رداً على الفيلم المسيء للرسول

محليات وبرلمان

كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت تصدر بياناً

1757 مشاهدات 0

أ.د. مبارك سيف الهاجري

أصدرت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت بياناً جاء رداً على الفيلم المسيء للرسول ، فيما يلي نصه :

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى من اتبع هداه إلى يوم الدين .. وبعد: فالحمد لله الذي أكرمنا ومَنَّ علينا بخير رسله أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى : *** لَقَدْ مَنَّ اللَّه عَلَى الْمؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسولًا مِنْ أَنْفسِهِمْ يَتْلو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيزَكِّيهِمْ وَيعَلِّمهم الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانوا مِنْ قَبْل لَفِي ضَلَالٍ مبِينٍ ***، وجعلنا به خير أمة أخرجت للناس ، فقال سبحانه : *** كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ *** ، وتفضل بأن أنزل إلينا أفضل كتبه الذي هو القرآن والفرقان قال جل وعلا: *** إِنَّ هَذَا الْقرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَم وَيبَشِّر الْمؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهمْ أَجْرًا كَبِيرًا***، وقال تبارك وتعالى (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا).

ولقد عاشت الأمة الإسلامية ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم معاني الرحمة كما قال تعالى : ***وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ*** ؛ لتتحقق بها الرحمة الكاملة التي تصلح معاشهم في الدنيا وتسعد بالهم يوم المعاد ، قال سبحانه : ***لَقَدْ جَاءَكمْ رَسولٌ مِنْ أَنْفسِكمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكمْ بِالْمؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَحِيمٌ***.

 ولقد اقتضت سنة الله في كونه أن يظل التدافع بين الحق والباطل ، ومن ذلك تلك الحملات التي يشنها أعداء الإسلام في كل زمان ، الكارهون لما جاء به من الحق المبين لخبث طويتهم وفساد فطرتهم قال تعالى : *** وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكلِّ نَبِيٍّ عَدوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يوحِي بَعْضهمْ إِلَى بَعْضٍ زخْرفَ الْقَوْلِ غرورًا وَلَوْ شَاءَ رَبّكَ مَا فَعَلوه فَذَرْهمْ وَمَا يَفْتَرونَ * وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَة الَّذِينَ لَا يؤْمِنونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْه وَلِيَقْتَرِفوا مَا همْ مقْتَرِفونَ*** ، فكان من هؤلاء الشياطين شياطين الإنس والجن وعبر التاريخ حيل وأساليب وأقوال وأفعال مكراً وكيداً يحاولون محالاً في النيل من عبد الله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وقد كفاه الله عز وجل مكرهم ورد كيدهم في نحورهم.

ولقد وصلت الأخبار - في هذه الأيام - عن محاولة نشر فيلم يسيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد تابعت كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت ردود الأفعال الإسلامية والدولية على تلك المحاولة المشينة التي لا يتفق معها عقل أو دين أو خلق .

وقد ساء كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت ما تواترت به الأنباء عن أخبار هؤلاء البائسين المجرمين فيما اقترفوه في حق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، كما اطلعت الكلية على محاولات المخلصين من المسلمين للذب عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وبناءً على ذلك تود الكلية أن تؤكد على ما يلي:

 1 – أن هذه ليست المرة الأولى التي يتطاول فيها أعداء الله على حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فلقد تطاول المشركون عليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما حكاها لنا القرآن الكريم في أكثر من موضع متهمين إياه بالكذب تارة وبالسحر تارة أخرى ، وغير ذلك مما برأه الله تعالى منه ، وثبته صلى الله عليه وسلم على خصال البر والأخلاق الحميدة ، ونحن على يقين بأن هذه المرة لن تكون الأخيرة .

