لا أحد قادر على ايقاف الحرب الطائفية المقبلة.. الخرافي مؤكداً

زاوية الكتاب

كتب 1600 مشاهدات 0


القبس

«رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحفُ» مذابح قوم عند قوم فوائد!

خليفة مساعد الخرافي

 

كان تاجرنا البحار مع ابنه حسين في مكتبه يتابع باهتمام شديد تقريراً في احدى القنوات الفضائية الاخبارية العربية لتقارير نشرتها صحيفة نيويورك تايمز عن دراسات للكونغرس تبين تضاعف مبيعات مصانع الأسلحة الأميركية ثلاث مرات، وأغلب مبيعات هذه الأسلحة المتطورة لدول الخليج، فالتفت لابنه حسين قائلاً: ان هذه الأسلحة تحتاج الىصيانة مكلفة وبعد فترة زمنية تصبح لا جدوى منها، فبدل ان نصرف هذه الأموال الطائلة على تنمية دولنا نقدمها لهم، وكأننا نبيعهم النفط مجاناً. كنت أتمنى يا بني - مخاطباً ابنه حسين - ان نستورد بدلا منها محطات توليد كهرباء أو أجهزة طبية متطورة أو غيرها مما يفيد.

يا بني.. من باب «اعرف عدوك» قرأت بالصحيفة ان في زيارته لاسرائيل حظي ميت رومني مرشح الحزب الجمهوري، وهو من طائفة المورمون التي تعظم اليهودية، باستقبال حار من جانب رئيس وزراء الكيان الاسرائيلي بنيامين نتانياهو وقابل رئيس الكيان الاسرائيلي شيمون بيريس ورئيس المعارضة شاؤول موفاز، وحل ضيفاً على نتانياهو في منزله، حيث أقام له مأدبة عشاء بحكم الصداقة الشخصية التي تجمع بينهما مذ كانا زميلين في الدراسة والعمل، وقد استقبل نتانياهو ضيفه قائلاً: أيها الحكيم رومني انك صديق شخصي وصديق حميم لدولة اسرائيل لذلك يسرني ان أستضيفك هنا في منزلي.

وأكمل: يجب ان اشير الى انني سمعت بعض الاقوال التي أدليت بها قبل عدة أيام، حيث قلت ان أكبر خطر على العالم هو نظام الملالي في إيران، الذي يسعى الى تصنيع أسلحة نووية، انني اتفق معك تماماً يا ميت، أعتقد انه يجب ان نعمل ما في وسعنا لمنع الملالي من الحصول على هذه القدرة.

وبالمناسبة نفسها، أشاد زعيم المعارضة الاسرائيلية موفاز بقيام أوباما بالتوقيع منذ أيام على قانون تعزيز التعاون العسكري مع اسرائيل وعدَّه علامة فارقة في التعاون بين البلدين الحليفين، وينص القانون المذكور على منح اسرائيل - وللمرة الاولى في تاريخ العلاقات بين البلدين - امكانية حصول الكيان الاسرائيلي على طائرات أميركية من طراز «135-IKc» القادرة على تزويد المقاتلات بالوقود جوّاً لمسافات طويلة جدّاً، علما ان الكيان الاسرائيلي السليب صغير المساحة، كما وعد أوباما الشعب الاسرائيلي بان تكون القدس عاصمة اسرائيل.

يا بني.. واضح انه لا أحد قادر على ايقاف الحرب الطائفية المقبلة بسبب العناد والتعنت، انها حرب مذاهب. وقودها شباب متحمسون مندفعون مشحونون مغسولون ذهنياً، سهل التأثير فيهم وجرهم الى الفتن، كل فريق من هؤلاء الشباب يجد ان مذهبه هو الفئة الناجية وهو الأحق، أما المذهب الآخر فهو الفئة الضالة وهو من سيتلظى بنيران جهنم وسعيرها و«أُمُّهُ هاوية» (القارعة).

«أشمئز كثيراً من تبادل أقبح الشتائم بين فريقين من مغرِّدين، كل منهما يتبع طائفة في تويتر!

يبدو، يا بني، ان الحرب مقبلة لا محالة، وطبول الحرب تقرع بقوة تصم الآذان. ها هو «نجاتي» متعنتاً معانداً العالم أجمع بتصريحات ترضي أتباعه بأن من حق إيران ان تُصنِّع قنبلة ذرية، وهم يهتفون له، ولا يعلم انه مذ بدأ بهذه التصريحات «العنترية» تزداد إيران عزلة ويخنق الحصار الشعب الإيراني الطيب المغلوب على أمره، والذي تزداد أوضاعه سوءا يوما عن يوم، واقتصاده منهك، وتومانه أصبح كعملة في الحضيض، ولم تعنه احتياطياته النفطية الضخمة ولا ايرادات إنتاجه النفطي التي اهدرت على أمور لا طائل منها ولا فائدة. 

يا بني.. أستغرب كيف يتمكن حاكم كأحمدي نجاد من ان يتحدى قوى عالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية والغرب، وشعبه بالكاد يتمكن من توفير الأساسيات في دول خيراتها كثيرة كإيران! من الواجب على الرئيس أحمدي نجاد المعروف بنزاهته ان يرفع مستوى معيشة المواطن الإيراني الطيب ليحيا حياة كريمة، يأكل ويشرب ما لذَّ وطاب، ويسكن في منزل ويُعالَج في مستشفى متطور، ويتعلم تعليما متطورا، ونعلم ان إيران زاخرة بالكفاءات العلمية كأطباء ودكاترة جامعات في جميع مجالات العلم والأدب والطب والهندسة.

