينه.. ولاشك أن هذه الآراء ناتجة من خلفية وطنية ومحبة لتفادي السعودية أي عجز، لكن فكرة التأمين ممكنة ولكن من الصعب السيطرة على سعر المواد الغذئية المستوردة، أما من ناحية تأمينها محليا عبر زراعتها فأكيد أنها لو كانت ممكنة لما تأخرت الشركات الزراعية والغذائية مع وجود الكثير من التسهيلات المالية.

ليس سرا أن إنتاج المملكة انخفض للقمح بنسبة 10% من مليون ومئة ألف طن إلى قرابة المليون والسبب الترشيد المائي، وأيضا ليس سرا أن أغلب السلع الزراعية نستوردها مثل الأرز (وهو سيد المائدة) بمقدار مليون وثلاث مئة ألف طن سنويا، والأرز حسب رأي الخبراء الزراعين لا يمكن زراعته محليا والسبب احتياجه الكثير للمياه العذبة، لذلك هو ينتج بكثرة لدى الدول النهرية مثل الهند وتايلند وأمثالها من الدول، وكذلك يقدر أن نستورد هذا العام حوالي 7.2 ملايين طن من الشعير ومليون ومئتي ألف طن من الذرة.

سؤال: لم تم استيراد هذه السلع وإن كانت تزرع محليا بشكل أكثر في السابق؟ الجواب أنه بالإضافة للتزايد السكاني أصبحت زراعة هذه السلع غير مجدية اقتصاديا باستنزافها الموارد المائية والمالية بشكل كبير.. بمعنى أنها ليست كفؤة اقتصادية.. لن أتذاكى وهناك نظرية شهيرة (لريكارد) وهي تنص بأن الدول لابد أن توقف إنتاج ما كلف أكثر وقل هامش ربحه بالنسبة للموارد والعكس صحيح وضرب مثالا بالجلود ومشتقات الفواكه، حيث أن الدول الرعوية تستطيع إنتاج عدد كبير من الجلود وبتكلفة منخفضة وهامش ربح عال بالنسبة للدولة الزراعية والعكس صحيح بأن الدولة الزراعية سوف تفعل الشيء بمشتقات الفواكه وبهامش ربح أعلى وبدون استنزاف للموارد.

نجاح صناعة الألبان في السعودية بسبب متوسط إنتاج الأبقار العالي قياسا ببقية الماشية والذي يقدر بحوالي ثلاثين لترا في اليوم مع أنها أقل الماشية عددا في مملكتنا الحبيبة حيث تقدر بحوالي 4% فقط، ومع ذلك تتعرض لضغط سعر حبوب الأعلاف، كون السعودية منتجا نفطيا كبيرا لا يعني أنها فوق القوانين الاقتصادية.. أخيرا أقول إن المستقبل الاقتصادي ليس بالأمن الغذائي وهو ممكن توطينه ولكن لدرجة معينة ومحدودة ولا يسد، وجهة نظري أن توطينه بشكل كامل سيكون على حساب النمو العام.

 

الآن:الرياض

تعليقات

اكتب تعليقك