صرخة من أجل دولة في منطقة الخطر بقلم هيو كارنيجي
الاقتصاد الآنسبتمبر 20, 2012, 2:20 م 466 مشاهدات 0
عندما أصبح فرنسوا هولاند أول رئيس اشتراكي لفرنسا منذ 17 عاما في شهر أيار (مايو)، كانت هناك تحذيرات بالغة الخطورة من منافسه المهزوم نيكولا ساركوزي من أن الأسواق المالية ستتحول لتكون ضد فرنسا في غضون أيام، مما سيغرق فرنسا في حالة طوارئ من نوع تلك الموجودة في إسبانيا.
و بدلا من الانهيار، وبعد أربعة أشهر تقترض الدولة وفقا لمستويات قياسية منخفضة للفائدة؛ وتم تفادي أزمة منطقة اليورو التي خاف الكثير من أنها قد تنفجر خلال الصيف؛ وهولاند على وشك تأكيد التزامه بالاستقامة من الناحية المالية عن طريق فرض ما أسماه بالميزانية الأكثر قسوة منذ 30 عاما على الدولة.
و الأعمال مضطربة فيما يتعلق بتفضيل الرئيس لتركيز الضرائب الجديدة على الشركات والأغنياء بدلا من تخفيض الإنفاق، وهناك توترات متصاعدة بشأن البطالة المتزايدة، والإنتاج الصناعي المتراجع، واحتمال، في أفضل الأحوال، وجود نمو ضعيف العام القادم. و لكن حتى الآن، تمت السيطرة على الأسوأ في حالة الطوارئ في منطقة اليورو ومنعها من إحداث ضرر.
وهذا قد لا يدوم طويلا، إذا كان لابد من تصديق الاقتصادي الليبرالي المستقل، نيكولا بافريه. وفي كتابه 'ريفيليه فو!' (استيقظوا!)- والمقصود من العنوان أن يكون صدى مضادا ﻠ 'إنديجنيه فو!' (كن غاضبا!)، الكتيب المعادي للرأسمالية لـ ستيفان هيسيل- يسعى لهزيمة أي تهاون بشكل كامل. وفي تصويره، تعتبر فرنسا دولة على حافة الفشل التام- والأمر ليس مجرد فشل فرنسي تام.
ويكتب: 'لا يوجد شك في أن فرنسا، التي أصبح لديها أخيرا فائض في الميزانية في عام 1973، على المسار نفسه الذي يهدد الحاضر بالنجاح في تنفيذه في إسبانيا وإيطاليا. وإذا اصطدمت بحائط الدين بعد إسبانيا وإيطاليا ستكون احتمالية بقاء العملة الموحدة ضئيلة لأن ألمانيا لم تعد قادرة، حتى إذا كانت لا تزال ترغب في ذلك، على دعم منطقة اليورو بمفردها'.
و الكتاب أبعد ما يكون عن هجوم سياسي من قبل أحد الأحزاب على هولاند، الذي بالكاد تم ذكره. وفرضية بافيريه هي أن فرنسا تمت قيادتها لعقود من قبل اليمين واليسار في طريق الرفاهية الممولة عن طريق الاستدانة والإنتاج المتراجع، وإلى داخل حالة خطيرة من الإنكار فيما يتعلق بالحالة الحقيقية لاقتصادها. وفي تعليق رافض لفترة ساركوزي التي استمرت خمسة أعوام، يقول إن الرئيس السابق، الذي وعد ﺑ 'انفجار' عندما تم انتخابه في عام 2007، 'مزق الولاية المتجهة للإصلاح و التي اكتسبها فوق الفرنسيين'.
و يتهم بافيريه المؤسسة الفرنسية بأكملها - بما فيها صفوتها المتبجحة في الإدارة و الذين تتلمذوا في المدارس الكبرى - برفضها التكيف مع العولمة وظهور نظم اقتصادية جديدة و ﺑ 'تبرئة نفسها من جميع التخصصات والالتزامات المفهومة ضمنيا من نظام العملة الموحدة'. و النتيجة هي أن الدولة مرت من 'ترنتيه جولريوز' (الـ 30 سنة المجيدة)- فترة ازدهار ما بعد الحرب التي استمرت لـ 30 عاما- إلى ما يسميه 'ترنتيه بيتيوز' (الـ 30 سنة المؤسفة)، (وهذا عنوان واحد من إصداراته السابقة).
و يعتبر الكتاب تحليلا جدليا أكثر منه اقتصاديا. وباعتباره مكتوب بواسطة أجنبي، سيبدو غير متوازن وعدائي بكل ما تحويه الكلمة من معنى. ويهدم بافيريه المبادئ الفرنسية الثلاثة الكبرى، حيث يكتب أن الحرية اليوم يتم 'التنديد بها'، والمساواة 'تختلط على نحو مهين بالحق في حالات تراجع غير محدودة من دولة رخاء تعيش على الدين'، و الإخاء الذي 'تحلل ليصير لجوءا للقومية و كرها للأجانب'.
و لكنه نشر أرقاما صارخة لتوضيح رأيه في كون الاقتصاد المحمل بالدين في منطقة الخطر- و لا يوجد ما هو أكثر وضوحا من تلك التي تعقد مقارنة مع ألمانيا.
و يعتبر الإنفاق السنوي على المستوى العام، مع وجود56.6 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، هو الأعلى في أوروبا بصرف النظر عن الدنمارك والـ 163 مليار يورو الزائدة على ما هو موجود في ألمانيا- التي تملك 17 مليون نسمة أكثر. وفرنسا، التي سيكون لديها أكبر حاجة للاقتراض في منطقة اليورو في عام 2013، كان لديها عجز تجاري العام الماضي يقدر بـ 70 مليار يورو، بينما كان لدى ألمانيا فائض يقدر بـ 150 مليار يورو.
ويدعو بافيريه إلى إصلاح شامل للنموذج الاجتماعي والاقتصادي الفرنسي لخلق 'صدمة تنافسية'، مستشهدا بالحالات المماثلة في كندا، والسويد، وألمانيا كأمثلة يتم الإقتداء بها. وهذا هو المكان الذي يدخل منه برنامج هولاند.
توجد الآن إشارة ضئيلة إلى أنه يجري الاستعداد لاتخاذ هذا النوع من التغير الجذري في القطاع العام ودولة الرخاء التي يدافع عنها بافيريه والكثيرون غيره. و حيث يقدم بافيريه الحجج على الحاجة لكسر 'الحماية المفرطة' للعاملين في القطاع العام، يعد هولاند بالحفاظ على المستوى العام للبطالة في الدولة؛ وحيث يدعو بافيريه لعمل ثلاثة أرباع من المدخرات في حالة العجز عن طريق تخفيض الإنفاق العام؛ ويخطط الرئيس لحالات خفض ستمثل فقط ثلث المدخرات العام القادم.
وبالنسبة لبافيريه، دون تعديل جوهري كبير أكثر لتنشيط الاقتصاد، 'سيكون التراجع الفرنسي عند حد الانهيار'. وإذا كان على صواب، لن تستمر الرحلة السهلة التي تمتع بها هولاند حتى الآن من أسواق الدين لوقت أطول بكثير.
تعليقات