يخدع القيادي نفسه إذا ظن ان المجد له في اثارة قضايا ساخنة ليقارع ويتحدى دولا متطورة بكل شيء، هدفها الإضرار بإيران وشعبها، وقد تولد ممارسات نجاد حروبا ومعارك مخيفة يذهب ضحيتها شعبه ويترك أهم معركة تواجهه كقائد وثق به شعبه، وهي معركة ضد الفقر والجوع والضياع الذي سيعانيه شعبه بسبب الحرب. الرئيس نجاد. ما زال الشعب الإيراني الطيب يعاني ويلات الحرب العراقية - الايرانية، نحتاج الى الحكمة والتعقل، وكفانا تهوراً وطيشاً.

يا بني، مطلوب الحكمة والتعقل من قادة المنطقة، وألا يجرفهم الاعلام والتصعيد، فيكونون أداة لحروب الآخرين، لتحقيق مصالح الدول العظمى: أميركا وأوروبا وروسيا والصين واسرائيل.

نحن نحترق بويلات الحرب ونيرانها، وهم يجنون المصالح، ونحن نتقاتل كالحمقى من أجل اختلافات مذهبية باقية الى قيام الساعة.. فلماذا نُيتِّم أطفالنا، ونُثكِّل نساءنا ونرمِّلهن، ونكثر المعاقين من أبنائنا؟!.. هذا هو ما سنجنيه من هذه الحرب، فليس وراء الحروب سوى الدمار والجوع والفقر والخراب. وشعوب العالم أجمع تنظر الينا، مشفقة علينا، مستنكرة فعلنا الذي يدل على الحمق والتهور حتى بعد ان تطول الحرب سنوات طويلة، فهل سيقضي أحد المذاهب على الآخر؟! قطعاً، لا. بل ستزداد الكراهية أكثر. فلماذا إذاً الاقتتال بحروب عبثية يكون وقودها شباب مسلمون؟ ولماذا لم نعتبر بالحرب العراقية - الايرانية التي أكلت الأخضر واليابس، ونتج عنها ملايين القتلى والمعاقين والأيتام والثكالى والأرامل؟! ليس لنا سوى الدعاء «الله يستر بستره».

يا ابني، لماذا معظم حكام العرب والمسلمين تعميهم السلطة وتسكرهم فيتخبطون خبط عشواء (والعشواء هي الناقة التي لا ترى)؟! انظر كيف تعمي السلطة بشار الأسد وبعض الحكام الذين لم يتعظوا مما حصل لحسني مبارك، الذي أهين في سجنه، وهو في أرذل العمر، والأهوج القذافي وخاتمته الدرامية، وحاكم تونس الذي طرده شعبه شر طردة، وحاكم اليمن المعزول الذي الى اليوم لا يصدق أنه تم عزله قسرا وبطريقة مهينة؟! الانتخابات الأميركية على الأبواب، وكل حزب قدم ما لديه للتأثير في فكر المواطن الأميركي ليصوت لمرشحه، وها هم اليهود والذين يسيطرون على المال والاعلام في العالم المتطور يؤثرون بقوة، ويُعمل لهم ألف حساب، فمع قلة عددهم في الولايات المتحدة الأميركية فهم يشكلون %2 فقط من السكان، انما تأثيرهم السياسي أضعاف هذا الحجم!

أداء الرئيس الأميركي في المرحلة الاولى من حكمه تكون عرضة للضغوط ويرضخ للمناورات والتكتيكات، حتى لا يغضب احد ويعرقل فرصة لاعادة انتخابه لولاية ثانية، فاذا نجح تمكن بعدها من ان يبعد الضغوط عليه، لهذا سيركز في ولايته الثانية على بناء مجدٍ شخصي لتطوير أميركا والعالم بأفكار أكثر ايجابية وإنسانية وعادلة ومنصفة حتى يصنع لنفسه موقعا متميزا في كتب التاريخ الأميركي، وهو تحد كبير لأوباما، يحتاج الى جهد كبير بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية للاقتصاد الأميركي وبروز أكبر للدور الصيني والروسي.. حتى حلفاؤه الأوربيون يعانون معاناة اقتصادية كبيرة ويحتاجون الى الدعم.

يحمل الرئيس أوباما أفكاراً نبيلة وسامية لمصلحة أميركا والعالم. انما الفوضى الخلاَّقة من إيجابياتها انها صنعت «الربيع العربي»، وهذه الدول تحتاج الى دعم اقتصادي، كما ان تورط الولايات المتحدة في العراق وافغانستان ذهبت ضحيته آلاف من أبناء أميركا قتلاً وإعاقة، يضاف اليها أعباء مادية عالية جدّاً لتمويل المعارك، يضاف اليها سجن غوانتانامو - سيئ السمعة - أضرت بسمعة الشعب الأميركي الطيب. 

نترقب نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، متمنين نجاح أوباما لفترة جديدة، يظل أفضل من منافسه رومني.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك