'ظاهرة سلبية'.. المقاطع واصفاً مقترح الدائرة الواحدة

القبس

الديوانية  /  الدائرة الواحدة ليست خياراً

أ.د محمد عبد المحسن المقاطع

 

تكرر بعض الأطراف الناشطة والمجاميع السياسية رغبتها في الأخذ بالدائرة الواحدة، وقد اعتقد بعضهم بأن هذا الاقتراح يقدم حلا سحريا لإصلاح الوضع الانتخابي للدوائر الذي تشوبه عوارض دستورية وأمراض سياسية فتتت البلد، وأدت إلى تآكله داخليا واعتلاله دستوريا. والحقيقة هي أن مقترح الدائرة الواحدة، وللأسف، لا يحقق ذلك إطلاقا.

في عدد من الدواوين واللقاءات تحاورت مع بعض المطالبين أو المتحمسين أو المندفعين لمقترح الدائرة الواحدة، ومعظم من التقيتهم لا يعرف عن هذا المقترح سوى عنوانه «دائرة واحدة»، ولا دراية لديهم بكثير من جوانب وتفاصيل هذا المقترح، وبعد نقاشي معهم تخف حماستهم وتتغير قناعاتهم بأن المآخذ الدستورية والأمراض السياسية والاجتماعية مازالت متلازمة مع هذا المقترح بصورة مماثلة، لوضعها في ظل الدوائر الحالية.

ففكرة المواطنة الدستورية ووحدة الوطن ومواطنيه، التي هي مبادئ دستورية، كما كرسها الدستور وأكد عليها في ديباجته والمواد 7 و9 و43 و108، وفي مذكرته التفسيرية ينبغي أن يكون القانون ملتزما بها وغاياته تحقيقها، أما إن كان القانون، كما في اقتراح الدائرة الواحدة، مؤداه ونتيجته إذكاء العصبيات وتعزيز الفئوية وزيادة مظاهرها بتسهيل مثل هذا الاصطفاف، فإنه من دون شك سيكون قانونا مخالفا للدستور من هذه الناحية، وماساً بمبدأ التمثيل الصحيح للأمة، ولن نخرج من هذه الإشكالية القابلة للطعن.

بل إن مقترح الدائرة الواحدة سيبقي الظواهر السلبية السابقة التي شابت العملية الانتخابية، ومن ثم نالت من الممارسة الديموقراطية مثل الانتخابات الفرعية التي ستجد بيئة مناسبة لاستمرارها في هذا النظام، شراء الأصوات واستخدام المال السياسي فيها، انخفاض العدد اللازم للنجاح لعدد ضئيل قد يصل لحدود الألف صوت، وهذه جميعا سلبيات يجب ألا يغفلها الجميع عند طرح الدائرة الانتخابية الواحدة خيارا من خيارات اصلاح النظام الانتخابي.

وفي ضوء ما سبق اتمنى أن أجد اجابات وافية وشافية لجدوى الاخذ بنظام الدائرة الانتخابية الواحدة تخلو من تلك العيوب والمثالب الدستورية من جهة، والاجتماعية والسياسية من جهة أخرى، وإلا فإن رأيي هو أن الدائرة الانتخابية الواحدة ليست خيارا مناسبا.

اللهم اني بلغت.