عن 'ظلم البدون'- يكتب منيف الفضلي

زاوية الكتاب

كتب 2777 مشاهدات 0


ظلم البدون
منيف الفضلي

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمة للعالمين، ورضي الله عن الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :
عندما خلق الله تعالى الكون جعل لكل بداية نهاية وسخر كل شيء يجري لأجل مسمى لا يعلمه إلا هو سبحانه ، ومن رحمةربنا بعبادة المسلمين أن أنزل علينا القرآن وهو من أعظم الآيات التى نزلت على عهد نبينا محمد صل الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين إلى يوم يُبعثون ..رسالة إلى كل من نسى أو تناسى ما بهذا القرآن من عظمه ومن تحذير بالوعيد وضرب الله سبحانه العديد من الأمثله التى يجب علينا أن نقتدي بها لنتفادى الوقوع بالخطأ ومعصيته جل في علاه .
لقد عشنا بالآيام الماضيه ظاهره عجيبة قد يراها البعض بأنها عاديه لكنها عظيمه عند الله ألا وهي ظاهرة ' الظلم ' التى وقعت على إخواننا في الدين والعرق ألا وهم (البدون) حيث تعرضوا للتعسف  والاضطهاد منذ سنوات طويلة ، لا أريد أن أفتح مواضيع طويلة بخصوص حل هذه القضية لأن الحكومة تعلم كل الطرق السريعة لحلها لكنها قد تغافلت عنها أو تجاهلتها لكن أكتفي بالسكوت الآن لأذكركم بكلام الله سبحانه وتعالى والذي يكفي لحل جميع المشاكل في هذه المعمورة .
يقول الله تعالى في بداية سورة الحج :' يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيءٌ عظيم (1). يوم ترونها تذهل كل مرضعةٍ عما أرضعت وتضع كل ذات حملٍ حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد (2) '.
ويقول تعالى أيضاً في سورة الفرقان بالآية رقم 19 :' ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا ' .
وقال جل في عُلاه في سورة المائدة في الآية رقم 45 :' ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ' .
هذه الآيات الثلاث جزء بسيط جداً من الآيات الكريمة بالقرآن التى تحذر من الظلم ومن يريد المزيد منها فعليه قراءة القرآن ويتدبر ما به من آيات حول هذا الموضوع ، وقبل طي صفحة قول الله تعالى عن الظلم أستدل بحديث قدسي عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويهعن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم علىنفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي  كلكم ضالإلا من هديته  فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا منأطعمته  فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا منكسوته  فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي إنكم تخطئون بالليلوالنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا  فاستغفروني أغفر لكم ، ياعبادي  إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعيفتنفعوني ، يا عبادي  لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانواعلى أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، ياعبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلبرجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكموآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألونيفأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصالمخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكمثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلكفلا يلومن إلا نفسه ) أخرجه مسلم في صحيحه.
بعد أن رأينا كلام الله بالقرآن الكريم وحديثه القدسي لرسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم ما لذي ينقصنا لكف الأذى عن إخواننا البدون الذين ضحوا لهذا البلد والذين بذلوا وسيبذلون الغالي والنفيس من أجل أن تكون الكويت شامخة بين أقرانها من الدول .  أيها الطيبون من شعبنا يا من لا ترضون عن ظلم المسكين ويا من تخشون الله في كل مكان ويا من تسعون إلى رضى الله إن هذه الرسالة موجهه لكم لتكونوا عوناً لإخوانكم وكما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ' من فرج عن مؤمن كربه فرج الله كربته يوم القيامة ' كما إنها موجهه للعنصريين حتى يعرفون كيف يغضب الله على من ظلم نفساً وعلا بالأرض من دون حق لأن العزه والعلو والتكبر صفات خاصة برب العالمين.
 
 
 
