عيد الرحمة

زاوية الكتاب

كتب 1069 مشاهدات 0

د. فاطمة الشايجي

تقبل الله طاعتكم وعساكم تعودونه وكل سنة وتصومونه . أتقدم بالتهنئة للوالد القائد سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه، و للشعب الكويتي والشعوب الإسلامية بحلول عيد الفطر السعيد ، جعل الله أيامنا وأيامكم كلها أعياد ، ونتمنى أن يعم الأمن والأمان في كويتنا الحبيبة وبلاد المسلمين أجمع .

ظهرت لنا فكرة وثيقة رمضان باسم ' الأمة مصدر السلطات' للتوجه فيها إلى قصر الأمير بعد عيد الفطر السعيد ، وسواء توجهوا بها أو تراجعوا عنها، فإننا نطرح فكرة وثيقة تحمل اسم  'الرحمة' فهي ما يجب أن نتوجه به إلى قصر والدنا وقائدنا حفظه الله ورعاه.

وثيقة الرحمة يجب أن يقدمها الشعب الكويتي بأكمله ويعتبروها رصاصة الرحمة ، لتبقى الكويت صامدة وسط التغيرات السياسية التي تحدث بالمنطقة ، ولتظل آمنة من أي خطر يهددها سواء كان من الخارج أو الداخل ، ولتستمد صمودها من شعبها الذي عانى قبل سنين وشعر كيف يمكن أن يكون الإنسان بلا هوية بدون وطن.

وثيقة الرحمة يجب أن تحمل في طياتها تآلف القلوب بين أبناء الشعب الكويتي ، والتعاون على بناء الوطن وليس هدمه ، ودرء الفتنة ، فهناك من  يسعى لشق الصف بين أبناء الشعب والتي ستحرق الوطن بأبنائه ، وأن يبقى الوعد والقسم و الولاء لولي الأمر ، والإخلاص في حب الوطن ، والعمل من أجله، والبعد عن صناعة الإشاعات وترويجها .

وثيقة الرحمة تحتاج عند صياغتها وتوثيقها إلى حب الوطن بصدق ، وإلى الشعور بالمواطنة ، وإلى التحلي بأخلاق المؤمن الصالح الذي يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، والبعد عن الحسد ، والغيرة والتحلي بأخلاق المؤمن الصالح الذي يمنع نفسه عن القذف بأعراض الناس، ومن السخرية بعقولهم.

وثيقة الرحمة تحتاج منا كشعب ، بما أننا مصدر السلطات، أن نعي مواد الدستور كما ينبغي له وليس كما يريد البعض. فعندما يقول البعض بأن الأمة مصدر السلطات ...لابد أن نسألهم : من تقصدون بالأمة؟ .... هل هي الأغلبية التي تنازعت على صيغة الوثيقة ؟ أم هي التي تتنازع على الحكم لمن ؟  يجب أن يعرّفوا 'الأمة' التي يزجوا بها في كل صراع سياسي لنعلم هل نحن منها أم خارج منطقة التغطية الأممية . هل هي الأمة العربية ؟ أم الإسلامية؟ أم الكويتية؟ أم الأغلبية؟

لقد بيّن لنا الدستور في المادة الأولى أن 'الكويت دولة عربية مستقلة ذات سيادة تامة، ولا يجوز النزول عن أو التخلي عن أي جزء من أراضيها وشعب الكويت جزء من الأمة العربية' وبهذا نفهم أن المقصود بالأمة هنا الشعب الكويتي ، وتأتي المادة السادسة 'نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميع، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور' .

وهنا يجب أن نقف لنوضح المقصود بهذه المادة ، فنحن بالفعل كشعب كويتي أمة ونحن مصدر السلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية ، ولكن يجب علينا أن لا نتوقف عند 'السيادة فيه للأمة مصدر السلطات' بل يجب أن نتمعن بباقي الجملة والتي تقول 'وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور' ، ونحن هنا لا نناقش حقوق وواجبات المواطن ، وإنما نناقش السيادة لمن ؟ وكيف يمكن أن تكون؟ وهي محددة بالفعل بالدستور.

          فالمادة (51) تؤكد أن  السلطة التشريعية  ' يتولاها الأمير ومجلس الأمة وفقا للدستور' والمادة (52) تشير إلى أن  السلطة التنفيذية 'يتولاها الأمير ومجلس الوزراء على النحو المبين بالدستور' ، والمادة (53) تبين أن السلطة القضائية  ' تتولاها المحاكم باسم الأمير، في حدود الدستور'.  وتأتي المادة  (50) لتحدد طبيعة العلاقة بين هذه السلطات فهي كالآتي ' يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات مع تعاونها وفقا لأحكام الدستور، ولا يجوز لأي سلطة منها النزول عن كل أو بعض اختصاصها المنصوص عليه في الدستور'.

وللتوضيح أكثر فعندما نقول أن 'السيادة فيه للأمة مصدر السلطات' هي بالفعل كذلك ، فالأمة الكويتية من خلال مجلسها البرلماني تمارس سلطتها الرئيسية والتي هي بالفعل مصدر السلطات ، فالسلطة التشريعية هي أساس السلطات فبدون تشريع للقوانين لن يكون هناك تنفيذ لحكم القضاء، وبناء عليه فإن وثيقة 'الأمة مصدر السلطات' لن تأتي بجديد فنحن كذلك، ونحن من سنأتي بجديد من خلال وثيقة الرحمة ... وكل عام وأنتم بخير وعيدكم رحمة بإذن الله.

 د. فاطمة الشايجي

الآن: رأي- د. فاطمة الشايجي

تعليقات

اكتب تعليقك