نظام الدوائر الخمس بين التفاؤل والتخوف

محليات وبرلمان

977 مشاهدات 0


  تسود الشارع الكويتي حالة من الانتظار والترقب لما ستتمخض عنه نتائج انتخابات مجلس الأمة القادم في ظل الدوائر الانتخابية الخمس حيث يتفاءل البعض في حين يتخوف البعض الآخر.
فالبعض يتفاءل بتجاوز سلبيات نظام الدوائر السابق أملا في دفع مسيرة الديمقراطية نحو الأفضل وذلك باختيار المرشح الأصلح الى قبة البرلمان في حين يتخوف البعض الآخر من بروز مشكلات جديدة تعكر صفو الحياة النيابية في البلاد.
فقد لعب قانون الدوائر الانتخابية دورا أساسيا في مخرجات الحياة السياسية منذ انطلاق الحياة البرلمانية في البلاد عام 1962 حيث كان النظام المعتمد هو الدوائر العشر ما يعطي الناخب الحق في التصويت لخمسة مرشحين وهو الأمر الذي أدى الى تأسيس نواة لقوائم سياسية وتكوينات أولية في العملية السياسية.
واستمر العمل بهذا النظام حتى عام 1981 عندما أجريت انتخابات مجلس الأمة بعد تغييب طويل للحياة البرلمانية وفق نظام انتخابي آخر حيث عمدت السلطة الى اجراء تعديل الدوائر في الكويت ليصبح عددها 25 دائرة انتخابية ما أنتج مجموعة كبيرة من السلبيات على حد قول المهتمين بالشأن السياسي أهمها ظهور نواب الخدمات وانتشار ظاهرة شراء الأصوات والانتخابات الفرعية.
وتعد انتخابات مجلس أمة 2008 أول تجربة برلمانية تجرى ضمن التعديل الجديد (نظام الخمس دوائر) الذي أقر بعد مطالبات مكثفة بضرورة اعادة النظر بنظام ال25 دائرة في محاولة جادة لتفادي السلبيات التي أضرت بالدرجة الأولى بنزاهة وفاعلية مخرجات العملية الديمقراطية في البلاد.
ولتقييم الوضع السابق والتعرف على ايجابيات وسلبيات النظام الانتخابي الجديد قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله الغانم في لقاء خاص مع وكالة الأنباء الكويتية (كونا) ان نظام الخمس دوائر سيؤثر في طبيعة التكتيكات الانتخابية ونوعية المرشحين الساعين للوصول الى قبة البرلمان حيث سينتج عن هذه التجربة بروز ممارسات ايجابية وأخرى سلبية تحدد مدى أفضلية النظام الجديد عن سابقه

 وحدد الدكتور الغانم أهم الايجابيات بتقلص ظاهرة شراء الأصوات التي كثيرا ما ترافقت مع العمليات الانتخابية السابقة بسبب اتساع دائرة الناخبين من معدل آلاف الأصوات الى معدل عشرات الآلاف وهو الأمر الذي يجعل المرشح المتبع لهذه الطريقة يواجه عدة معضلات أهمها الحاجة الى ميزانية مالية ضخمة تفوق عادة قدراته المالية الى جانب صعوبة الزام الناخبين أو تحديد من لم يلتزم بالتصويت له لكثرة الناخبين في الدائرة الانتخابية الواحدة.
   وأكد الدكتور الغانم أن نظام الخمس دوائر سيمثل تحديا كبيرا يواجه المرشح من حيث ضرورة توسيع الخطاب الاعلامي ليكون أكثر شمولية ويغطي مناطق جديدة لم تكن ضمن اهتماماته سابقا.
   وحول الانتخابات الفرعية أوضح الدكتور الغانم أن هذا النظام سيلعب دورا في خلط أوراق هذا الأسلوب لأن اتساع الدائرة سيفقد بعض القبائل سيطرتها التقليدية على صناديق التصويت التابعة لدوائرهم وفق النظام القديم.
   من جانب آخر بين أن نظام الدوائر الخمس قد ينطوي على بعض السلبيات أهمها بروز التحالفات القبلية بصورة أكبر من السابق لادراك القبيلة الواحدة مدى صعوبة ايصال مرشحيها للبرلمان دون ترتيبات مسبقة مع قبائل أخرى علاوة على أن الساحة السياسية ستشهد حركة مكثفة في نقل الأصوات بين الدوائر الخمس بصورة أكبر من السابق وذلك على ضوء نتائج الانتخابات القادمة ما قد يسهم في تعميق ظاهرة التجمعات الطائفية والقبلية.
   وأكد الدكتور عبد الله الغانم أنه في ظل النظام الجديد ستسعى بعض التيارات السياسية لتحديد مرشحيها على أساس مدى قوتهم شعبيا أو قبليا أو طائفيا بغض النظر عن كفاءتهم.
   وردا على سؤال عن مدى أفضلية نظام الدائرة الانتخابية الواحدة أوضح قائلا 'على الرغم من سلبيات نظام الخمس دوائر فانها تظل أفضل من فكرة الدائرة الواحدة لسبب جوهري يتمثل في انخفاض الوعي السياسي للناخبين سواء الذكور أو الاناث الذي سيفرز انتخابات قائمة على أسس مذهبية وقبلية وطائفية وتنتفي بذلك المصلحة العامة'.

 من جانبها أكدت المحامية والناشطة السياسية نجلاء النقي ل(كونا) أن نظام الخمس دوائر هو حل 'ترقيعي' لواقع الانتخابات في الكويت يقضي على بعض مشاكل النظام القديم غير أن النظام الأفضل على حد تعبيرها هو 'الدائرة الانتخابية الواحدة' التي ستتجاوز جميع السلبيات من مخرجات العملية الديمقراطية.
   وأكدت أن نظام الدائرة الواحدة ستلغي الحدود الجغرافية أمام الناخب ما يتيح له الفرصة في انتخاب المرشح الذي يرى فيه الصلاح والكفاءة دون التقيد بأسماء معينة علاوة على قطع السبل أمام من تسول له نفسه العبث بالمال السياسي أو شراء الذمم.
   وحول وضع المرأة في هذه الانتخابات أشارت النقي الى أن التحديات التي ستواجه المرشحات هذه السنة هي نفس العقبات التي عانت منها عام 2006 (أول تجربة للمرأة في خوض الانتخابات) بسبب حداثة تجربتها السياسية.
   وأوضحت أن التجربة النسائية مازالت محاربة من قبل المجتمع الذكوري مشددة أنه بدون تطبيق نظام الكوتا (تخصيص مقاعد معينة للنساء في البرلمان) لن تدخل المرأة مجلس الأمة بل ستنتظر سنوات طويلة كما انتظرت 44 عاما حتى أعطيت حقها في الترشيح والانتخاب.
   وردا على سؤال عن امكانية فوز شخصيات جديدة في هذه الانتخابات قالت النقي 'كلنا أمل في أن تدخل دماء جديدة للبرلمان تتميز بالكفاءة والخبرة والفكر المستنير' معربة عن أملها في أن تغلب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية وأن يكون الهدف الأساسي من دخول البرلمان سواء للمرأة أو الرجل هو مصلحة الكويت أولا وأخيرا.
   ولا يسع الجميع الا أن ينظر ليوم 17 مايو (يوم الانتخابات) بمزيد من التفاؤل في جودة مخرجات العملية الديمقراطية التي يتسابق فيها الكويتيون رجالا ونساء لدعم الحياة النيابية لتصبح البلاد محط اعجاب نظرائها في العالم
 

الآن- كونا

تعليقات

اكتب تعليقك