تمتلك ميزة قوة الهياكل التشريعية

الاقتصاد الآن

'بيتك للأبحاث': التمويل الإسلامي في جنوب إفريقيا .. فرص واعدة وتحديات عديدة

847 مشاهدات 0

جنوب أفريقيا تستقطب التمويل الإسلامي

ـ بنك إسلامي شامل وأربع نوافذ لبنوك تقليدية

ـ 11 شركة لإدارة الأصول تقدم أنظمة استثمارية متوافقة مع الشريعة

ـ تعديلات الإطار الضريبي ستوفر مناخا مواتيا لتوسعة قطاع التمويل الإسلامي

 ـ جنوب إفريقيا تستعد لإدخال الصكوك الإسلامية لتنويع قاعدة التمويل

 أعدت شركة بيتك للأبحاث المحدودة، التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي'بيتك'، تقريرا حول التمويل الإسلامي في جنوب إفريقيا، مشيرة إلى أن ثمة تطورات كبيرة حدثت في السنوات الأخيرة في جنوب أفريقيا تدفع في اتجاه جعلها واحدة من أهم الدول الأفريقية في قطاع التمويل الإسلامي . وذكر التقرير أنه في الوقت الذي تمتلك فيه جنوب إفريقيا فرصا واعدة للتوسع في التمويل الإسلامي في إفريقيا كونها الدولة الأكثر تقدما في القارة من حيث الهياكل التشريعية والحوكمة ، الا أن تحديات عدة لازالت تجابه انتشار التمويل الإسلامي بما يتلاءم مع قدرات هذه الدولة ، أبرزها عدم وجود تشريع يختص بإدارة شؤون المصارف الإسلامية .. وفيما يلي التفاصيل :

شهد التمويل الإسلامي نمواً متزايداً في شمال أفريقيا، وخاصة في مصر وليبيا وتونس، مع بدء العديد من المؤسسات المالية الشرق أوسطية الاستثمار في المنطقة. كما أن هناك تطورات كبيرة حدثت في جنوب القارة. وعلى الرغم من قلة عدد السكان المسلمين في جنوب أفريقيا، إلا أن الحكومة الجنوب افريقية كانت واحدة من المتسابقين أمام جعلها مركزا للتمويل الإسلامي في أفريقيا. وتعد جنوب أفريقيا بمثابة الدولة الأفريقية الأكثر تقدما من حيث قوة الهياكل التشريعية وهياكل الحوكمة وكذلك اللوائح، وهو ما يمنحها ميزة في تطبيق الأنظمة المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

في عام 2008، شكلت وزارة الخزانة الوطنية في جنوب أفريقيا مجموعات عمل مكونة من ممثلين عن البنوك وشركات التأمين والمحاسبة والاستثمار لدراسة المتطلبات والآثار المترتبة على التزام الحكومة بخلق نهج أكثر إنصافاً للتمويل الإسلامي في البلاد. وقد تم تتويج هذا من خلال التزام صريح من وزير المالية في خطابه الخاص بميزانية عام 2010 تعهد من خلاله على تبسيط النظام الضريبي وتطبيق تدابير أخرى للحد من الروتين وتعزيز جاذبية جنوب افريقيا لتكون بمثابة موقع حيوي تمتد من خلالها الأعمال إلى إفريقيا والعالم بأسره. وصدرت التعديلات الضريبية المقترحة في مايو 2010.

ومن المتوقع أن تخلق تعديلات الإطار الضريبي مناخ مستو وممهد لهذا القطاع في جنوب أفريقيا، وستساعد أيضاً على بناء سوق حيوي ومتنام للتمويل الإسلامي. وعلى صعيد قطاع المصارف الإسلامية، تم تأسيس بنك البركة كأول بنك إسلامي متكامل في جنوب إفريقيا في عام 1989 ، وقامت البنوك التقليدية الرئيسية مثل البنك الوطني الأول (FNB) وهو جزء من مجموعة فيرست راند، وبنك اتش بي زد وبنك ابسا بإنشاء نوافذ إسلامية جنبا إلى جنب مع الممارسات المصرفية التقليدية.

