السلطة تسدد ما عليها من استحقاقات ديمقراطية بالتقسيط.. الديين مستنكراً

زاوية الكتاب

كتب 800 مشاهدات 0


عالم اليوم

مرسوم 'ضرورة'!!

أحمد الديين

 

مع أنّ حكم المحكمة الدستورية قد رفض طعن الحكومة المتهافت في القانون رقم 42 لسنة 2006 بإعادة تحديد الدوائر الانتخابية، وسقطت معه ادعاءاتها المراوغة بالحرص على العدالة والمساواة، بحيث لم يبق أمامها من خيار سوى الإسراع في إصدار مرسوم حلّ مجلس 2009، إلا أنّ السلطة، مع ذلك كله، لما تتخل بعد عن مخططها الهادف إلى الانفراد بتفصيل النظام الانتخابي على نحو يحقق لها المزيد من التحكّم في نتائج الانتخابات المقبلة ويمكّنها من تقليص فرص فوز مرشحي المعارضة... فهاهي الاستعدادات والتحضيرات تدور على قدم وساق في أروقة السلطة وعلى أيدي مستشاريها وضمن أجهزتها للإعلان بعد إصدار مرسوم الحلّ عن إصدار مرسوم بقانون، أو ما يُسمى “مرسوم ضرورة” لا يتوافر له شرط الضرورة، بحيث يتم فيه تخفيض عدد الأصوات التي يستطيع الناخب الإدلاء بها من أربعة أصوات إلى صوتين أو صوت واحد فقط!
وضمن هذه الاستعدادات والتحضيرات أطلق جاسم الخرافي رئيس مجلس 2009 حملته التسويقية التي حاول فيها التهوين من إصدار مرسوم بقانون لتغيير النظام الانتخابي ووصفه بأنه أسرع الطرق وأسهلها للوصول إلى ذلك، أي الأسرع والأسهل على السلطة، ثم تفضّل بالتذكير بأمر بديهي لا يحتاج إلى تذكير، وهو أنّ مجلس الأمة المقبل يستطيع رفض هذا المرسوم بقانون... فيما تجاهل راعي الحملة التسويقية أنّ التجربة المريرة لانفراد السلطة بتغيير النظام الانتخابي في العام 1980 وتفتيت الدوائر العشر إلى خمس وعشرين دائرة قد كشفت مدى صعوبة، إن لم تكن استحالة، قيام مجلس الأمة المنتخب وفق ذلك النظام في العام 1981 برفض مرسوم القانون الذي صدر في ظل الوضع غير الدستوري لما كان يعنيه رفضه حينذاك من إبطال تلقائي لانتخابات ذلك المجلس... ثم استقرت الأوضاع المعبوث بها واستمرت معها أعمال التخريب والإفساد المتواصلة للعملية الانتخابية في ستة مجالس متعاقبة، بحيث اقتضى إسقاط نظام الدوائر الخمس والعشرين سيئ الذكر مرور أكثر من ربع قرن، ناهيك عن أنّ إسقاطه لم يتحقق عبر “قاعة عبدالله السالم”، وإنما تحقق بالأساس عبر حركة “نبيها خمس” في العام 2006 أي عن طريق اللجوء إلى الشارع، وتحديدا “ساحة الإرادة”، التي اكتسبت اسمها من الحراك الشعبي حينذاك.
 ولا أحسب أنّ الشعب الكويتي بعد الخبرات المتراكمة لحراكه السياسي في السنوات الأخيرة سيكون مضطرا إلى انتظار انقضاء ربع قرن آخر ليبادر إلى اللجوء مجددا إلى “ساحة الإرادة” كي يسقط مرسوم قانون النظام الانتخابي المفصّل وفق مقاييس السلطة... ذلك أنّ انسداد أفق الإصلاح من خلال مجلس الأمة بعد العبث في النظام الانتخابي سيقود الناس إلى التحرك سريعا خارج الإطار البرلماني عبر لجوئهم إلى مختلف الأساليب والوسائل المتاحة والممكنة لتحقيق إرادتهم في الإصلاح سواء في “ساحة الإرادة” أو في غيرها... إلا أنّ الجديد هذه المرة أنّ الناس لن تكتفي بالمطالبة بإصلاح النظام الانتخابي فقط، مثلما حدث في العام 2006، وإنما ستطرح معه مطالب الإصلاح السياسي الديمقراطي الشامل، وتحديدا ضرورة الانتقال إلى النظام البرلماني الكامل واستعادة الأمة لسيادتها المغتصبة... بحيث ستضطر السلطة حينها، في وقت لن يكون بعيدا، إلى سداد ما عليها من استحقاقات ديمقراطية متراكمة دفعة واحدة و”بالكاش”؛ وليس بالتقسيط المريح على دفعات مثلما هي حالها الآن!

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك