شركات التجزئة العالمية تحاول حل لغز السوق البرازيلية بقلم سامانثا بيرسون

الاقتصاد الآن

1303 مشاهدات 0


على ضفاف نهر بارانا بجوار الحدود البرازيلية تستقر موناليزا، واحدة من مناطق الجذب السياحية الأكثر شعبية في باراجواي. يجذب مركز التسوق، مكيف الهواء ذو الستة طوابق، في سيوداد ديل إستي الآلاف من البرازيليين كل عام، الذين يسعون في محاولة يائسة لشراء كل شيء من قمصان لاكوست بولو، وعطر شانيل، ومشروبات تايتنجر العتيقة.

''لقد حصلتم على ثلاث ساعات يا رفاق – ليس هناك المزيد،'' يصرخ المرشد السياحي البرازيلي حيث إن المسافرين يبتعدون عن الحافلة ويتوجهون إلى مدخل، بحثاً عن بعض رجال الشرطة خلسة الذين قد حاولوا أخذ رشوة من سائق.

ليس من الصعب أن نفهم لماذا أصبحت منطقة التجارة حرة في المنطقة الحدودية التي ينعدم فيها القانون نسبيا أصبحت قبلة المتسوقين البرازيليين. على الرغم من أنها تضم واحدة من الأسواق الاستهلاكية الأسرع نموا في العالم، إلا أن أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية لا يزال يفتقر إلى العديد من العلامات التجارية الأمريكية والأوروبية الشعبية المتاحة في الأسواق الناشئة الأخرى، فتلك العلامات التجارية الموجودة في البرازيل غالباً ما تكون باهظة التكاليف.

يبعد شارع أوسكار فريري في ساو باولو نحو 12 ساعة من موناليزا، فيفث أفينيو البرازيل، حيث المقاهي التي يوجد عليها حراس أمن، حيث سروال الجينز الذي يبلغ تكلفته 100 دولار في نيويورك، تبلغ تكلفته ألف ريال برازيلي ( 495 دولار). وتبلغ سعر حقيبة اليد الصغيرة البوليستر من ''أكسسوريز''، التي ستكلفك في لندن ثمانية جنيهات استرلينية فقط، 78 ريالا برازيليا(24 جنيها استرلينيا)

بالنسبة للعلامات التجارية'' هاي ستريت'' أو ''فاست فاشون''، هذا يعني أنها ستضطر إلى التنافس في سوق المنتجات الفاخرة الأجنبية، أما بالنسبة للعلامات الراقية فهذا يعني أنها ستكون مكلفة جدا مما يعرضها لخطر فقدان عملائها تماما.

إنه اللغز الذي غير ما يبشر بأن يكون جنة لمتاجر التجزئة في أحد الأسواق الأكثر تحدياً في الصناعة، مما يثير قلق أمثال ''هينيز آند موريتز'' السويدية وغيرها من تجار التجزئة الذين لا يزالون يبحثون عن طريقة للدخول إلى البرازيل.

''توب شوب'' هو مثال على ذلك. فمنذ أكثر من عامين وعد السير فيليب جرين، الملياردير البريطاني صاحب مجموعة أركاديا التي تملك ''توب شوب''، بفتح متاجر في البرازيل للمساعدة في تعويض تباطؤ النمو في المملكة المتحدة. وعلى الرغم من انخفاض معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي في البرازيل – الذي تراجع من 7.5 في المائة في عام 2010 إلى أقل من 2 في المائة هذا العام – إلا أن مبيعات التجزئة ما زالت تواصل الارتفاع في العام الماضي على أساس سنوي أكثر من 10 في المائة بفضل انخفاض الرقم القياسي للبطالة إلى حد كبير.

ولكن عندما فتح ''توب شوب'' أول متجر برازيلي له في شهر حزيران (يونيو)، كان في أكثر مراكز التسوق ترفاً في البلاد، ''جك لجواتيمي'' في ساو باولو. فمبنى الرخام والزجاج العملاق، الذي يمتلئ ببساتين الفاكهة ويحتوي على أجهزة استشعار تقوم بتوجيه السائقين إلى أماكن وقوف السيارات الشاغرة، هو أيضا موقع لشركة برادا وشركة دولتشي آند جابانا. ''الموقع هو كل شيء في مجال تجارة التجزئة''، كما يقول ألكسندر دومينجيز، مدير ''توب شوب'' في البلاد، والذي يصر على أن المتجر البرازيلي مطابق للمتاجر الموجودة في المملكة المتحدة.

وفي الداخل، تتمعن الزبائن الذين يرتدون ملابس أنيقة بينما هناك عاملة نظافة تلمع النظارات الشمسية المعروضة للبيع بسعر منخفض - عالم بعيد عن جنون المتسوقين في متجر ''توب شوب'' الرئيس في شارع أوكسفورد في لندن.

تتمتع خدمة التسوق الشخصية في المتجر، حيث يتم تقديم المشورة في الأزياء للعملاء وأحيانا كأس من المشروبات في غرفة خاصة، أيضا بشعبية خاصة.

