الأجندات الخارجية هي التي تقود الساحة الداخلية.. بنظر الصالح

زاوية الكتاب

كتب 605 مشاهدات 0


الكويتية

الأغلبية الإقليمية المعتدلة.. صهيوأميريكا

د. ياسر الصالح

 

كان تشخيصنا للساحة السياسية المحلية قبل سنة هو أن الأجندات الداخلية اختلطت فيها بالأجندات الإقليمية، وأن اللاعبين المحليين يتعاونون ويتفاعلون مع بعض القوى في الإقليم فيما يخدم مصالح الطرفين.
أما اليوم فنرى بأن واقع الساحة قد تغير، وأصبحت الأجندات الخارجية هي التي تقود الساحة الداخلية، وأن الغالبية العظمى في «الأغلبية» المحلية ما هم إلا أدوات في هذه الأجندات، وأن قوتهم وإمكاناتهم معتمدة على الخارج الإقليمي بالدرجة الأولى والدولي ثانياً، بل إن في الأغلبية من هو مرتهن بدرجة كاملة للأجندة الخارجية، وهذا يثير الشبهة العارمة على توجه الأغلبية برمتها.
هذا الكلام بالطبع لن يعجب الكثيرين ممن هم في «الأغلبية»، وخصوصاً الأتباع السذج والمضللين، ولكن الوقائع لا يمكن إنكارها، فما قاله ذلك النائب المؤسس في التكتل عن علم البلاد رمز الدولة، وكيف نعته بأنه «خرجه»، بحيث سلب عنه الرمزية ذات القيمة الوطنية العالية، ولكنه تعامل مع علم «الجيش الحر» السوري برمزية كبيرة، ووصفه بأنه رمز لقيم عالية.. فالرجل -وهو الرمز في التكتل- يقول إنه لا يعترف بقيمة لرمز الدولة، وهو نفس الكلام الذي يمكن أن يقوله مواطنو الدول الأخرى عن علم غير علم بلدانهم، فهذه القيمة تكون حيث يكون الانتماء والولاء، ولذلك فقد كشف تعظيم هذا النائب لعلم «الجيش الحر» السوري، وهو صنيعة بعض الدول الإقليمية والغربية بأن انتماءه هناك، ويجب ألا يكون ذلك مفاجئا لأحد، وهو في أوقات سابقة أعلن تصريحا افتتانه بنفس هذه الدول ودعانا للالتحاق الواقعي بها.
الإسهاب بتشخيص واقع هذا النائب هدفنا منه تبيان بأن قبول «الأغلبية» التي ينتمي إليها وهو أحد رموزها ودائما تحتفي به وبنشاطاته الإقليمية إنما يدل على أن هذا التكتل منخرط في هذه الأجندة الإقليمية، وما يقوله هذا النائب ويفعله ينسحب على المجموعة ككل.
من الأمور الواضحة في هذه الأجندة الإقليمية «المعتدلة» والمرتبطة بالأجندة الصهيوأميركية هو ما ذكره الأستاذ محمد حسنين هيكل، وهو من كان مقربا منها حيث بين مخططاتها التي يقع على رأسها إثارة الفتنة الطائفية أولا، والعمل على إشعالها في المنطقة، وثانيا حرف النظر عن أن تكون إسرائيل هي العدو، ليكون العدو هو المذهب الآخر والطائفة الأخرى وأتباعها في أي دولة كانوا ووجدوا، وعند متابعة تصريحات هؤلاء النواب في الأغلبية نجد بشكل واضح أنهم يعملون على هذين الخطين، فمن جهة هم يحرضون المجتمع طائفياً بعضه على بعض، ومن جهة أخرى يقومون مع ناشطين آخرين في نفس توجهاتهم من خطباء وفضائيات تابعة لهم وللدول صاحبة الأجندة الإقليمية ليعلنوا بأن أتباع المذهب الآخر أكبر خطراً من إسرائيل أو اليهود.
لو كان هؤلاء النواب لا يمثلون عموم «الأغلبية» ولا يمثلون مسلم البراك وأحمد السعدون وحدس وغيرهم لقام هؤلاء بانتقاد تصريحاتهم ونشاطاتهم، ولابتعدوا عنهم كما فعلوا مع غيرهم في حادثة التأبين، ولكن يبدو أنهم يتماشون ويتماهون مع هذه الأجندة.
من الواضح أن الأوضاع عندنا تسير على نفس الخط التقسيمي في الواقع اللبناني، وأن هناك في الأغلبية من يحث السير لتصل الأمور لنفس المرحلة التي وصلها الوضع التقسيمي والفئوي والمرتهن للخارج في لبنان، وهم يرون أنه لا يمكنهم النجاح في ذلك إلا بعد أن يسيطروا على الحكم هنا، وعلى مقاليد وإمكانات الدولة ومصيرها ومسيرها، ومن هنا جاء تصريح «آخر ذرية مبارك في رئاسة الوزراء»، وكلمته بأننا «قررنا» التي أعلنها في ساحة الإرادة.. التي تبدو وكأنها خارج السياق المنطقي إلا إذا وضعناها في سياقها الصحيح، وهو أنه كان يتحدث باسم الأجندة التي يمثلها في الحقيقة ومن ورائها.
لقد فضحتم أنفسكم أمام الشعب والإقليم فأنتم «الأغلبية الإقليمية الخارجية المعتدلة صهيوأميركياً».

الكويتية

تعليقات

اكتب تعليقك