ويوجد حاليا بنك واحد يقوم بتقديم الخدمات المالية الإسلامية بشكل متكامل بالإضافة إلى أربع مؤسسات تقوم بتشغيل نوافذ اسلامية. وبعد أن أصبح البنك الوطني الأول أول بنك تقليدي يقوم بتقديم خدمات التمويل الإسلامي في عام 2004، تم استخدام هيكل الإجارة في السوق في خدمات تمويل السيارات والأصول. وبعد ذلك بعام تم إدخال منتجات المضاربة ، وكذلك تم توفير أنظمة المنتجات التجارية والعقارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وعلى صعيد إدارة الأصول، بدأت إدارة الأصول الإسلامية في البلاد في عام 1992 مع إطلاق أول صندوق إسلامي مشترك في جنوب إفريقيا، باسم صندوق فيوتشر جروث البركة إيكوتي. وتم إدارة الصندوق في بادئ الأمر من خلال مدراء استثمار من سنة 2000 إلى 2005، وبعد ذلك تمت إدارته من قبل فيوتشر جروث، والتي أصبحت منذ ذلك عضواً في مجموعة أولد ميوتشوال انفستمنت جروب (أوميجسا). يبلغ عدد شركات إدارة الأصول في جنوب افريقيا11 شركة تقدم أنظمة استثمارية متوافقة مع الشريعة الإسلامية أو أنظمة استثمارية مشتركة.

وهذا يضم ربع العدد الإجمالي لشركات إدارة الأصول المسجلة تحت مجلس الخدمات المالية للبلاد. وتدير مجموعة أواسيس لإدارة الأصول حاليا أكبر عدد من الصناديق الإسلامية في البلاد، وتشمل استثمارات محلية وأخرى خارجية. وقد بدأ تداول أسهم أول صندوق متوافق مع الشريعة في البورصة في عام 2009 من قبل نيوفوندز، وهو مشروع مشترك بين أبسا كابيتال و فوناني كابيتال. يتضمن الصندوق اكبر 40 شركة متداولة متوافقة مع الشريعة يتم اختيارها من مؤشر بورصة فاينانشيال تايمز للأوراق المالية / بورصة جوهانسبرج لاكبر 40 شركة مدرجة في الشاشة الرئيسية في بورصة جوهانسبرج. وتعرض بيوت الاستثمار في جنوب إفريقيا استثمارات متوافقة مع الشريعة الإسلامية تشمل:

• صناديق التقاعد

• المعاشات السنوية

• شركات توظيف برأسمال متغير

• إدارة الأوقاف

وفيما يتعلق بالصكوك، تنضم جنوب أفريقيا إلى مجموعة منتقاة من المناطق الجديدة التي تقوم بالإعداد لإصدار الصكوك السيادية. وقد تم إصدار الدعوة إلى البنوك في ديسمبر 2011، لتقديم العطاءات الخاصة بخدمة تقديم الاستشارات بشأن هيكلة وإصدار السندات الحكومية الإسلامية في الأسواق المحلية والعالمية. وقامت وزارة الخزانة الوطنية في البلاد بتعيين ستة بنوك لتقديم الاستشارات بشأن توقعات إصدارات الصكوك السيادية، وهي مجموعة البركة المصرفية وبنك بي إن بي باريبا وشركة بيت إدارة السيولة ونوفا كابيتال بارتنرز و ريجيمنت كابيتال وبنك ستاندرد.

وتتماشى عملية إدخال الصكوك إلى السوق الجنوب افريقي مع توجه وزارة الخزانة الوطنية نحو تنويع التمويل وقاعدة المستثمرين. ولا تعتبر جنوب أفريقيا بمثابة مقترض كبير وفقاً للمقاييس العالمية. وقد تم تحيد مبلغ 241 مليار راند (30 مليار دولار) كمتطلبات لتمويل القطاع العام والتي تمثل 8% من إجمالي الناتج المحلي للبلاد، تم الوفاء بمعظمها تقريباً بتمويلات محلية بينما 1.5 مليار دولار تقريباً من الخارج. يشكل المسلمون في جنوب أفريقيا حوالي 2٪ من سكان البلاد ولكن تدل كل المؤشرات على أنهم يساهمون بنسبة تزيد عن 10٪ من إجمالي الناتج المحلي.

وقد جلب رجال الأعمال المسلمين وشركائهم العلامات التجارية العالمية إلى جنوب أفريقيا، فضلاً عن أنهم يقومون بتنفيذ عدد من أكبر المشاريع الإنشائية ومشاريع تطوير البنية التحتية في البلاد. وتعد الخدمات المصرفية الخاصة أحد النظم الناشئة في قطاع التمويل الإسلامي في جنوب أفريقيا وذلك بعد نمو محافظ المنتجات لتشمل المزيد من حزم الخدمات المصرفية الخاصة المرموقة في صورة عروض. ويتم ربط بعض من هذه العروض ببطاقة ماستركارد وورلد وان MasterCard World One والتي تعمل كبطاقة صرف، وتتضمن مجموعة واسعة من المزايا تتماشى مع احتياجات العميل المصرفية الخاصة ونمط الحياة.

ووسعت أكبر نافذة للخدمات المصرفية الإسلامية في البلاد أيضا ممارساتها في سوق التجزئة لتشمل 'سوق الثروة' بغرض تزويد العملاء الأثرياء بمنتجات المعاملات ذات المزايا الفريدة، وعلى الرغم من أن تركيز 'الثروة' ينصب على الاستثمار وتقديم الاستشارات التي تهدف إلى إيجاد محفظة فريدة من جهة توازنها فضلاً عن كونها متوافقة مع الشريعة الإسلامية.

