رحلة البحث عن النفط اللبناني
زاوية الكتابكتب أغسطس 27, 2012, 9:20 م 1909 مشاهدات 0
يمكن تعريف لبنان في الوقت الحاضر بانه دولة عربيه ديمقراطيه تعدديه جمهوريه دستوريه ذات تعقيدات طائفيه ينتمي الى فئة الدول المستدينه بشكل عام لمواجهة ازماته . ويظهر ذلك جلياًمن خلال المؤشر الرئيسي الذي يقيس الدين العام (31.3 مليار دولار في آخر 2002)الى حوالي 60 مليار في الوقت الحاضر على امل ان يصبح دولة عظمي عنداحتمالات اكتشاف واستغلال النفط، بكميات تجارية .هذه الصورة المالية المظلمة الغير واضحه، تسمح بالاعتقاد، في ظل افتراض ان اي انتاج محتمل للنفط لن يكون متوافراً بشكل ملموس قبل أقل من سنتين من انطلاق العمل الجدي الفعلي،,وهذا لم ولن يكون في ظل الظروف السياسيه الراهنه .فالدولة مفلسة وان النتائج الايجابية المنتظرة لن تكون كبيرة على المدى المنظور.واذا كان الساسة في لبنان لا يوجد ما يجمعهم سوى ماتش في كرة القدم . فأن استخراج النفط والغاز من باطن البحر يستلزم جهود جباره . وللأسف هذه المواضيع لا تستورد من الخارج , الا اذا سلمنا بها جدلا وعندها نقول على لبنان السلام .وبالعودة إلى أبريق الزيت والدولة النفطية التي لا يوجد فيها نفط، ففي العهود السابقه خرج رئيس الجمهورية الراحل سليمان فرنجية عن صمته وقرر أن يجعل من لبنان دولة نفطية،وفي وقتها لم تكن الدولة ترزخ تحت دين يعرضها للبيع في المزادات . ففتش وصال وأعلن فختم بطلب من د.زياد بيضون إعداد مذكرة موجزة عن الوضع النفطي في لبنان رغبة منه في تكوين فكرة عن الإمكانيات النفطية للبلاد، وقد كان مقتنعا بأن لبنان يحوي كميات كبيرة من الغاز،كما ان فكرة سويسرا الشرق كانت موجوده . فلبنان كان متلقى الحضارات والاحبه ولا ينقصه سوى البحبوحه الماليه . وفي ضوء الطلبات التي تقدمت بها بعض الشركات العالمية والوقوف على اقتراحاته بهذا الشأن قرر المضي قدما في الملف. فكان ان استصدر في 31 تموز 1975 المرسوم 10537 القاضي بوضع موضع التنفيذ القانون المعجل، المحال الى مجلس النواب بموجب المرسوم رقم 10095 تاريخ 11 نيسان 1975، أي قبل يومين فقط من اندلاع الحرب الأهلية. وقد رمى ذلك المرسوم إلى الترخيص لوزارة الصناعة والنفط بإعادة النظر في الامتيازات الممنوحة للتنقيب عن النفط واستثمارها لحساب الدولة. ولا يخفى على احد أن الرئيس كان مصمما وقتها لأن الإجراءات التي اتخذت كان لها الطابع الجدي. وفكر الناس وقتها في أن الغاز سيصبح بمتناول الشعب.وعلى الرغم من وحدة القرار ومركزية السلطه في عهد الرئيس فرنجيه كان هنالك وقت يهدر . فالغاز ما زال في باطن الأرض والنفط مخزن في البحار عله تنقلب الأمور ليستفيد منه الجيران او الأسماك والحيتان .
إن الفرصة الذهبية التي سنحت للبنان في صيف 1975 لدخول لبنان نادي البلدان العربية المنتجة للنفط ضاعت مع اشتداد وطأة الحرب، وضاع معها الحلم اللبناني .دخلت بوسطه عين الرمانة على الخط وطلبت من مجلس الوزراء إحالة ملف النفط لتختم عليه مجددا «سري للغاية وممنوع من الاطلاع» وطوي ملف التنقيب عن النفط إلى ما بعد انتهاء الحرب في مطلع التسعينيات، والمفارقة ان البوسطه جددت وحددت ووضعت في مكانها, انتهى عهد البوسطه وهي الفترة التي استقالت من مهمتها مخلفة مئات الآلاف من الضحايا والدمار. ضاعت معالم الآبار واخفت البوسطة الخرائط ليخرج بعدها الأستاذ اسعد رزق وبشكل مفاجئ متحدثا بالموضوع ومكلفا شركة «شلومبرجيه» بإجراء مسح زلزالي للمنطقة البحرية قبالة ساحل طرابلس واعدا بالأمل في أن لبنان القريب دولة نفطية وقد ذكر في عدة مؤتمرات أن النفط موجود في المياه اللبنانية وبكميات تجارية استهلاكية وإمكانيات استخراجية مشجعة ولكن متى يستخرج وكيف . يبقى الموضوع دائما في علم الغيب .
