مراسيم الضرورة حالة تقديرية بيد السلطة برقابة القضاء والبرلمان.. المقاطع مؤكداً

زاوية الكتاب

كتب 1234 مشاهدات 0


القبس

الديوانية  /  لا ضرورة لإصدار الميزانيات

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

بعد مقالي السابق ليوم الخميس الماضي وردني اتصالان من طرفين مختلفين أحدهما من طرف يمثل أغلبية 2012 متسائلا: لماذا لم يتضمن مقالي عبارة صريحة بعدم جواز إصدار مرسوم ضرورة بتعديل نظام التصويت لأقل من الأربعة أصوات، ولم تكفه عباراتي الصريحة بقولي انه يجب أن تكون قضية الحملات الانتخابية المقبلة هي تعديل قانون الدوائر للمثالب والعيوب التي تشوبه ومطالبتي المجلس المقبل بتعديله في أول جلسة له كما تعهد له الكثيرون من النواب، وقد استنتج المتصل خطأ أن إشارتي لإصدار مراسيم ضرورة مستحقة للميزانيات وقولي عنها على سبيل المثال ما يفتح المجال لأمور أخرى مثل نظام التصويت.

أما الاتصال الآخر فجاء من طرف في الاتجاه المعاكس وقد طرح علي سؤالا محددا وهو: هل يجوز إصدار الميزانيات بمرسوم ضرورة؟ موضحا رأيه بقوله كيف يمكن ذلك والميزانيات قد أعدت وأحيلت لمجلس 2012 منذ أواخر شهر فبراير وكان على المجلس أن يصدر قوانينها قبل أول أبريل حسب الدستور! والمجلس لم يفعل وارتكب مخالفة دستورية جسيمة، بل انه أهمل الميزانيات دون مراعاة أحكام الدستور حتى يوم حله بحكم المحكمة في 20 يونيو 2012 أي تجاوز موعد صدور الميزانية لمدة وصلت الى 3 أشهر تقريبا! واستمر الأمر حتى كتابة مقالك وفات من عمر الميزانية نصفه أي 6 أشهر! فأين الضرورة المستجدة التي تبرر صدورها بمرسوم ضرورة إن كان موعد الميزانية معروفا والمخالفة لحكم الدستور تمت وهي مستمرة فكيف تبررها بأمر استجد ليطبق نص المادة 71 من الدستور؟ مضيفا قوله لي: فإن قلت بجواز ذلك للميزانية فأين الحظر في أي موضوع آخر إذا كانت الضرورة متجددة وليست أمرا مستجدا كما يقصده الدستور؟

ولأهمية إيضاح جوابي على الاتصالين أقول ان الضرورة هي شرط موضوعي وجوهري لإصدار مراسيم الضرورة وهي تتمثل بحالة ما «إذا حدث فيما بين أدوار انعقاد مجلس الأمة أو في فترة حله، مما يوجب الإسراع في اتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير، جاز للأمير أن يصدر في شأنها مراسيم تكون لها قوة القانون»، ومفهومها أن يطرأ أمر مستجد بعد حل المجلس ليتحقق وجودها، ومن ثم هل يمكن اعتبار الوجود المسبق لهذا الأمر أثناء وجود المجلس واستمراره بعد غيابه سببا كافيا لتحقق الضرورة؟ بمعنى آخر هل استمراره يعتبر حالة تجدد وجوده كل يوم؟ لا شك أن تلك مسألة جوهرية تثير نقاشا واختلافا والعبرة بشأنها بالنظر لكل حالة على انفراد فلا يجوز في رأيي أخذ ذلك مبررا مطلقا للقول بتوافر الضرورة وهو ما رأيته متحققا للميزانيات دون غيرها من الموضوعات.

ولذا فإن الفقه الدستوري - وأنا منه - يقول إن تقدير الضرورة بمبرراتها هو حالة تقديرية بيد السلطة التنفيذية تحت رقابة القضاء الذي يراقب شروط توافرها قانونا ورقابة البرلمان المقبل الذي يراقبها قانونيا بإلغاء المرسوم بقانون وبأثر رجعي اذا شاء وسياسيا بتحميل الحكومة المسؤولية السياسية لاتخاذ هذا القرار. وأشكر كلا السائلين والمحاورين اللذين كانا سببا لإثراء هذا الموضوع وتنوير الناس.

اللهم إني بلغت.

القبس

تعليقات

اكتب تعليقك