وسيتم بالتأكيد استخدام الخبرات المكتسبة من تطوير المنتجات المصرفية الإسلامية الخاصة ونماذج سلوك المستهلك في البلاد من قبل البنوك الجنوب افريقية حيث إنهم قاموا بتوسيع نطاق المنتجات المصرفية الإسلامية الخاصة إلى بلدان أخرى في أفريقيا تعمل فيها هذه البنوك حاليا، بما في ذلك منتجات التكافل والتي شهدت تطوراً ضئيلاً على مدى السنوات الماضية في المنطقة.

إن معدل اختراق التأمين بنسبة 12.9٪ إلى إجمالي الناتج المحلي في جنوب أفريقيا يعد أحد أعلى المعدلات في العالم. وستساعد سوق التأمين عالية التطور بالإضافة إلى زيادة التوعية بالمنتجات والخدمات التأمينية في تعريف وتسويق منتجات التكافل إلى العملاء بصورة أكثر فعالية. بعد عامين من الجهد المتواصل والعمل الشاق في مجال التنمية،أطلقت هيئة القطاع المصرفي والتعليم والتدريب (BANKSETA) بجنوب إفريقيا ، دورة تمهيدية شاملة على الخدمات المصرفية الإسلامية في يناير 2010. ويتم إتاحة هذه الدورة لجميع المصارف في جنوب أفريقيا التي تهتم بمجال الخدمات المصرفية الإسلامية وسيتم استخدامها لتدريب الموظفين الذين يشاركون في تقديم المنتجات المصرفية الإسلامية على جميع المستويات.

ومن المتوقع أن تقطع هذه المادة التدريبية شوطا طويلا نحو زيادة مستوى المعرفة والتوعية بالمنتجات والخدمات المصرفية الإسلامية، مع تحسين نوعية المعلومات التي يتم تزويد العملاء والعملاء المحتملين بها. ومع ذلك، ليس هناك في الوقت الحاضر تشريع يختص بإدارة شئون المصارف الإسلامية فقط في جنوب أفريقيا، حيث قامت السلطات بتكييف واستيعاب التمويل الإسلامي من خلال صقل الأنظمة القائمة بدلا من إنشاء إطار تنظيمي مستقل وتركت حوكمة الشريعة إلى المؤسسات المستقلة. ويمكن أن يفرض عدم وجود إطار حوكمة مركزية خاص بالشريعة تحديا لتطوير قطاع التمويل الإسلامي من حيث توحيد المعايير وتوافق الآراء حول توافق المنتجات مع الشريعة الإسلامية. وجنوب أفريقيا هي أيضا واحدة من أكبر بلدين مصدرين في أفريقيا.

وفي الوقت الذي انخفضت فيه الصادرات إلى الدول الأوروبية نتيجة لأزمة الديون السيادية، قد يواجه نمو التمويل الإسلامي صعوبات نتيجة لتباطؤ الأنشطة الاقتصادية. وتشمل التحديات الأخرى التي تحتاج إلى أن يتم التغلب عليها لتطوير قطاع التمويل الإسلامي في جنوب أفريقيا ما يلي:

• عدم وجود وعي وانتشار جغرافي بالنسبة للمنتجات والخدمات الإسلامية

• ندرة رأس المال البشري

• تقوية وتعزيز الصلة بين الأعمال المصرفية الخاصة والخدمات المصرفية للأعمال

• الحاجة إلى العمل من أجل المفاضلة بين المنتجات والابتكار

• القدرة على تقديم خدمات مصرفية إلى العملاء المسلمين الأثرياء تستند إلى احتياجات الأشخاص ونوعية العلاقات.

• القدرة على الموازنة بين الالتزام بالشريعة وقيمة الأموال بالنسبة لمنتجاتهم

• تطوير وتعزيز الحلول المصرفية المتكاملة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية لإدارة الاستثمار والمعاملات والتمويل والتكافل والأصول والعقارات وكذلك إدارة الثروات.

• عرض منتجات وخدمات متوافقة مع الشريعة الإسلامية بطريقة تكون في متناول اليد وبطريقة يسهل الوصول إليها

• تطوير المزيد من منتجات التكافل وخاصة تلك المتعلقة بالمعيشة والاستثمار

• إقناع السلطات بتعديل والسماح للأدوات والصكوك الإسلامية أن يكون لديها فرصاً متكافئة مع الأدوات الأخرى من حيث الضرائب والأمور التنظيمية.

الآن - بدر العنزي

تعليقات

اكتب تعليقك