عن الردة الثالثة!.. يكتب الدعيج
زاوية الكتابكتب سبتمبر 8, 2012, 11:24 م 1209 مشاهدات 0
القبس
الردة الثالثة
عبد اللطيف الدعيج
إذا جاز لي التأريخ للواقع العربي والدولي منذ النصف الثاني للقرن العشرين وحتى الوقت الحالي، فإن الواضح بالنسبة لي أن المنطقة العربية قد مرت بثلاث «صحوات» دينية: الأولى ردا على الانهزام العربي في حرب سنة 1967، والثانية سعيا إلى تحرير البلد الإسلامي أفغانستان من الاحتلال «الشيوعي» السوفيتي في ذلك الوقت. والثالثة والأخيرة، هذه الأيام وهي السعي لـ«تحرير» سوريا من الحكم العلوي. أي ان الصحوة أو بالأحرى «الردة» الدينية الأولى كانت قومية عربية الاتجاه، رغم اتجاهها وجذورها الدينية، لكن الثانية إسلامية صرفة، ومواجهة بين الاتحاد السوفيتي الملحد والعالم الإسلامي الذي اتحد ــ بقيادة أو ربما بمجرد دعم الولايات المتحدة ــ اتحد ضده، الردة الثالثة طائفية بحتة، وهي انتفاضة سُنية ضد الحكم العلوي الذي تسيّد سوريا السنّية منذ انقلاب صلاح جديد في السبعينات وحتى الآن. اللافت للنظر أن الدعم «العنيف» الذي يلقاه ما يسمى بالجيش السوري الحر، يأتي من مناطق دول الخليج وبشكل ملحوظ من قبل «أبناء القبائل» العربية التي دخلت كمؤسسات سياسية واجتماعية لدعم «الثورة السورية».
طبعا الولايات المتحدة لا تزال - وبشكل مريب - تقود «التحالف» السني - القبلي ضد النظام السوري، وإن لم تُظهر ذلك بشكل علني كاف. لكن من الممكن الجزم بان كثيرا من الدول العربية والاسلامية «تركيا بالذات» ماكان من الممكن ان تكون لها هذه المواقف الداعمة لما يسمى بالجيش الحر لو لم تلق التشجيع وربما التوجيه الأميركي. لا أغفل الضغط، وحتى الترهيب الذي تعرّضت له بعض الدول من الداخل، لكن تبقى الإيماءة الاميركية في نظري هي ما وراء هذا الدعم.
لا أعتقد أن الأميركان يقدمون كل هذا الدعم وكل هذه التضحيات السياسية من أجل «عيون أطفال سوريا». فأمن اسرائيل في خطر هنا، والولايات المتحدة سبق لها أن مرّت بتجربة أفغانستان وطالبان مما يجعلها نظريا أكثر تشددا وقلقا إزاء قيام نظام «وهّابي» في الشام. لكن مع هذا يبقى الواضح أن هناك سعيا «دوليا»حثيثا للإطاحة بنظام الاسد، ورغم أن البريطانيين قد أظهروا بعض التراجع أو الإنصاف لنظام الأسد، حيث توالت مؤخرا في «الإندبندنت» و«الأوبزرفر» التقارير التي تشير إلى مسؤولية «الجيش الحر» عن كثير من الجرائم والمجازر التي نُسبت إلى قوات النظام.. إلا أن الإعلام الاميركي لا يزال يحمل لواء الإطاحة بالنظام السوري.. وهذا ما يدعو الى تفكير عميق.
تعليقات