عن سر أسرار الثورة السورية!.. يكتب الشيباني
زاوية الكتابكتب أغسطس 24, 2012, 10:17 م 1055 مشاهدات 0
القبس
سر أسرار الثورة السورية
د. محمد بن ابراهيم الشيباني
عجيب امر هذه الثورة في سوريا، واكبر العجب فيها ان من قاموا بها من اعضاء حزب البعث، ومن عناصر الامن، ونحو ذلك، ويمكن القول بوضوح وثقة ان اقل نسبة للبعثيين هي من اهالي حلب ودمشق، وان اكبر نسبة تركز في درعا وادلب وسائر الريف السوري خاصة.. لكن اعجب العجب ان تقوم الثورة على ايدي هؤلاء ابناء الريف والمدن الموالية، فما السر في ذلك؟!
السر ان حزب البعث عندما ولد اسس على باطل وشعارات براقة تخدع الاطفال المراهقين، وتقوم على بعث الهمة والنشاط فيهم، تعدهم وعودا براقة بتحقيق احلامهم في الوحدة والقوة والعدالة.. وقد انخدع جيل من هؤلاء بهذه المبادئ، وكبروا عليها، وظلوا يحيون عليها وبها، وانشؤوا الاجيال التالية على مثل ما نشؤوا عليه من الاوهام والاحلام الكاذبة، ولكن لتحقيق اهداف خاصة بهم، وليس لهذا الجيل الجديد الذي استغلوه أسوأ استغلال، وبنوه، والاجيال التالية، أسوأ بناء، ليكون منه جيل آخر اعمق اقتناعا بالفساد، وحبا له وألفة به..!
وهكذا جيلا بعد جيل وعلى مدى خمسة او ستة عقود، وبعد تسلط فئة انحرفت عقائدها، وتخفي معها اهدافا شخصية تسلطية، ظهر حافظ الاسد، وسيطر على الجيش، وتوسع في إحداث المؤسسات الامنية.. بهدف زرع الرعب والخوف في قلوب الجميع، بعثيين وغير بعثيين، ليحكم السيطرة على الشعب بأساليب امنية يقوم بها الجيش والامن بمختلف فئاته، فيخنع ويطيع، وان كان يخفي تحت مظاهر الطاعة والمحبة درجة من الكراهية والاشمئزاز، فيبدو المجتمع ديموقراطيا جميلا آمنا ينتخب رئيسه واعضاء مجلس الشعب، ومجالس المحافظات، ولكنهم كلهم في الحقيقة معينون سلفا، مفروضون على الشعب الذي يظهر الرضا، ويخفي السخط والنقمة.. وهذا عين ما يطلبه النظام من الشعب.
وهكذا ولدت في المجتمع السوري ثلاث فئات مستمرة: فئة القادة ذوي الاهداف الطائفية السرية الشخصانية، ويمثلها حافظ الاسد الذي اسسها وخطط لها، ومن ورائه اعوان سريون، مجلس طائفي يلتقيه في قريته، وله عليه سلطة كبيرة، كما صلات بالخارج المماثل له، تقوم على التعاون والمكر للايقاع بالشعب، وفئة البعثيين ممن كبروا وهرموا، وسلموا مناصب كبيرة اسمية لا فعلية، ومنهم مصطفى طلاس، وخدام، والزعبي، وحجاب.. على سبيل المثال، فهم وزراء وقادة ورؤساء وزارة، ولكن لا دور ولا فعل حقيقيا لهم، ولا ادل على ذلك من اغتيال الفئة الاولى لمحمود الزعبي، رئيس الوزراء من الفئة الثانية، لانه رفع رأسه قليلا، وتكلم حينما انتقلت السلطة الى بشار!
ثم الفئة الثالثة، اجيال الطلبة (منظمة طلائع البعث ومنظمة شبيبة الثورة) وهم من الفكر الذي استورده الاسد من كوريا الديموقراطية كوسيلة للسيطرة على الاطفال والمراهقين وغسل رؤوسهم من تراث الآباء، وتربية الاسلام، واشباعهم بمبادئ البعث الشبابية البراقة، وبحب البعث الذي يعبد بعد الله، وطاعة الاسد الى الابد طاعة عمياء.. وتقديم الولاء الاعمى له ولنظامه حقيقة او تظاهرا، وهو راض بذلك سعيد به.
يضاف الى هذا ان الفئة الاولى تسترضي رجال الدين بالترغيب او بالترهيب، رجالا ونساء، وتحقق لهم مكاسب شخصية كبيرة مقابل السيطرة على المساجد وضبطها وفق ما تريد هذه الفئة.. لهذا ادعى هؤلاء الرجال ان السلطة مؤمنة، الرئيس مؤمن بدليل اقامة معاهد الاسد لتحفيظ القرآن، وامثالها برعاية الحسون والبوطي ومن لف لفهما، ولكن ذلك كله تحت إشراف الأمن وتبعيته المباشرة او غير المباشرة.
لكن هذه الفئة، وقد توهمت انها نجحت وحققت اهدافها، وسيطرت على العباد والبلاد الى الابد، نسيت ان هناك فئة رابعة خفية تسكن في نفوس الجميع، يعشش في لاوعيها وفي اعماق كل منها تاريخ 1500 سنة من الايمان والبطولات، والقصص الحق، وهي تنتظر اللحظة التي تصحو بها، وتتمرد على هذا الباطل الذي اسست عليه.. وكان ذلك بأيدي مجرمي الفئة الاولى الذين ظنوا انهم بقوتهم وقسوتهم يفعلون ما يريدون.. ولكنه المارد المسلم المؤمن تحرك عبر السنين في قلب كل من تلقى في بيته تربية الايمان، وسمع بقصص الاجداد وسيرة الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة الكرام.
فانقلبوا من البعث الى الانبعاث، ومن الباطل الى الحق، ومن المسالمة الوهمية الى العداوة الحقيقية الحقة.. وكانوا الفئة الجديدة التي تمخضت عن الفئات السابقة من ابناء البعث وغيره، ولكن ليس من ابناء الفئة التي لا تعرف نفوسها واعماقها الا الباطل والحقد على كل ابناء الشعب.
انها الفئة التي يمكن ان ندعوها الرابعة، الفئة التي تضم الجيش الحر، وكل حر.. هي التي قلبت المفاهيم، واعادت الاصل، وسارت في طريق التحرير.. طريق العودة الى الاخوة في الله! والله المستعان.
تعليقات