'متوقعة ومكشوفة الأهداف'.. الديين واصفاً حملة تشويه 'جبهة حماية الدستور'

زاوية الكتاب

كتب 788 مشاهدات 0


عالم اليوم

إساءة الفهم وسوء الظن!

أحمد الديين

 

لن أتوقف أمام حملة التشويه التي شنتها الأبواق السلطوية ضد “الجبهة الوطنية لحماية الدستور وتحقيق الإصلاحات السياسية”، فهذه حملة متوقعة ومكشوفة الأهداف... وإنما يعنيني هنا أن أناقش بعض جوانب من سوء الفهم والانتقادات المبنية على الظنون والأحكام المسبقة التي وردت في تصريحات إعلامية وكتابات صحافية صادرة عن شخصيات وأطراف سياسية ونيابية اعتذرت عن عدم المشاركة في الجبهة.
فهناك أولا سوء الفهم الناجم عن الخلط بين “الجبهة” وما اصطلح على تسميته “كتلة الغالبية” في مجلس 2012، أو تجمّع “نهج” حيث جرى تصوير “الجبهة” وكأنها جهاز تابع لهذه “الكتلة” أو أنّها أحد تشكيلات “نهج”، بينما الأمر في حقيقته ليس كذلك على الإطلاق، إذ أنّ الدعوة لتأسيس جبهة تتصدى لمخطط السلطة وتتوافق حول عناوين للإصلاحات السياسية المستحقة صدرت عن أطراف مختلفة، بينها بالطبع “كتلة الغالبية” في بيانها الصادر بتاريخ 11 أغسطس الماضي، ولكنها لم تكن الطرف الوحيد الذي دعا إلى ذلك، بل أنها ليست الطرف الأول الذي بادر إلى إطلاق مثل هذه الدعوة، حيث سبقها في هذه الدعوة على سبيل المثال بيان “التيار التقدمي الكويتي”، الذي أتشرّف بالانتماء إليه، الصادر بتاريخ 9 أغسطس الماضي، وهناك مشروع متداول في الأوساط السياسية لتأسيس جبهة وطنية سبق أن قدّمته “الحركة الديمقراطية المدنية – حدم” في 15 أغسطس الماضي، كما أنّ الأطراف المشاركة في تأسيس “الجبهة” أوسع من أن يتم حصرها في “كتلة الغالبية” أو “نهج”، وربما كان هناك كثير من المشاركين الذين انتقدوا علنا ممارسات هذه “الكتلة” عندما كان مجلس 2012 منعقدا قبل إبطال المحكمة الدستورية انتخاباته، بالإضافة إلى أنّ بعض نواب هذه الكتلة، وتحديدا “التجمع السلفي” أعلنوا بوضوح عدم مشاركتهم في تأسيس “الجبهة”، ناهيك عن أنّ النواب المشاركين في الاجتماع التأسيسي للجبهة، وعددهم ستة من بين نحو ثمانين مشاركاً في الاجتماع، بل أنهم لم يحضروا بصفتهم يمثلون “كتلة الغالبية”، وإنما حضروا بشخوصهم الكريمة لكونهم ينتمون إلى الكتل النيابية أو الأطراف السياسية والمؤسسات الاجتماعية التي دعيت شأنها شأن غيرها من الأطراف، فالنائب الدكتور فيصل المسلم إنما حضر لكونه يمثّل “كتلة التنمية والإصلاح”، فيما كان الأستاذ محمد الدلال يمثّل “الحركة الدستورية الإسلامية”، والأخ مسلم البراك يمثّل “كتلة العمل الشعبي”، فيما حضر الدكتور عادل الدمخي عن “الجمعية الكويتية للمقومات الأساسية لحقوق الإنسان”، ولم يكن هناك ممثّل عن “كتلة الغالبية” بالمعنى الدقيق للكلمة، ناهيك عن “نهج”... وبالتالي فإنّ الخلط بين “الجبهة” و”الكتلة” و”نهج” إنما هو خلط خاطئ إن لم يكن متعسفا!
أما الانتقاد الآخر، الذي تكرر، فهو اتهام بعض مؤسسي الجبهة بأنهم إقصائيون وطائفيون، مع تجاهل حقيقة أنّ الأعمال التحضيرية لتأسيس الجبهة استهدفت مشاركة أطراف عديدة بغض النظر عن توجهاتها أو انتماءاتها، والمؤسف أكثر أن يتكرر توجيه مثل هذا الاتهام بالإقصائية والطائفية في الوقت الذي يجري فيه التجاهل التام لما أورده “إعلان مبادئ الجبهة” من دعوة واضحة وصريحة لتأكيد المواطنة الدستورية وللتصدي لكل صور الإخلال بالوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي!
ثم هناك أخيرا الاعتراض غير المبرر على مشاركة بعض الأطراف أو الأشخاص في الجبهة، الذي يتجاهل طبيعة هذا النوع من الأعمال السياسية المشتركة وما تفرضه من مشاركة أطراف مختلفة فيها، وذلك بغض النظر عن موقف هذا الطرف أو ذاك الشخص تجاه الطرف أو الشخص الآخر... فعلى سبيل المثال سبق أن شارك في كتلة نواب مجلس 1985 الداعية إلى عودة العمل بالدستور والحياة النيابية الدكتور أحمد الخطيب والمرحوم جاسم القطامي مثلما كان يشاركهما في عضوية الكتلة ذاتها النائبان السابقان مبارك الدويلة من “الإخوان” قبل تأسيس “حدس” وجاسم العون من “السلف”، بالإضافة إلى مشاركة المرحوم جاسر الجاسر في بعض اجتماعات تلك الكتلة والتوقيع على عدد من بياناتها، ولم يكن هناك ضير في ذلك... كما سبق أيضا في حركة “نبيها خمس” في العام 2006 أن صفق الحضور في “ساحة الإرادة” مبتهجين لخالد العدوة على سبيل المثال عندما ألقى خطبته العصماء التي أعلن فيها التزامه بالدوائر الخمس وتأييده استجواب رئيس مجلس الوزراء، ولم يثر أحد حينذاك تحفّظا عليه، وكان هذا مفهوما ومبررا... وكذلك الحال في اجتماعات “كتلة الكتل” في مجلس 2009 قبل حلّه، التي شارك فيها نواب من كتل نيابية مختلفة لا يجمعها في العادة جامع لولا الخطر الداهم على النظام الدستوري المتمثّل حينذاك في إهدار مبدأ الحصانة البرلمانية الموضوعية في قضية الدكتور فيصل المسلم... فهذه هي طبيعة هذا النوع من الأعمال السياسية التي تشارك فيها أطراف مختلفة، قد يكون بينها ما بينها من خلافات وتعارضات وصراعات، ولكنها يمكن أن تتفق في ظرف معين على موقف محدد وعلى عمل مشترك يجمعها... فلماذا كان يُقبل ذلك ولا يتم الاعتراض أوالتحفّظ عليه، بينما تبرز هذه الاعتراضات والتحفظات الآن في شأن “الجبهة” فقط؟!
أيًّا كان الأمر، فإنّ الواقع السياسي واقع متحرك متغيّر، وربما في القريب العاجل سنجد البعض يعدل عن تحفظاته ويتناسى اتهاماته عندما تتضح له بالملموس حقيقة مخطط السلطة وخطورة ما تسعى إليه.

عالم اليوم

تعليقات

اكتب تعليقك