 2 – أن هذه الإساءات لا يمكن أن تضر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا الدين الإسلامي ، فقد رفع الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم ذكره وجعل الذل والصغار على من خالف أمره ، وفتح له الفتح المبين ، وعصمه من الناس أجمعين ، وكفاه المستهزئين ، وأعطاه الكوثر ، وجعل شانئه هو الأبتر قال سبحانه: ***أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ***، وقال تعالى : *** إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّه مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيتِمَّ نِعْمَتَه عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مسْتَقِيمًا * وَيَنْصرَكَ اللَّه نَصْرًا عَزِيزًا***، وقال جل اسمه : *** وَاللَّه يَعْصِمكَ مِنَ النَّاسِ***، وقال عز وجل : *** أَلَيْسَ اللَّه بِكَافٍ عَبْدَه ***، وقال تعالى: ***إِنَّا كَفَيْنَكَ الْمسْتَهْزئينَ*** ، وقال سبحانه: ***إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هوَ الْأَبْتَر*** . 3 - قد ثبت عبر التاريخ أنه ما من مرة يحاول فيها أعداء الإسلام النيل من دين الإسلام أو من نبيه عليه الصلاة والسلام ، إلا ازداد نشر فضل الإسلام ، ورفع قدر النبي صلى الله عليه وسلم.

 4 – إن المسلمين جميعاً مأمورون ومطالبون بأن يكونوا في كل ما يأتون ويذرون متبعين لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته وامتثالاً لقوله تعالى: *** لَقَدْ كَانَ لَكمْ فِي رَسولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا***، وعلى هذا يجب أن يكون استنكار المسلمين لهذه المحاولات الإجرامية وفق ما شرعه الله عز وجل في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلا يجرهم الغضب إلى أن يتجاوزوا المشروع إلى الممنوع .

 5 – إن المسلمين جميعا مطالبون بعدم الوقوع في شرك هؤلاء المجرمين ، فيحققوا بعض أهداف هذا الفيلم المسيء من حيث لا يشعرون.

 6 - يحرم على المسلمين أن يأخذوا البريء بجريرة المجرم الآثم ، ويعتدوا على معصوم الدم والمال ، أو يتعرضوا للمنشآت العامة بالحرق والهدم ، فإن هذه الأفعال هي أيضاً تشوه وتسيء إلى الدين الإسلامي ، ولا يرضاها الله عز وجل ، وليست من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في شيء وقد عاب الله عز وجل على الذين يخربون بيوتهم بأيديهم وأمرنا بالاعتبار بحالهم.

 7 – لابد من أخذ العبرة والاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم وهو الذي نفديه بأنفسنا وأهلينا وأموالنا كان لا يزيده استهزاء المستهزئين إلا إصراراً على أخلاقه الفاضلة وسجاياه الكريمة عملاً بقوله سبحانه: ***وَلَقَدْ نَعْلَم أَنَّكَ يَضِيق صَدْركَ بِمَا يَقولونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِين*** ، وقد وصفه ربه بقوله: ***وَإِنَّكَ لَعَلى خلقٍ عَظِيمٍ***.

8 – يجب أن يعلم المسلمون أن أبلغ رد على هذه الإساءات أن يمضوا قدماً وبإصرار وعزيمة في بناء وتنمية أوطانهم حتى يكونوا على مستوى المسؤولية والأمانة لخير أمة أخرجت للناس.

9 – يجب على دول العالم والمنظمات الدولية العمل – بجميع الوسائل السلمية المتاحة – على تجريم الإساءة لله جل وعلا ، ولأنبيائه ورسله ، ومحاسبة من يخالف ذلك . هذا .. ونسأل الله تعالى أن يوفق المسلمين جميعاً إلى تمام التمسك بدينهم والتزام سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم وإحيائها في شؤون دنياهم كلها ، فهذا هو الضمان للوقوف في وجه أعداء هذا الدين والاعتماد على الله رب العالمين الذي أرسل لنا محمداً صلى الله عليه وسلم هادياً ومبشراً وللعالمين نذيراً ، والحمد لله رب العالمين .

الآن - محرر المحليات

تعليقات

اكتب تعليقك