الأحداث الأخيرة من مسلسل عمر
زاوية الكتابكتب أغسطس 21, 2012, 3:19 ص 2624 مشاهدات 0
لمْ يخلو مسلسل عمر كغيره من المسلسلات التي تتناول السير من الأخطاء التاريخية والفنية حيث ذُكرت أحداث تاريخية مهمة بصورة سريعة لمْ تنل حظاً من متعة المشاهد, كما غفل المسلسل عن أحداث أخرى لا تقل أهمية عن غيرها في نفس الفترة التي تناولت زمن خلافة عمر. لعل يُعذر بذلك خشية الإلتباس لدى الجمهور إذا ما علمنا بأنهم من فئات وشرائح ومراحل سنية وتعليمية مختلفة.
الأحداث التاريخية في الحلقات الأخيرة من مسلسل عمر كمعركتي اليرموك والقادسية كانت من الحلقات المميزة التي تطرقت إلى الفتوحات الإسلامية في بلاد الشام وبلاد فارس. ولسوء الحظ لم تتجسد تلك الحروب والشخصيات بالشكل الدرامي الصحيح كما كانت متوقعة, فخرجت تلك الحروب والإنتصارات بصورة لاتُطابق ما كنا نقرأ في كتب المعارك الإسلامية. ما يميز معركتي اليرموك والقادسية بأنهما من أولى المعارك التي تمت خارج الجزيرة العربية ولأول مره كانت أطرافها من أعراق مختلفة, ففي اليرموك كان القتال بين الروم والعرب والقادسية كان القتال بين الفرس والعرب. هذا الإنتصار الحضاري الإسلامي للأسف لم يجسد بما يعكس حجم وأهمية تلك الحروب التي يدين مسلموا تلك الأمم بفضلها إلى الفاتحين العرب.
ولأن هدف الفتوحات الإسلامية هي هداية الناس إلى دين الحق فقد دخل إلى الإسلام أمم كانت أنعامهم أهدى منهم إيمانا كحال الفرس أو من الديانات السماوية الأخرى كحال الروم. يرجع الفضل بعد الله في إسلام أهل فارس تحديداً و إتباعهم دين الله بعد إتباعهم دين شرعته نار مقدسة زعموا إلى عمر بن الخطاب. لقد جعل الله عمر الفاروق سبباً أنذاك في هداية الفرس إلى دين التوحيد جبراً بعد أن يأس من هدايتهم طوعاً, وجعل عاليها من أل كسرى على قدر سافلها بعد معركة القادسية, فرحم الله عمر يلقى الله وفي ميزان أعماله أقواماً من فارس كان سبباً في عتقهم من النار. كما أخرج المسلسل حادثة اغتيال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على يد أبو لؤلؤة المجوسي بشكل درامي جيد وبات واضحاً جلياً لدى المشاهد بأن مبررات تلك الخيانة هي إطفاء نار المجوسية على يد عمر بن الخطاب, وسقوط الإمبراطورية الفارسية الكافرة وتحولها إلى أرض إسلامية يحول خراجها إلى المدينة لو لا أن عمر منع الخراج على الأراضي المفتوحة.
لم يعرف أؤلئك الأعاجم هذا الفضل لعمر بل قابلوا ذلك الفضل بالجحود ليأكدوا مقولة خيرٌ تفعل شرٌ تلقى, ففي ايران يوجد قبر جعل مزاراً دينياً لذلك الجبان أبو لؤلؤة المجوسي قاتل عمر, ولاتزال شرذمة تدعي نسباً إلى ذلك الجبان وتتفاخر بإنجازاته في قتل أمير المؤمنين. ترعى الحكومة الإيرانية ذلك المزار وترفض أي دعوة لإزالته أو هدمه حتى لو كانت لمساعي التقارب والتوحيد بين المذاهب الإسلامية بما يعكس ذلك إعتقادهم وبإقرارهم بما قام به سليلهم أبو لؤلؤة المجوسي.
لا زال في نفوس أولئك القوم حتى يومنا هذا شيئاً من الإنتقام لشخصية عمر تحديداً على الرغم من إتباعهم لنفس الدين إلا أن أسباب الإنتقام ولا تخفى على الفطن قيام الفاروق بدك أركان الدولة الفارسية التي انتشر فيها الفساد الأخلاقي والإجتماعي والديني حتى اشتهر بين كسرواتهم زواج المحارم وطوام سطرتها أدبياتهم, كما لا ينسى أولئك الأعاجم سوق قادة جندهم سوق أنعام الصدقة إلى ولي أمر المؤمنين ليقضي فيهم ما شاء, ولا تزال أمةٌ منهم تتباكي على بنات كسرى اللاتي أٌخذوا سبياً من قصورهن مكرهات. لم يدركوا الأعاجم بأن لولا القادسية لظلوا يتقلبوا في نار نيروز تكوي وجوههم وظهورهم حمقاً وجهلاً, أوهكذا رد الجميل يا عجم. مات عمر بن الخطاب غدراً بأيدي مجوسية في محراب مسجد رسول الله بعد أن يأسوا من مواجهته في ميادين المعركة وذلك دأب الجبناء من أصلابهم إلى يومنا هذا.
نواف بعيجان المطيري
تعليقات