الوطنية تلاشت ليحل محلها نعيق نشاز.. عواطف العلوي مستنكرة
زاوية الكتابكتب أكتوبر 14, 2012, منتصف الليل 1328 مشاهدات 0
الكويتية
مندهشة / بين حانا ومانا.. ضاعت رؤانا..!!
عواطف العلوي
تصوروا بلدا كاملاً وشعبا بأسره وثروات خرافية وخطط تنمية وإصلاح لا حصر لها، ومشاريع تتلهف لرؤية النور.. تصوروا كل ذلك يتعطل ويتوقف بسبب نزاعات بين أشخاص ذوي نفوذ لا تهمهم مصلحة البلاد أو العباد بقدر تعطشهم للانتقام ورد الاعتبار، غايتهم فرض الهيمنة والغلبة، ووسيلتهم «أنا ومن بعدي الطوفان»! سخَّروا خيلهم ومالهم وعتادهم لشق صفوف الشعب وتأليب فريق على آخر، والوسوسة ليل نهار في أذن هذا وذاك بأمانيّ ووعودٍ (وما يعدهم الشيطان إلا غرورا)!
والطامة الكبرى أن هؤلاء الأشخاص يتوسطون دائرة القرار ومركزها، ويمسكون خيوط اللعبة بجميع الاتجاهات، يحركونها كيفما ووقتما شاؤوا، لا رادع لهم ولا وازع ولا حدود للشر الدفين في أرواحهم، وليس هناك مع الأسف من يوقفهم عند حدهم ويقصقص أذرع الأخاطيب (جمع أخطبوط) ويقطع دابرها رغم علم الجميع بهم وبما يحوكونه بتلك الخيوط من مؤامرات وفتن هزت الأمن وزلزلت الاستقرار وشحنت النفوس وفرقت الجماعات، وبدلاً من أن ينقسم البلد بين محافظين وتقدميين، انقسم بسمومهم المنفوثة بين أعوان لهذا الشيطان وبين جنود لخصمه!
وفي حلبة الصراع تلك، وتحت شعار «غالب أو مغلوب»، ضاعت الحقائق وسَحقت الأقدام أحلامنا، وأغشى الغبار رؤانا، وتبددت مع الصليل والجلبة أصوات العقل والاتزان والحكمة، وتلاشت كل قيم الوطنية والانتماء والوحدة، ليحل محلها نعيق نشاز لا يقيم للأخلاق أو المبادئ أو الاحترام وزنًا ولا قيمة..!
طيب.. نحن الشعب.. ما لنا وتلك الصراعات..! ما الذي يجبرنا أن نرزح تحت وطأتها ونتنفس فسادها كل يوم..؟! لِمَ لا يريدون أن يفهموا أنهم لا يهموننا بشيء، جلس هذا على الكرسي أم طار الآخر عنه..! يغيب عن بالهم أن العلاقة بيننا وبينهم هي عقد بين حاكم ومحكوم، علاقة «أفقية» لا «عمودية»، ندين لهم بالولاء والطاعة، إذا وفقط إذا، خدموا مصالحنا وصانوا أمننا واستقرارنا وثرواتنا، ووضعوا إستراتيجيات مقننة قابلة للتطبيق المبرمج لمستقبلنا ومستقبل أبنائنا..! ونحن لا نطلب الكثير، بل إن ما نتطلع إليه هو الحد الأدنى لمقومات دولة غنية حباها الله بالخير والموارد، وبكفاءات وعقول شابة نيرة لم يستفد منها البلد بسبب غباء وأنانية وسوء استغلال السلطة لصلاحياتها ونفوذها!
فهل أحلامنا بمدارس ومناهج متطورة، ومستشفيات نأمن فيها على صحتنا وأرواحنا من العبث والاستهتار، وشوارع يتقلص فيها أعداد الأنفس التي تحصدها الحوادث كل يوم، وعمران متناسق يخلو من المخالفات، وبيئة نظيفة ومياه نقية وأغذية صالحة للاستهلاك الآدمي، ووزارات ومؤسسات حكومية تطبق اللوائح والنظم على الجميع فلا واسطة ولا تجاوز.. هل تلك الأحلام معقدة وصعب جدًا عليهم تحقيقها لنا حتى يلجؤوا إلى إشغالنا عنها وعن فسادهم بمسلسل سمج مقيت لصراعاتهم التي يُلبسونها كل يوم وجهًا جديدًا..؟!
اتقوا الله فينا.. فإن كنتم قد رتبتم أمور حياتكم في بقاع أخرى من العالم بعد الطوفان.. فنحن لا نملك ولا نعرف غير هذه الأرض لنا موطنا..!
تعليقات