اما الدراسات التي بدأت مع ظهور دولة لبنان الحديث .الدولة المنبثقة عن مؤتمر الطائف القائم على الأتفاقات والترويكه والثلاثيه والرباعيه وغيرهاففي الدراسة التي أعدتها شركة سبكتروم البريطانية، وغطت مجموع 39 خط زلزال وأظهرت أن كل العناصر الضرورية للعمل موجودة في المياه اللبنانية، خصوصا الجزء الشمالي منه وذكرت أنها على استعداد لبدء العمل وان النفط حقيقة في لبنان لا وهم وان النفط الموجود بكميات ضخمة جدا يكفي لسد حاجات لبنان لفترات طويلة جدا ومن الممكن أن تجعل هذه الثروة بلدا يمتاز بالسياحة دولة اقتصادية نظرا إلى صغر المساحة وقلة عدد السكان.
اختفت الشركة واختفت معها المخططات وختم على الملف «سري للغاية وممنوع من الاطلاع» وفجأة ظهرت شركة «بي. جي. اس» النرويجية، ومعروف أن النرويج دولة نفطية لها تجربتها في هذا المجال، وتتمتع بخبرة عالية. وتم توقيع اتفاقية تعارف معها من أجل الاستفادة من خبراتها في مجال الاستكشاف والتنقيب. وكما العادة وتوصلت شركة «بي. جي. اس» من خلال دراسة أجرتها إلى وجود ملايين الإشارات «النفطية» مما يرفع نسبة احتمال وجود كميات تجارية إلى 50%. وبحسب مهندس الشركة المشرف على حملة التنقيب هلغ سمي، فإن هناك احتمالا لان يمتلك لبنان محزونات تصل إلى 8 مليارات برميل.
يعني حاجات لبنان لسنوات طوال، يعني سد العجز، يعني عودة لبنان المغترب، يعني سويسرا الشرق، عودة الخبرات، عودة لبنان الأخضر، عودة بيروت تكتب وبغداد تطبع، عودة الأرز والثلج، عودة الفصول وقد خلصت الدراسة إلى وجود كميات من النفط في المياه الساحلية الممتدة من البترون إلى صيدا، كما أثبتت الدراسة ان الشروط والعوامل الجيولوجية التي تحكم وجود النفط في منطقة معينة أصبحت محددة، وهي غطاء رسوبي كثيف يتنوع بين صخور صلبة مشققة او ذات مسام عالية وصخور طينية ذات وجود عضوي عال، عاد الأمل الى لبنان.
ولكن في هذا المضمار كم نتمنى أن تكون العودة موفقة، كم أتمنى أن يكون كلام الخبير النفطي المستشار د.صادق ملحم في غير محله، عندما قال لي ان لبنان كان دولة نفطية دون نفط وسيبقى كذلك. لأن تجربة المستشار حديثة العهد، فكيف يستخرج النفط من البحر والطوائف والأحزاب والرؤساء والوزراء والنواب يتخاصمون على تعيين لجنه بسيطة بشروط شبه تعجيزية مفصلة على جسم فلان وفلان؟!
فكيف يكون لبنان دولة نفطية ونحمي مخزوناته في عرض البحر في الوقت الذي فيه الدولة تقف حائرة عن حماية مواطنيها. كيف يكون لبنان دولة نفطية والصراعات والنزاعات والمحسوبيات موجودة؟!
إن لبنان لم ولن يكون دولة نفطية في القريب العاجل إلا إذا حدثت معجزة ووقف جميع السياسيين في لبنان جنبا إلى جنب حاملين لافتات كتب عليها نريد لبنان دولة نفطية. وافضل سلاح لنا كلبنانيين ان نأخذ العبر من كل ما عانيناه في السابق وان نحافظ علىمصالحنا العليا، وان ندافع عن استقلال دولتنا وسيادتها
انالديون التي ينوء شعبنا تحت وطأتها ـ وقد قاربت الستين مليار دولار ـ يمكن الأملبتسديدها من هذه الثروة الوطنية الهامة.على السياسيونالذين أوقعونا في هوة الدين، الدفاع عن هذه الثروة وحسن استغلالها لمصلحة الشعبوالدولة .على الجميع ان يعي ان لبنان سدد فواتيره منذ زمن بعيد . لبنان العرب للجميع . من مشارق العرب الى مغاربهم .لبنان السلام والأرز سيبقى دائما هكذا وبهمة العرب .
بقلم المستشار القانوني الدكتور محمود ملحم
تعليقات