الحوار كما تراه خديجة المحميد ضرورة من أجل السلم الأهلي!

زاوية الكتاب

كتب 561 مشاهدات 0


الأنباء

مبدئيات  /  لماذا الحوار؟

د. خديجة المحميد

 

تتعدد مجالات الحوار من محيط الأسرة الصغيرة إلى دائرة المجتمع الواحد بين فئاته المتنوعة، وتتسع الدائرة أكثر فأكثر ليكون حوارا بين الدول تحتاجه بمستوى الضرورة في حالات السلم وحتى في حالات ومناخات الحرب.

ما هو الحوار؟ ولماذا الحوار؟.. الحوار يختلف عن المماحكات التي تستهدف الإفحام والمجادلات العقيمة والسجالات التي تستثير السلبيات وتورث القطيعة، إذ إنه ينطلق من حاجة الأطراف المتحاورة للتواصل والتعايش الإيجابي. لذا فهو لا يستهدف إقناع الطرف الآخر بقناعات الذات وإنما يعمل على تعريفها له بحثا عن المشتركات من أجل تنميتها واستثمارها عمليا بما يعود بالنفع لجميع الأطراف.

فالحوار إذن من أجل تبديد الجمود الذي تعيشه البلاد منذ فترة ليست قصيرة، فهو يوفر لكل منا المعرفة المباشرة والتفصيلية للآخر فيكسر حواجز الجهل والهواجس، ويحاصر سوء الظن والفهم الخاطئ والموروثات السلبية. هذا من جهة ومن جهة أخرى ينمي عوامل الثقة المتبادلة ويوفر أسباب التعاون والتضامن متى ما تم على أساس المنهج الموضوعي للحوار الذي يعترف بالآخر المختلف، ويقبله كما هو إيمانا بمبدأ التعددية وقبول الاختلاف الذي جعله الله سبحانه سنة كونية في جميع خلقه.

الحوار بحده الأدنى ضرورة من أجل السلم الأهلي، وبحده الأعلى من أجل تكامل الطاقات والإمكانات وتوظيفها في تنمية البلاد وتعمير حياة العباد. أما البديل لغياب الحوار فهو التصادم الذي نعيشه والتناحر الذي أورث جميع المواطنين حالة متصاعدة من القلق، فالمنازعات داخل الجماعة البشرية الواحدة حول السلطة والنفوذ والثروة قد أثبت التاريخ أنها أشد فتكا من تلك التي تكون بين الجماعات البشرية المختلفة. وقد أوضح د.عبدالمنعم سعيد أن «الصراع مع إسرائيل كلف في العقود الخمسة الماضية حوالي 200 ألف من الضحايا، ولكن الصراعات الأهلية والحروب الداخلية بين البلدان العربية والإسلامية 2.5 مليون ضحية، ومن حيث التكلفة المالية، فإن الصراع الأول كلف الدول العربية حوالي 300 مليار دولار أما باقي الصراعات فبلغت تكاليفها حوالي 1.2 تريليون دولار».

محاولات عديدة ومؤتمرات حوارية متكررة قد أقيمت لاستنقاذ الوطن من النفق المظلم الذي يريد البعض أن يدخلنا فيه، ولكن إلى الآن هذه الحوارات لم تؤد أهدافها المنشودة بسبب تعنت بعض الجهات والفئات التي أبت إلا أن تخنق الحوار برفضه، وتصر على التعامل مع الآخر بعقلية الخصم الذي تجتهد لإفحامه.

متى نعلو على ذواتنا ومصالحنا الدنيوية الضيقة والزائلة ونستجيب لنداء الضمير والقرآن الذي ينهانا عن الجدال والخصومة وزعزعة المشتركات (وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم) الشورى/ 14.

الأنباء

تعليقات

اكتب تعليقك