أوروبا الجنوبية تواجه الفوضى الاجتماعية وسط برامج التقشف

الاقتصاد الآن

382 مشاهدات 0


مع المسيرات المكثفة فى البرتغال وأسبانيا وتظاهرات رجال شرطة ضد زملائهم الذين لم يتركوا الوظيفة فى اليونان، تثير خطط التقشف التى فرضها الاتحاد الأوروبى موجة اعتراض متنامية يخشى أن تؤدى إلى خريف اجتماعى حار فى دول أوروبا الجنوبية.

والسبت عدلت الحكومة البرتغالية أخيرا عن فرض إجراءات رفضتها حركة احتجاج غير مسبوقة فى البلاد التى تعيش بمساعدة مالية، وهذه الإجراءات هى زيادة قيمة اقتطاعات الضمان الاجتماعى التى يسددها الموظفون وخفض متزامن لتلك التى تسددها الشركات.

وقبل أسبوع، نزل مئات الآلاف من الأشخاص إلى الشارع فى لشبونة وفى نحو ثلاثين مدينة فى البرتغال للاحتجاج على هذه الإجراءات تلبية لدعوة حركة أنشأتها شبكات التواصل الاجتماعى وفاجأت النقابات.

وفى اليونان، دعت النقابتان الرئيسيتان فى القطاعين الخاص والعام إلى إضراب عام لمدة 24 ساعة وإلى تظاهرات الأربعاء فى 26 سبتمبر ضد السلة الجديدة لإجراءات التقشف الجارى بحثها الآن.

وأعرب الخبير السياسى ايلياس نيكولا كوبولوس عن خشيته من 'حادث' أثناء المسيرات قد يؤدى إلى أثارة حوادث عنيفة فى بلد يعانى من صعوبات مالية ضخمة، حيث لا تتوقف شعبية حزب النازية الجديدة 'الفجر الذهبى' عن الارتفاع.

والنقطة المشتركة بين البلدين تكمن فى الاستفادة من قروض منطقة اليورو وصندوق النقد الدولى مقابل فرض خطط تقشف صارمة وإصلاحات هيكلية لتحرير الاقتصاد على أمل تنقية ماليتهما العامة وتخفيف الديون.

والدولتان الجارتان اللتان تمران بصعوبات مالية أيضا، وهما أسبانيا وإيطاليا، تجدان نفساهما مضطرتين تدريجيا لتبنى برامج تقشف من دون لجوئهما حاليا إلى مساعدة مالية من الاتحاد الأوروبى وصندوق النقد الدولى.

وأقرت برناديت سيجول التى تتولى إدارة الاتحاد الأوروبى للنقابات فى بروكسل بالقول 'هناك تصاعد لحركة الاحتجاج فى كل هذه الدول'.

وقالت أيضا إن 'سكان الدول التى تواجه صعوبات مالية فى أوروبا الجنوبية يدركون أن معالجة التقشف المتشددة هذه لا تعمل، فهم لا يرون نهاية النفق، وهذا ما يغذى اليأس والغضب الاجتماعى'.

وفى أسبانيا، يزداد حجم الاستياء إثر سلسلة تخفيضات فى الموازنة معلنة فى يوليو وتتضمن خصوصا زيادة ضريبة القيمة المضافة منذ الأول من سبتمبر وهو ما زاد من التأثير السلبى على القوة الشرائية.

وفى 15 سبتمبر، سار عشرات الآلاف الأشخاص من كل أنحاء أسبانيا فى مدريد ضد التقشف، وتتواصل تحركات منتظمة مثل تحرك الموظفين الذين يجتمعون كل يوم جمعة.
فى اليونان، تميزت العودة من العطلة الصيفية بغضب كبير فى صفوف القضاة والأساتذة والعسكريين ورجال الشرطة الذين يحتجون ضد التخفيضات الجديدة على الرواتب التى تستعد الحكومة لتطبيقها.

والأربعاء، أطلق رجال قوات مكافحة الشغب غازات شديدة التأثير على زملائهم الشرطيين الذين يتظاهرون قرب مبنى البرلمان فى وسط أثينا.

وأمام موجة برامج التقشف، تقر سيجول بأن النقابات 'فى وضع صعب'، لأنها فى غالبيتها تواصل الدعوة إلى حل أوروبى تضامنى لمواجهة الأزمة التى تستدعى مع ذلك حدا أدنى من قبول مبدأ التقشف.

لكن يبدو أن النقابات عاجزة أمام تصاعد الحركات الشعبوية الداعية إلى القطيعة مع أوروبا وإلى العودة إلى القومية أو مطالبات انفصالية كما فى المناطق الأسبانية، بحسب ما قالت برناديت سيجول.

وإضافة إلى التفكيك التدريجى للدول- الراعية الذى يؤدى إلى تدهور المساعدات الاجتماعية وزيادة الضرائب، تعانى دول الجنوب أكثر من بقية أوروبا من تصاعد معدل البطالة الذى يطال الشبيبة خصوصا.

وفى مقابلة مع صحيفة وول ستريت جورنال فى فبراير، رأى رئيس البنك المركزى الأوروبى ماريو دراغى فى ارتفاع معدل البطالة فى صفوف الشباب دليلا على اختفاء 'النموذج الاجتماعى' الأوروبى الشهير الذى جرى التفاخر به منذ أجيال.

وتأمل برناديت سيجول أن تدرك السلطات الأوروبية الرهانات. وقالت 'لا يمكن تطبيق إصلاحات تعطى الأولوية للمنافسة وتضعف الحماية الاجتماعية، بينما يستمر الاحتيال المالى لدى الشركات والتهرب الضريبى المعمم'.

وأضافت 'لقد سجلنا فى خطاب (جوزيه مانويل) باروزو عن حال الاتحاد إشارة إلى ضرورة عدم لمس قلب النموذج الاجتماعى لبلد ما أنها خطوة متقدمة، لم يقل ذلك العام الماضى. الآن ينبغى الانتقال إلى الأفعال'.

الان - محمود مقلد

تعليقات

اكتب تعليقك