البعض يتحجج بأن هذه الفئة من الناس عبارة عن نازحين اندسوا بين أهل الكويت لأنهم يطمعون بثروات ومميزات الجنسية الكويتيه ويدعي البعض بأنهم بعثيون من نظام الطاغية المخلوع صدام حسين والبعض الأخر يقول بأنهم يملكون جناسي أخرى من بلدان مجاوره ويسعون لزيادة خيراتهم وهم غير مستحقين ويدعي البعض بأنهم لا يملكون الولاء لدولة الكويت وووووإلخ .. باختصار إنها أوهام وأكاذيب ، الدولة لديها نظام وتعرف كل شخص ماله وما عليه فإن كان ما قلته صحيحاً فلماذا يعيش هؤلاء البشر بأرض الكويت ؟؟ اليسوا مجرمين ؟؟ لماذا لا يُحاسب المجرم في الكويت ؟؟ أسئلة عديدة وكثره تحتاج لتوضيحات كثيرة لكن التفكير بحل هذه القضية يُعتبر أمر ملغي لأن هناك مستفيدين كثر من هذه القضية وإذا تمحل هذه المشكله فما الفائدة من ذلك !! .
بما أن الإنسانية لم يعد لها تقدير وأرواح البشر أصبحت بأرخص الأثمان وفي زماننا أصبحت لبعض الأصوات العنصرية نفوذ كبير بهذا البلد من دون رادع لما يقولون مستغلين جاههم وسلطانهم من دون الشعور بإحساس إخوانهم بالدين .. فلماذا نحن مسلمين إذا لم نفكر بأمور إخواننا ؟ للأسف الشديد أصبحت الطائفية سبباً أيضاً بالدفاع عن هذه الفئة فمنهم من يقول بأنهم من المذهب الفلاني ولديهم من يدافع عنهم ومنهم من يقول بأنهم من القبيلة والعشيرة الفلانية ولديهم من يدافع عنهم !! أبهذه الطريقه تُحل هموم البشر ؟ أبهذه الطريق وجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم الحلول لجميع المسلمين في أمور دنياهم ؟ إذا لم نقتدي بالرسول وصحابته وآل بيته فمن يستحق أن نقتدي به ؟هنا نقف مره أخرى لنفكر العنصري بما يملك وما لا يملك .. هل تمتلك الروح التي في جسدك؟ هل تمتلك المال الذي في جعبتك ؟هل تمتلك عافيتك التى تمرحُ بها ؟ هل تمتلك الجاه والنفوذ الذي تنعم به ؟ هل تمتلك الهواء الذي تتنفسه ؟ هل وهل وهل وهل .. بكل تأكيد الجواب لا .. أنت بكل ما تملك لا تساوي شيء عند من خلقك وقسم عليك رزقك وأعطاك من دون أن تبذل أي جهد على هذا الجاه .. هل تعرف ماذا فعل الله بقارون ؟ وهل تعرف ماذا فعل الله بفرعون ؟ هل تعرف ماذا فعل الله بقوم عاد وثمود ولوط ؟من المفترض أن تعرف إذا كنت تقرأ كتاب الله وتتعض من آياته لكن هذا الأمر لن يُخيفك لأنك لم تشاهد غضب الله أمام عينك فما هو حالك عندما تشاهد غضب الله عليك وأنت أمامه ؟ هل تقول له بأن هذا ' البدون ' شخص مزور أو تقول بأنه شخص مجرم أم تقول بأنه شخص مخرب ؟؟ هذه الأعذار تفيدك فقط بالدنيا أما الآخره فلا تعلم أين تكون هل من الذين يُحشرون إلى جهنم زمراأو إلى الجنة زمرا .. يقول الله عزل وجل في سورة الزمر بالآية رقم 67  :' وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَالْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّايُشْرِكُونَ '.
أختم كلامي بهذه القصيدة لعلي بن محمد الهادي رضي الله عنه والذي ينتهي نسبة للإمام الحسين بن علي بن أبي طالبرضي الله عنهما حيث ألقاها لحاكم مدينة سامراء وهو المتوكل العباسي ، لعل الذي يقرأ هذه القصيدة يبكي مثل بكاء المتوكل الذي بكى الحاضرون من بكائه وتعطفون على حال المستضعفينالبدون ويحلوا مشاكلهم :
باتوا على قللِ الاجبال تحرسُهم ** غُـلْبُ الرجالِ فما أغنتهمُ القُللُ
 
و استنزلوا بعد عز ٍ من معاقلهم ** وأودعوا حفراً يـا بئس مانزلوا
 
ناداهمُ صارخٌ من بعد ما قـُبروا ** أين الاسرّةُ و التيجانُ والحللُ
 
أيـن الوجوه التي كانتْ منعمةً** من دونها تُضربُ الأستارُوالكُللُ
 
فـأفـصـحَ القبرُ حين ساءلهم ** تـلك الوجوه عليها الدودُ يقتتلُ
 
قد طالما أكلوا دهراً وما شربوا ** فأصبحوا بعد طول الأكلِ قدأكلوا
 
و طالما عمّروا دوراً لتُحصنهم ** ففارقوا الدورَ و الأهلينَوارتحلوا
 
و طالما كنزوا الأموال و ادّخروا** فـخلّفوها على الأعداء و انتقلوا

الآن- برأي: منيف الفضلي

تعليقات

اكتب تعليقك