'ملغوم'.. الديين واصفاً طعن الحكومة في المادة الثانية من قانون الدوائر
زاوية الكتابكتب أغسطس 22, 2012, 9:42 م 803 مشاهدات 0
عالم اليوم
طعن ملغوم في المادة الثانية!!
أحمد الديين
مثلما هو معروف فإنّ الحكومة عندما بدأت تروّج عن عزمها تقديم طعن بعدم دستورية نظام الدوائر الخمس، فإنّها كانت تركّز على جانب محدد بل وحيد يتصل بعدم عدالة توزيع أعداد الناخبين بين الدوائر الانتخابية، لتتمكن بعد ذلك من تفصيل النظام الانتخابي على مقاسها من حيث عدد الدوائر وتوزيع المناطق عليها وتحديد عدد الأصوات التي يستطيع الناخب أن يدلي بها، وذلك على نحو يتيح لها المزيد من التحكّم في العملية الانتخابية ومخرجاتها.
ولهذا لم تكن الحكومة أبدا في وارد الطعن في عدم دستورية ما أثاره الدكتور محمد المقاطع من طعن في عدم دستورية تقييد حقّ الناخب في اختيار أربعة مرشحين فقط لملء المقاعد النيابية العشرة التي تمثّل كل دائرة انتخابية من الدوائر الخمس، ذلك أنّ السلطة كانت ولا تزال تحاول فرض المزيد من هذا التقييد على حقّ الناخب في الاختيار بحيث ينحصر في التصويت لمرشح واحد يملأ مقعدا واحدا فقط وليس أربعة مقاعد من بين المقاعد العشرة في كل دائرة، بحيث تتوزع أصوات الناخبين وتتجزأ اختياراتهم؛ ولا يعود بالإمكان تشكيل أي كتلة نيابية متجانسة سياسيا داخل مجلس الأمة، بما يكرّس الطابع الفردي للعملية الانتخابية ويعزز الطابع الفردي للعمل النيابي على نحو أسوأ مما هو عليه الآن، وذلك ليسهل للسلطة التحكم أكثر ليس في العملية الانتخابية فحسب، وإنما التحكّم في مجلس الأمة المقبل والمجالس اللاحقة المكوّنة من تشكيلة واسعة من الفسيفساء النيابية التي لا يجمعها جامع!
ولكن أمام مطالبات بعض الأطراف المؤيدة للطعن في عدم دستورية النظام الانتخابي - مثل «المنبر الديمقراطي» و«التحالف الوطني»- التي حذرت من تقديم طعن جزئي وطالبت الحكومة بأنّ يكون طعنها شاملا، اضطرت السلطة إلى التراجع تكتيكيا عن حصر الطعن في المادة الأولى وحدها من قانون إعادة تحديد الدوائر الانتخابية فشملت بالطعن المادة الثانية أيضا التي تحدد عدد الأصوات التي يدلي بها الناخب، ولكنها لم تتخل عن أسلوبها المعتاد في المناورة والالتفاف حيث قدمت طعنا ملغوما في المادة الثانية - أقرب إلى أن يكون دفاعا عن هذه المادة - يفتح الباب أمام المزيد من التقييد لحق الناخب في الاختيار وليس العكس... إذ يتحدث طلب الطعن الحكومي غير الجاد في صدد هذه المادة عن “التأكيد على ضرورة تقنين حق الناخب في انتخاب العدد المناسب من مرشحي الدائرة، حرصا على سلامة تمثيل الأمة تمثيلا صحيحا وعادلا”، ما يعني أنّ الحكومة لا تطعن في تقييد حق الناخب وإنما تؤكد ضرورته... بل أنّ طلب الطعن الحكومي يتمادى في الدفاع عن المادة الثانية ويبررها بدلا من أن ينقضها وذلك عندما يستدرك على خلاف ما هو مفترض به أن يكون، بالقول “إلا أنّ المادة الثانية من القانون محل الطعن من خلال الأخذ بنظام التصويت المحدود لأربعة مرشحين للناخب قد استهدفت المحافظة في تمثيل جميع الشرائح والأطياف بالمجتمع وعدم حرمان أي فئة أو طائفة منه في المشاركة والتمثيل بالمجالس النيابية وتحقيق العدالة التي تستهدف الصالح العام ومصلحة الوطن بأسره”... وأخيرا، حتى لا يلتبس الأمر على أحد، فقد كشفت الحكومة صراحة عما تريده من وراء تقديم طعنها غير الجاد في المادة الثانية عندما أكدت في طلب الطعن أنّ “الأمر قد يتطلب تحديدا أكثر يراعي تمثيل شرائح المجتمع وأطيافه على نحو أفضل وفقا لمقتضيات وظروف المجتمع الكويتي”... أي أنّ المطلوب سلطويا هو المزيد من تقييد حقّ اختيار الناخب.
هذا الطعن الملغوم في المادة الثانية يُفترض أن يكون دليلا كافيا على حقيقة نوايا السلطة، ولكن يبدو أنّ هناك مَنْ لم يتعظ بعد من سجلها الطويل في المراوغة والمناورة لتحقيق أهدافها عندما تعجز عن الوصول إليها مباشرة!
تعليقات