''إنه بسبب طبيعة مركز التسوق الذي نحن فيه، ولكن البرازيليين على وجه العموم أيضا يحبون أن يكونوا مدللين وأن يباشروا بشكل شخصي''، كما يقول ألكسندر دومينجيز، مدير ''توب شوب'' في البلاد.

تفسر أسعار المتجر المرتفعة، وإن لم تكن مرتفعة مثل بعض العلامات التجارية الأخرى المستوردة، أيضا السبب وراء جذب ''توب شوب'' للعملاء الأكثر ثراء في البرازيل أكثر من الأسواق الأخرى.

سبب الاختلاف في كثير من الأحيان بسيط: ضرائب الاستيراد الضخمة. في محاولة لحماية المصنعين المحليين المكافحين، فرضت الحكومة البرازيلية ضرائب تصل إلى 35 في المائة على كل شيء من البطاطا إلى السيارات.

''إنها ليست فقط ضرائب استيراد إما - لديك أربع ضرائب أخرى على رأس ذلك: ضريبة على المنتجات الصناعية، على تداول السلع، و''كوفنز'' (ضريبة الضمان الاجتماعي)، ''بيز'' (المزايا الضريبية للعمال)''، عل حد قول أوتو نوجامى، أستاذ الاقتصاد في كلية إدارة الأعمال. وأضاف قائلا: ''لقد قمت بحساب الضرائب على الماكياج ومستحضرات التجميل، على سبيل المثال، وإجمالي العبء الضريبي فوجدته يصل إلى 133.47 في المائة من القيمة الجمركية''.

يعزو خبراء الاقتصاد أيضا الأسعار المرتفعة للمتاجر الأجنبية إلى الاقتصادات الفقيرة في الحجم وارتفاع تكاليف التشغيل نتيجة للبيروقراطية البيزنطية للدولة وضعف البنية التحتية. وتقدم معدلات الفائدة المرتفعة في البرازيل تفسير آخر.

فعادة يشتري البرازيليون كل شيء من الملابس الداخلية إلى التلفزيون بطريقة القروض، وذلك باستخدام التمويل في المتجر لدفع ما يصل إلى 60 في المائة أقساط شهرية. على الرغم من ذلك، كانت النتيجة أن وضعت متاجر التجزئة غالباً أسعار فائدة مكلفة تصل إلى 6 في المائة في الشهر من السعر النهائي لمنتجاتها، كما يقول نيلسون بيلترام، وهو أستاذ في معهد فيبيكافي

ومع ذلك، ليست هذه هي القصة كلها، فالسبب الرئيسي وراء تحمل الشركات الأجنبية نفقات كبيرة هو المستهلكون الذين يتوقعون من الشركات ذلك. ''السعر يساوي جودة هنا، لذلك وضعت أسعارا منخفضة جداً سيعتقد المستهلك أن منتجك هو من نوعية رديئة،'' على حد قول السيد بيلمار. 

ووجهة النظر هذه راسخة في البرازيل على وجه الخصوص، حيث لا يزال الاقتصاد مغلقا نسبياً ومحجوبا عن التجارة الخارجية، بحسب قول والتر مولانو، رئيس قسم الأبحاث في شركة بي سي بي سيكيورتيز.

ومع هذا فإن العلامات التجارية مثل ''زارا'' الإسبانية التي خفضت أسعارها 35-40 في المائة من إنتاجها داخل البلاد ظلت مشهورة بضمها مواقع متميزة بأسعار منخفضة نسبياً. وبعد مرور 13 عاما على وجودها في البلاد تمتلك ''زارا'' متاجرا في أكثر المراكز التجارية الرائدة في ساو باولو.

وتأمل ''توب شوب''، التي تضع اللمسات الأخيرة لخطط افتتاح متجر آخر في البرازيل، في تحقيق نجاح مماثل. لكن لن يكون لنشر الإنتاج داخل البلاد قيمة إلا إذا أنشأت الشركة قاعدة عملاء أكبر بكثير- وهي الحلقة المفرغة التي بإمكان تجار التجزئة أن يكسروها.

الخيار الآخر بالنسبة لتجار التجزئة هو منح العملاء الأسعار العالية التي يتوقعونها. وعلى الرغم من ذلك، إذا كان هناك منتج باهظ الثمن فإن البرازيليين سينتظرون حتى يتمكنوا من شرائه من الخارج – قد يكون هذا المنتج في بارجواي أو، كما هو ملاحظ بشكل متزايد في هذه الحالة، في مدينة ميامي الأمريكية. وتقدم وكالات السياحة في جميع أنحاء البلاد عروضاً لرحلات تسوق لمدة ستة أيام إلى ولاية فلوريدا، واعدة بأنشطة مثل ''اكتشاف العجائب للمتاجر المكيفة الهواء'' كما تعرضه إحدى الوكالات.

''وبمجرد أن يرى المستهلك الأسعار خارج البلاد، يدرك مدى ارتفاعها داخل البرازيل''، كما يقول بيلترام، وأضاف: ''الشركة تكتسب عميلاً وعدواً في الوقت نفسه''.

 

 

الآن:الاقتصادية

تعليقات

اكتب تعليقك